ابحث عن

مرض غامض يقتل 48 شخصاً ويهدد حياة 5 آلأف أسرة بالسودان

 

تحقيق ــ رفقة عبد الله

تواجه أكثر من (5) ألآف أسرة بمدينة ام درمان بالسودان خطر الموت بسب تفشي مرض غامض قتل 48 شخصاً حتى الآن وخلف مئات الإصابات تتلقى العلاج حالياً في المستشفيات دون ان يفلح الأطباء في تشخيص المرض.

وظهر المرض الغامض وسط عمال البناء والحفريات في مبان الاسكان الشعبي بمربع (73) أبو سعد محلية ام درمان، نهاية العام 2017 في شكل حالات محدودة قبل ان يتفاقم في أواخر العام 2018 بينما وصلت الحالات اليوم إلى أكثر من 300 مصاباً.

ويقع مشروع الإسكان الشعبي جنوب مدينة امدرمان مربع (73) حيث يعمل به ما يقارب (5) آلاف عامل تتوزع أعمالهم بين حفر المرافق الخدمية والبناء، منذ ان بدأ العمل بالمشروع في العام 2016 ويشمل أكثر من (5) آلاف وحدة سكنية.

وحسب المتابعات التي قامت بها (سلام ميديا) فإن عدد ضحايا المرض وصل إلى (48) حالة وفاة، منذ عام 2017، بينها (4) حالات توفت في نوفمبر، و (7) في ديسمبر (2019 ) و(6) حالات وفاة في يناير الماضي، ووصل عدد الاصبابات أكثر من 300 شخص.

وحسب أقوال عدد من المصابين وذوي المتوفين الذي قابلتهم (سلام ميديا) فإن أعراض الاصابة بالمرض تتلخص في ضيق التنفس وكحة شديدة بجانب صعوبة في الكلام، وتم تشخيص عدد من الحالات بـ "الدرن" وأخرى بتلوث في الصدر وغيرها من التشخيصات التي أتضحت لاحقاً أنها غير صحيحة.

وأصبح المواطينين يتسألون عن أسباب المرض المجهول الذي عجزت وزارة الصحة عن تشخيصه حتى الآن، وظلت وزارة الصحة الإتحادية تراقب المشهد دون تحركات سريعة وعاجلة، توقف تفشي المرضي.

الضحايا

أجرت (سلام ميديا) لقاءات متعددة مع الضحايا وذيوهم في منازلهم بعد ان رفضت المستشفيات استقبالهم بحجة عدم تشخيص المرض، ووجدت هؤلاء المصابون في أوضاع انسانية بالغة السوء، جراء تدهور حالاتهم الصحية وعوزهم وحاجتهم للمال الذي يتعالجون به.

وكان هؤلاء الضحايا يتقاضون أجوراً ضعيفة مقابل عملهم في البناء والحفر حيث تتراوح ما بين 150 ـ 200 للمتر، مقابل ارتفاع تكاليف العلاج رغم أنها عبارة عن مسكنات ودريبات، وليس لديهم من يساعدهم وبعضهم يعول أسراً، وبسبب هذه الأوضاع مات كثير من العمال.

يقول المريض اسحاق حامد، لـ (سلام ميديا) من داخل منزله بضاحية الأزهري جنوب الخرطوم، إنه يعاني من صعوبات في النطق والتحدث، وبدأت عليه علامات الإرهاق والتعب لكنه تغلب عليها، وروى لنا تفاصيل معاناته مع المرض قائلاً "قدمتُ من شمال دارفور بحثا عن العمل فالتحقتُ بالعمل في مشروع أبوسعد للأسكان قبل (6) أشهر من إصابتي بالمرض الذي ألزمني السرير الأبيض طوال (3) أشهر".

وأوضح إسحاق أنه ظل طوال هذه الفترة دون ان يتم تشخيص حالته الصحية بواسطة الأطباء، منوها إلى انه تلقى فقط عددا من الأقراص والعقاقير الطبية وهي عباره عن مسكنات للألم فقط، ولم يطرأ على حالته اي تحسن حتى الآن، وأشار إلى أن حالته الصحية تتدهور يوماً عقب آخر من خلال ضعف في بنية الجسم وفقدان الشهية. ولفت اسحاق الى التكلفة العالية في شراء الأدوية التي تبلغ قيمة الشريط الواحد منها أكثر من 700 جنيه وليس معه شخص يتكفل بعلاجه ولا يستطيع توفير المبلغ.

من جانبه حكى بكري عيسى، رحلة مرضه ومراحل العلاج داخل مستشفى الشعب التعليمي بالخرطوم قائلاً "أسكن حي الأزهري وأعمل بمشروع ابوسعد منذ ثلاثة سنوات وأقوم بحفر الآبار مسافة (6) متر داخل الأرض، واصبت بالمرض قبل سنة، ولم يتم تشخيصه حتى الآن والحالة الصحية في سوء وتدهور".

آدم بولس، هو آخر ضحايا المرض، حيث توفى فجر السبت يناير الماض، وكانت (سلام ميديا) التقته قبل الوفاة داخل مستشفى الشعب التعليمي، ووجدته في حالة متأخرة دون أن يتمكن الأطباء من تشخيص حالته.

تقول زوجة أحد الضحايا بابكر أحمد حامد، إن زوجها عمل في حفر الآبار أكثر من (3) سنوات، وأضافت "كان تعبان شديد وبداية الأعراض كحة وضيق في النفس والصدر، وعندما ذهبنا الى المستشفى لم يتم تشخيص المرض، عملنا صورة للصدر بالمستشفى التركي فؤجنا بأن الصدر أسود اللون".

وتابعت "وبعد شهور من المعاناة توفى زوجي بداخل مستشفى القضارف ولم يأت المسؤلين بالمشروع رغم معرفتهم بمرضه ومن هنا اناشدت من وزير الصحة الاتحادي في الحكومة الانتقالية الاسراع معرفة المرض الذي دمر حياه الكثير من العاملين".

نفايات

وحسب أقوال العاملين بمشروع الإسكان وسكان منطقة ابوسعد (73) جنوب ام درمان فان مكان مشروع الاسكان كان مقبرة للنفايات الطبية وبه الكثير من النفايات الأخرى ولا يصلح للسكن كما يوجد تلوث في مياة الشرب.

ويعتقد ذوي الضحايا أنهم تعرضوا لاشعاعات منبعثة من التربة أثناء عمليات الحفر التي قاموا بها لدورات مياه منازل الإسكان الشعبي.

وأصدرت ادارة الصحة المهنية بوزارة الصحة قراراً بوقف العمل فوراً بمشروع ابوسعد للإسكان، لحين فحص العينات من التربة والماء لمعرفة أسباب الإصابة بالمرض.
لكن بعض العاملين بالمشروع قالوا إن هنالك عدد من العمال ما زالوا يعملون سرا ولم يمنعهم صندوق الاسكان من العمل برغم من صدور قرار الوقف.

تقرير المعامل

وتحصلت (سلام ميديا) على تقرير من المعمل المركزي لجامعة الخرطوم، صادر بتأريخ منتصف ديسمبر العام المنصرم، بعد ان أخذ عينات من تربة آبار مراحيض المشروع.

ووأضح التقرير أن التربة حجرية وبيضاء وصفراء وأخرى حمراء اللون، كما توجد تربة جيرية. وأضاف "وبعد إن تمت دراسة مستوى بعض العناصر السامة تأكد وجود عنصر (الزرنيخ) في التربة بنسبة( 8.8) وبلغت نسبته في الماء (19.66) ويوجد عنصر الرصاص بنسبة 60%وعنصر الكادميو 30% وعنصر الكروم بنسبة 90%" كما اظهرت الدراسة وجود النيكل في كل العينات بنسبة 100%.

تشكيك

شكك العاملين بمشروع أبوسعد الاسكاني في نتائج التقرير الطبي وطالبوا بفحص التربة مره أخرى بمعمل الجنايات.

وقال المحامي ياسين إنه يوجد عنصر اليورانيوم في التربة لم يظهر في هذا التقرير الطبي لذلك طالبوا بعمل التحاليل من جديد.

وقال عضو اللجنة التي شكلها الصندوق القومي للإسكان، قمر الدين آدم، إن وزارة الصحة لم تدخل إلا بعد وفاة أكثر من 30 عاملا بالمشروع، على الرغم من إبلاغ الصندوق القومي للإسكان والتعمير بالمرض منذ أكتوبر ٢٠١٩، مضيفاً انه في ذلك اليوم جاء وفد من صندوق الإسكان والتعمير ووعد بتكون لجنة لمعرفة أسباب المرض وكيفية علاجه.

وأضاف "لم تظهر هذا اللجنة إلا بعد ذهاب عدد كبير من المصابين بالمرض إلى وزارة الصحة ومطالبتهم مقابلة وزير الصحة، أكرم علي التوم.

ونفى مدير صندوق الأسكان التعمير بولاية الخرطوم، الخلوتي الشريف مسؤولية الصندوق تجاه الضحايا قائلاً إن العمال يأتون عن طريق المقاولين وليس الصندوق.

وقال لـ (السلامة ميديا) إن الصندوق قدم الدعم لهولاء العاملين من باب الإنسانية، مضيفاً "صندوق الاسكان قدم أكثر من 200 ألف جنية دعم مالي للعاملين.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

270 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع