ابحث عن

حوار مع المصممة الطبيبة ميادة عادل

حاورتها من باريس : أجوك عوض

المقدمة
إن كان خيال الشعر يرتاد الثريا،فإحساس الفنان العميق بالإنسانية كقيمة وجوهر يغوص بين طيات النفوس ومكنوناتها ليرسم لوحة معبرة عن الإحساس بمعاناة الآخر، ويخط نصاً ينضح صدقاً و نبلاً ؛هكذا استطاعت المصممة والطبيبة والناشطة في المجال الانساني ميادة عادل ذات الخمسة وعشرين ربيعاً أن تصنع لنفسها توقيعاً مختلفاً

وبصمة خاصة بها خلال سعيها الدؤوب من أجل خلق واقع أفضل يليق بإنسانية الإنسان مجردة وقوفاً على الصورة الحقيقية بزيارة معسكرات اللاجئين الجنوبيين بولاية النيل الأبيض ومن ثم نقلها من هناك للعالم عبر مشاركتها في UNESCO PARIS AFRICA FASHION  RECEPTION المقامة في باريس بمجموعة أزياء حملت عنوان {السودان و جنوب السودان} لتترجم  بطريقة فعلية أمانيها في الجمع بين شعبي السودان وجمهورية جنوب السودان بعد أن فرقتهم السياسية وتداعياتها. بفكرة تسلط الضوء على المواد البسيطة وإعادة استخدامها بلمسة فنية تنفع الناس بعيداً عن زبد السياسة و خطبها الإنشائية الخاوية .معاً نفرد الشراع لنبحر فيما روت المصممة الطبيبة ميادة عادل
_ تم اختيارك لتمثيل السودان في المحفل العالمي الذي نظمته اليونسكو مؤخراً في باريس برعاية الأمم المتحدة و لكنك شاركت بمجموعتك الأخيرة "السودان و جنوب السودان "كنا نتساءل لماذا الإصرار على حضور جنوب السودان من خلال مشاركتك وقد أصبحت دولة أخرى؟  
نوع المادة المقرر المشاركة بها لم يكن مفروضاً على المشاركين بل كان قرار الاختيار شخصياً بحيث يتاح لكل فرد تمثيل بلده بالطريقة التي يراها مناسبة ،وموضوع الجنوب بالنسبة لي على درجة من الحساسية في وجدان فنان،فقد عشت في السودان و كان لدي أقران و أصدقاء جنوبيين كنا نلعب معهم وغادرت السودان بعد الانفصال الى المملكة العربية السعودية طوال تلك الفترة كانوا مرتبطين  معي من خلال ذكريات الطفولة فوجدت أن موضوعهم احتل حيزاً من تفكيري وشغلني وعندما عدت الى السودان تسنى لي زيارة مخيمات اللاجئين الجنوبيين بولاية النيل الأبيض كوستي من خلال عملي مع منظمة الصحة العالمية {w.H.O} في العام 2017م حيث زرت كلاً من معسكر الكشافة ،خور الورل و أم صنغور و جلست الى النساء هناك و استمعت اليهن طويلاً وكان من ضمن من قابلت سيدة تدعي ميري كانت تقوم بصناعة "الاوغارا" وهي نوع من الحلي تتزين به نساء جنوب السودان و كانت ملهمتي لابتكار و تصميم المجموعة التي شاركت بها،  كما سعيت من خلال زيارتي للمخيمات لفهم طبيعة حياة ومعاش أهلها وفور عودتي من النيل الابيض عملت لاستكمال الصورة بغية تطوير الفكرة فقصدت سوق امدرمان و شارع الغابة للوقوف على المصنوعات والمنحوتات اليدوية التي يصنعها بعض أبناء جنوب السودان ،بالإضافة لذلك كانت هناك منظمة فرنسية درجت على عقد ورش وأعمال ذات طابع علائقي جغرافي ، سياسي وتأريخي بجنوب السودان كنت أحرص على حضورها بدافع التطوير.
_لماذا الفلكور والمصنوعات والفن الجنوب سوداني ما الذي استهواك ولفت انتباهك؟
لفتتني الألوان القوية لانها تظهر كل المعاني دون كلام،شكل الملبوسات و فكرة "اللاوا" ،لفتني إهتمام النسوة في مخيم الكشافة بصناعة الحلي بغرض التجارة لتوفير احتياجاتهن و الاستعاضة بها عن صناعة الخمور البلدية حتي لا يكن عرضة و هدفاً لحملات التفتيش،الشرطية و السجن كما لاحظت أنهن يجدن السلوى والملاذ في تلك الأعمال التي يجدن فيه نوعاً من التسلية لتناسي الظروف القاسية التي تعرضن لها فيحاولن إخفاء كل ذلك بالأهازيج و الرقص لخلق جو مختلف .
_قبل انفصال جنوب السودان شهد السودان صراعاً سياسياً لدواعي الإقصاء والتظلم ولم تكن الثقافة بمعزل عنه وعليه هناك من يرى أن ما تقومين به  إزاء الفن الجنوب سوداني عديم الجدوي وبلا قيمة ؟
لم أنظر للموضوع من زاوية وجود قيمة أوعدمه ،بل نظرت للحاجة الوجدانية وكنت في حالة بحث عن جنوب السودان ،عما حدث ،كانت هناك حالة داخلية ؛تأثرت خالص لانفصال الجنوب نعم لم يكن لدي رأي واضح ولكن عندما عدت الى السودان وقفت على العنصرية التي يتعرضون لها والعقد  والإسقاطات النفسية التي تمارس تجاههم،القصة بها جوانب إنسانية فأردت عكس مصارعتهم للحروبات التي تعرضوا لها ومحاولة تناسيهم سوء الأوضاع بالمخيمات وعدم جنوحهم للتركيز مع الظروف الإستثنائية بالمخيمات.
في أكثر من محفل عالمي رياضي ثقافي يلاحظ ان السودانيين والجنوب سودانيين يشكلون لوحة تعبر عن وجدان مشترك وانتماء عميق بالرغم من واقع انفصال البلاد برأيك هل يعد ذلك مؤشراً في تقديرك لاحتمالية عودة الوحدة بين البلدين مرة أخرى؟
نتمنى ذلك ؛ولكن من الناحية السياسية لايبدو ذلك وارداً ،ونراهن على الجوانب الإنسانية و الاخوية فهناك ارتباط وجداني بين الشعبين بعيداً عن السياسة ،الأخوة الجنوبيين بالخارج يقدمون أنفسهم بأنهم سودانيون نموذج لذلك عارضة الأزياء الجنوبية أدوت.
_من خلال حديثك مع ميري تحديداً ما الذي كان دافعاً لإلهامك فكرة ابتكار و تنفيذ تصميم مجموعتك التي شاركت بها؟
حكت لي ميري عن حياتها البسيطة وروت لي تفاصيل ما حولها وعن أنها كانت تبيع ما تصنع من حلي الزينة للإنفاق علي أبنائها  فهي متمكنة و لديها رؤية،ففكرت في أن أنقل قصة كفاحها و ضرورة أن تكون هناك فرصة للتعرف على جنوب السودان بعيداً عن الحروب من خلال هذا الإبداع  ومعرفة المواد التي تشكلها وخلق فرص عمل لتسويق ما يصنعن؛راودتني تلك الفكرة عندما كنت في زيارة الى كينيا رأيت كيف يحاولن تسويق فكرتهن و كنت قابلت ميري قبل ذهابي الى كينيا ، و رأيت إمكانية لفت و جذب ما يصنعن للانتباه. قصدت تشجيعهن و توفير البدائل لاسيما وأن ذلك يتوافق مع جوهر رسالتي التي تقوم بضرورة  تمكين النساء من خلال بناء الثقة و التعبير عن الذات و الأهم من ذلك التمكين من خلال خلق فرص عمل للنساء اللواتي يعشن في المجتمعات الريفية العرضة للخطر في السودان و شرق افريقيا.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

120 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع