ابحث عن

فقراء لكن نبلاء

حيدر المكاشفي

دائماً ما تأسرني القصص الانسانية المؤثرة فلا أستطيع تجاوزها، وقصة اليوم التي تم تداولها على نطاق واسع، تعكس نبل ونزاهة وعفة يافع صغير رفض باباء وشمم أن يأخذ مالا ليس حقه رغم محاولات الاغراء التي تعرض لها، والقصة تقول أن أحد الممثلين الشباب، أعد حلقة في برنامج (الكاميرا الخفية)، وضع كاميرته في احدى الزوايا الخفية ووضع مبلغا محترما في عرض الشارع في محاولة منه لاختبار أمانة وردات فعل من يعثرون عليه، وتصادف ان مر طفل صغير بالموقع دون ان يكترث للمبلغ، اسرع اليه المصور وقال له هذا المبلغ سقط منك، إلا أن الطفل رفض تماما إستلام المبلغ وقال (دي ماقروشي) بل ورفض حتى مقاسمة النقود مع المصور الذي حاول عبثا اغراءه بكل الطرق لاستلام ولو حفنة من المبلغ، وعندما كثرت على الطفل محاولات الاغراء، رفضها بطريقة حاسمة ملوحا بيده في وجه المصور ومضى لحال سبيله، ووجد الطفل إعجاب وإشادة كبيرة من المتابعين على أمانته ووازعه الديني والأخلاقي.

صحيح أن موقف هذا الطفل النبيل العفيف النزيه يستحق كل الاعجاب والاشادات التي نالها، ولكني شخصيا لم استغرب موقفه هذا، فأنا أصلا لدي قناعة قديمة وزعم قديم بأن الفقراء أكثر نبلا وكرما وقناعة وشهامة من الأغنياء، ولم تزدني الأيام وتجارب الحياة إلا قناعة بهذا الزعم، ولهذا لم أستغرب أو أُدهش من موقف هذا الطفل الذي يبدو من مظهره العام أنه فقير وينتمي لأسرة كادحة، فهكذا دائما هم فقراء بلادي، رغم أنهم يقبضون على الجمر إلا أنهم لا يسألون أحدا منة ولا عطية دعك من ان يأخذوا حقا ليس لهم، بل تجدهم هم العاطون رغم ما بهم من خصاصة وتراهم أشد الناس غنى، فيما جيوبهم فارغة، كما تجدهم الأكثرين عند الفزع والأقلين عند الطمع، رغم أن قلوبهم مثقلة بالأسى والآهات ورغم ما يقاسونه من آلام ومرائر، ورغم أنهم يتقلبون على نار الحاجة والفاقة والحرمان، ولكن مع ذلك يتجملون بالصبر والرضا، وهل هناك أتم وأكمل وأبهى حلية يمكن أن يتزين بها المرء أهم من الصبر والرضا.

والقصص التي تعكس نبل وشهامة ورجولة هؤلاء الكادحين بعدد الحصى مما لا يمكن حصره هنا، وما الذي قدمه هذا اليافع الصغير إلا نموذج لمئات بل آلاف النماذج لأمانة ونزاهة وشهامة ومروءة فقراء بلادي، ومن هم في عدادهم، ولكن اسمحوا لي أن أتخير منها قصة الواثق صباح الخير الذي خصه البروف علي المك رحمه الله بتوثيق سيرته، فالواثق هذا كان قد تم إعدامه وصلبه بموجب قوانين سبتمبر التي أطلق عليها مسمى الشريعة، وكانت جريمته التي قادته إلى هذا المصير، أنه كان يسرق من الأغنياء ويصرف على الفقراء، فكان يتسور المنازل الفخيمة ويسطو على المتاجر الكبيرة ليلا، وعند حلول الصباح يكون قد وزع أغلب ما سطا عليه على الفقراء في حيه الذي يقطنه وخارج حيه، لقد كان شهما وجسورا وكريما محبا للفقراء رغم أنه سارق ورغم أن غايته النبيلة لا تبرر وسيلته المحرمة والمذمومة. لقد كانت قضية هذا الفتى اليافع أنه وجد فراغا اجتماعيا فملأه بطريقته..وبقي أن نقول إن الفقير ليس هو من لا يملك مالا ولا سيارة، وليس هو صاحب الدخل القليل المحدود، أو هو الذي تراكمت عليه الديون، ومن جهة أخرى ليس الغني هو صاحب المليارات والعمارات والمزارع والبساتين، فالفقير هو الذي يفتقر للغنى الروحي والقلبي والقناعة واليقين، والغني هو من امتلك هذه الخصائل والفضائل، يزداد غنى كلما زادت حصيلته منها، والناس معادن بعضهم نادر ونفيس وبعضهم كالصفيح، ومعادن الناس لا علاقة لها بالمال والثراء أو الفقر والإملاق، وإنما علاقتها بالعادات والطباع والتربية والأخلاق، فمن كان عزيز النفس عالي الخلق فهو من الأغنياء، والعكس صحيح، وعلى ذلك قس يا عزيزي القارئ.

 

Pin It

هل تاخرت القاهرة ام تطاول الإنقلاب

بقلم : محمد بدوي

 


وئد مقترح المبادرة المصرية التي طارت بها من القاهرة إلي الخرطوم الصحفية المصرية والباحثة بمركز دراسات الأهرام الأستاذة أسماء الحسيني، لا نحتاج لتقصي السبب لأنه بديهي مرتبط بانعدام إيه صفة دبلوماسية حكومية أو إقليمية للوسيط، تخول التواصل مع الطرف الثاني، مما أنعكس على حرمان المبادرة من أي وزن سياسي بل قفل المنافذ بذات اليد التي حملت مخطوطة التفاصيل ، فلو تأخرت الأستاذة الحسيني خطوة ليتقدمها السفير المصري في الخرطوم ربما فرضت الدبلوماسية رد فعل يتطابق مع النهايات التي وصلت اليها لكن بطريقة تتسق والعرف الدبلوماسي ولا سيما أن المسرح يشهد تزاحم لأدوارا سفراء لدول أخري مثل المملكة العربية السعودية الذي شهد مقر أقامته لقاءات متعددة مع عدد من الأطراف المدنية والعسكرية السودانية ممن هم على قمة السلطة خلال الفترة الإنتقالية بشقيها سواء عقب سقوط نظام الحركة الإسلامية في ابريل ٢٠١٩ وبعد انقلاب ٢١ أكتوبر٢٠٢٢، إذن حملت المبادرة أسباب رفضها في الشكل الذي يشكل عنوان للمحتوي، لماذا ؟ لأن الحالة وصلت للتوقيع على اتفاق عرف بالإطاري بين المكون العسكري وممثلي لأجسام الحرية والتغيير، تحت رعاية رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الفترة الانتقالية في السودان السيد فولكر بيرتس، وتجدر الإشارة الي ان البعثة مستندة على تفويض من مجلس الأمن الدولي بالقرار ٢٤٢٥/ ٢٠٢٠، و رعاية الألية الرباعية التي تشمل " الولايات المتحدة، بريطانيا، المملكة السعودية والأمارات العربية"، إذن من حيث التوقيت فالمقترح تجاوز السياق بما في ذلك مرحلة الإطار او المحتوي، ومن حيث الفاعلين المشار اليهم يتطلب التدخل من ناحية فنية التواصل مع كافة الأطراف بما يشمل ممثلي الالية الرباعية المتواجدين بالخرطوم بما جعل المسافة بينهم واطراف الاتفاق اقصر من المسافة بين الخرطوم والقاهرة رغم قربها التاريخي والنيلي، هذا الاتصال يصعب مروره بغير الطريق الدبلوماسي لمسالة الصفة ايضا، لكن ضرب كل ذلك بعرض الحائط والقفز المسنود بتصورات مباشرة نحو الاطراف لا ينتهي الا بإمساك الريح، أو ارتداد الكف تدق على الكف، المتابعة للمسرح تمكن من التقاط اشارات تشير الي ما يحدث الآن " الطريق من اتجاه واحد" فليس ببعيد التصريح الذي دفع احد القادة بالمكون العسكري كاشفا عن الضغوط على الاطراف للمضي قدما .
لم تيأس القاهرة ، ووفقا لوسائل الإعلام اعتذار حديث لتحالف قوي الحرية والتغيير من تلبية زيارة للقاهرة، لا اجد سوي ترديد ذات التعليقات السابقة مع إضافة تساؤل هل فات على القاهرة ان الاطراف قد استأنفوا في بحر يناير٢٠٢٣ المرحلة الثانية من عملية التفاوض؟ أم على ماذا استند الأمر ؟ في تقديري أن القاهرة التي استضافت المعارضة السياسية في التسعينات لم تستصحب أن المشهد كما كان سواء من الجانب السوداني أو القاهرة ولا سيما خلال فترة البشير الاخيرة وبعد سقوطه، حيث التباينات التي كسرت ظهر الثقة التي راكمت لها في فترات حرجة، ففي ٢٠١٤ ورغم استضافتها المتواصلة لمولانا محمد عثمان الميرغني الإ أن الراحل السيد الصادق المهدي الذي حمل صفة آخر رئيس وزراء آنذاك توقف لساعات بمطار القاهرة قبل أن يتجه للأمارات العربية، هذه الدلالات كشفت أن الامارات عرفت اقتناص الفرصة في توقيت تزامن مع تكوين قوات الدعم السريع في ٢٠١٤ وبداية اول تعامل في الذهب المستخرج من دارفور الي اسواق دبي والذي قدر عائده ب ٥٤ مليون دولار في ٢٠١٤ وفقا لتقارير خبراء الامم المتحدة.
بعد سقوط البشير سارعت القاهرة لاستضافة كبار الجنرالات، الفريق عوض بن عوف قائد الاستخبارات ورئيس المجلس العسكري الانتقالي لساعات في ٢٠١٩،والفريق صلاح عبدالله " قوش" اخر مدير لجهاز الامن في عهد البشير، وهو ما يكشف منهج الجهود المصرية وارتباطه بالعسكري اوالامني مقابل طبيعة الحالة السياسية التي تنطلب ادوات مختلفة تماما، فرغم السيطرة المشتركة لجنرالين على السلطة في السودان تراجعت زيارات حميدتى للقاهرة، ورغم وقوف الخرطوم في حلف القاهرة في ملف سد النهضة وصلت اديس ابابا للملأ الثالث، وهرعت لتجميد عضوية السودان بالاتحاد الافريقي عقب انقلاب ٢١ اكتوبر٢٠٢١ لتمنح في وقت سابق كل من الاتحاد الافريقي والايقاد مقاعد الوسطاء مع استمرار فشل الانقلاب، لعل التساؤل المهم ايضا هل قيمت القاهرة قبل دعوة الحرية والتغيير لزيارتها، اسباب تمكن جوبا في استضافة مفاوضات سلام السودان ٢٠٢٠ رغم سعيها الي ذلك! ظل نظام الحركة الاسلامية مستعدا للقاءات والتفاوض مع الحركات المسلحة بينما يقصي الاحزاب السياسية من ذات النهج بل لا يأبه بها كثيرا سياسيا، الأمر كان ناتج من نهج القوة في ادارة الحالة مع اقصاء السياسي، وذلك لان نظام الحركة الاسلامية لم يعترف بمفهوم الاحزاب فالدولة تدار بواسطة الحركة، ولولا انقسام ١٩٩٩ لما برز تقابل " الشعبي والوطني" فالسياق اقرب للتمييز بين المجموعات مع بقاء تطابق الاهداف الرئيسية لكل، بل أن قفص اتهام محاكمة انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ لم يتخلف عنه اعضاء من المؤتمر الشعبي الي جانب رئيس حزب المؤتمر الوطني ونائبه، اقصاء المفهوم غيب معه المحطات الرئيسة او مصادر القوة من أكتوبر ١٩٦٤،ابريل ١٩٨٥ اللتان اعتمد عليهما ابريل ٢٠١٩ في سياق التراكم والتجربة واجلاء الرغبة نحو الديمقراطية فاسقط نظام الحركة الاسلامية، كل هذا يكشف خصوصية الحالة السودانية وقدراتها ، رغم حكم العسكر في لفترات طويلة لكنه يحمل سجلا تاريخيا لقائمة أقدم الأحزاب السياسية في القارة وقدرتها على مقاومة كافة اشكال التفكيك والتغييب عن المشهد السياسي الوطني وهو ما حاول بعض داعمي التسوية السياسية الراهنة توظيفها عبر تصريحات " دون الخوض فيها" حملت الاعتراف بدور الاحزاب الرافضة للتسوية في المشهد مكمل لا يمكن الوصول حتى الي التسوية من دونه .

أخيرا: فشلت المبادرة في اقتناص ما لاح لها من قطع الطريق على التسوية في ظل رفض الشارع الذي لم تتراجع مواكبه لان الانحياز نحو الشعوب لا يمر بالطريق الثالث بل بمخاطبة مصالحها وتطلعاتها فما لم تراه في الاطاري، غيبته المبادرة من المدخل الاول، لان الواقع الذي اسقط نظام الحركة الاسلامية يستحق ما يرتقي لقامته .

Pin It

إرث قوانين السلطنات وكليات القانون السودانية

بقلم : محمد بدوي

اللافت أن العديد من الصراعات في السودان مرتبطة بملكية الأرض، في دولة غالب الأراضي فيها باستثناء المساكن بالمدن الكبيرة ملكيتها في السجلات الرسمية باسم حكومة السودان لأسباب ارتبطت بمسار تكوين الدولة التي شكلت انضمام وضم السلطنات والممالك إلى رقعتها الجغرافية التي تمثل الحدود الحالية للسودان، ثم صدور قوانين نظمت ملكية الأرض بإقرار التسجيل السابق لعام ١٩٧٠ ولم تراعي الفترات القصيرة لانضمام تلك الكيانات وعلاقات تنظيم الملكية في القوانين التي كانت سارية فيها قبل أن تصبح جزء من الدولة وتجذر تلك القواعد المنظمة في ذهن شعوبها واستقرارها في ضمائرها ، بالإضافة لاستمرار غياب اي جهد للتوعية بما طرأ من تغيرات، بالمقابل استمرار مظهر الحيازة الفعلية والمرتبطة بسيطرة غالب المجموعات السكانية على اراضيها ، ليثور السؤال حول الصراعات هل دافعها الملكية بمفهومها المجرد؟ مع الأخذ في الاعتبار شساعة الأرض غير المستغلة لأسباب مرتبطة بمتطلبات ذلك ! أم أن الأسباب مربوطة باحتفاظ تلك المجموعات بشكل من أشكال السلطة الذاتية، فاذا كانت عناصر الدولة تتمثل في ( الشعب، الأرض والسلطة) فهنا نجد توافر ذات العناصر من الأرض إلى الإدارة الأهلية والقوانين ذات الارتباط التاريخي بالسلطنات، كنتيجة لتعامل ونظر الحكومات الوطنية المتعاقبة إلى ذلك التطور في سياق ضم رقع جغرافية دون عناء الوقوف على المسارات التاريخية، الثقافية والاجتماعية التي قادت لأن تصبح أجزاء ملتصقة بإسم الدولة .
في تقديري أن الإجابة شائكة ومعقدة لكن مظهرها هو بدء الصراعات حول الأرض منذ النصف الأول من الستينيات حيث بداية الحالة بين المعاليا والزريقات في ١٩٦٤ عقب ٨ اعوام من الإستقلال واخر احداثه في ٢٠١٧-٢٠١٨ وبالنظر إلى المنطقة المتنازع حولها وقيمتها المرتبطة بالزراعة أو الرعي قد تجعل ترجيح ارتباط الحالة بمسألتي تصورات الهوية والسلطة الذاتية كمظهر كشف عدم اكتمال التأسيس لعلاقة الشمول عقب الاستقلال بما يشمل الخدمات والتنمية المرتبطة بالأرض واستخداماتها فكلاهما يدفع للنظر حول علاقات الأرض سواء بين الدولة والأفراد، يمكننا القول بأن اقصاء استصحاب القوانين الحاكمة للأرض في السلطنات والممالك التي ضمت للسودان شكل تغييب لعنصر من عناصر القواعد المرتبطة بالأرض، لأن القانون يصدر ويتطور ليحكم وينظم العلاقات بطريقة تحظى بالإحترام والطاعة، بالتالي لابد من ملامسته للعناصر الثقافية للمجتمعات المستهدفة ، لأنه لو نظرنا إلى سلطنة الفور سنجد أن توزيع الأرض ارتبط بالإداري لذا فالأسماء جاءت مسبوقة بلفظة ( دار او داره ) وهي حالة ترتبت عليها التزامات ناتجة من السيطرة الفعلية، حفظ الأمن في كافة صوره سواء المرتبطة بالعلاقات داخل المجموعة أو علاقات الإنتاج، و هنالك نظام العشور، قواعد الزراعة للأنفار، ضمان التلف ،اخراج الأثر، قواعد تنظيم المسارات مع المجموعات التي تمر بها سواء في الإستقرار المؤقت او السقيا، وقواعد الإستضافة للمجموعات المستوطنة او الفارة من الحروب داخل حدود الدارة بشروط عدم ادعاء الملكية أو استخدام الأرض بما يضر بطبيعتها او الضار بالبيئة مثل قطع الاشجار لصنع الفحم وهنا برزت ايضا العلاقة الأقرب لإرتباط الأرض بممارسة مظاهر الملكية والسلطة داخلها وهو ما سار عليه الإستعمار الإنجليزي بأن جعل أسماء المجالس ملتصقا بالعلاقات التي اقرتها السلطنات، لكن غاب عن دولة ١٩٥٦ تجميع تلك القوانين ودراستها قبل اصدار قوانين لاحقة لتنظيم الأرض أو النص على استثناءات، بل لا أثر لها في كليات القانون كجزء مكمل لتطور القانون، في الراهن لا تزال المجتمعات المحلية تحتكم لبعض بنودها، وهذا امتداد لقصر النظر للتكوين السكاني الذي يتسم بالتنوع والتي بمقدورها اختبار المسألة الثانية والمرتبطة بالفدرالية كشكل هل هو نظام ملائم للسلطة في الدولة الشاسعة والمتسمة بالتنوع في كافة المجالات ام لا ؟
المتابع لمسار الأحداث بإقليم دارفور يقف على أن مجموعة المسيرية جبل التي تقطن بجبل مون بغرب دارفور تعرف نفسها ضمن المجموعات الإفريقية التي لجأ أفرادها إلى دولة تشاد بعد أن شملتها الإعتداءات في ٢٠٠٣، عقب العودة الجزئية للبعض منهم في ٢٠١٩ الي مناطقهم السابقة، دارت صراعات على امتداد العامين ٢٠٢١ – ٢٠٢٢ مع المجموعات الرعوية العربية بسبب الإعتداء على المزارع كمحرك لبداية الأحداث ثم تطور ليكشف عن أسباب آخرى لا حوجه للخوض فيها في هذا الحيز بقدر التركيز على ملكيتها للأرض وارتباطها بالزراعة لكن المهم أنها عززت من انتماءها إلى القبائل الإفريقية حينما تم الاعتراض على وصف اطلق عقب جلسات وقف العدائيات تحت مظلة لجنة الدعم السريع للمصالحات حينما قال " بأن المسيرية عرب"، في حالة معاكسة في ديسمبر ٢٠٢٢ أنضم المسيرية إلى طرف المجموعة العربية في مواجهة سكان منطقة مولي بشرق نيالا بجنوب دارفور التي شملت الداجو، الفور، الزغاوة والبرقد، السبب هو انها تمارس النشاط الرعوي بما يعزز من علاقتها بالمنطقة أو الأرض بأنها جاءت عقب نزوح سكانها إلى المعسكرات، فمجمل الأرض تخضع لأراضي سلطنة الداجو السابقة لسلطنتي التنجر والفور بدارفور ولا يزال سلطان الداجو يمثل رأس الإدارة الأهلية لكافة المجموعات الأخرى التي تقيم بالمنطقة من الفور والبرقد والزغاوة وغيرهم الذين يخضعون لسلطات العمد، بينما يخضع العمد للسلطان، إذن مظهر العلاقة هنا أن المجموعات الزراعية قطنت تاريخيا تحت سند المنح للأراضي أو نظام الاستضافة من قبل الداجو، طبيعة المنطقة الغنية جعلت من اسباب الصراع هنا مرتبطة بالأرض في حد ذاتها باعتبارها من المناطق الغنية والاستراتيجية في الربط من مناطق جنوب السودان الي اقصي الغرب /الجغرافي، وارتبطت بمظهر السلطة اذا تتبعنا ان سلطان بيده القرار النهائي عقب الأحداث ( دون الخوض في التفاصيل ) هو من وقع نيابة عن المجموعات المتضررة على وثيقة وقف العدائيات، وتبرز هنا حالة غياب السلطة المدنية الممثلة في المدير التنفيذي، فحكومة ولاية جنوب دارفور تطلق على جغرافية الأحداث بمحلية بليل، والاطراف المتصارعة تخضع صلحها لقاموس الإدارة الاهلية باعتبارها ممثلة للسكان والأرض.
إذن الصراع لا يقتصر على الملكية وعلاقات الإنتاج واستخدامات الأراضي، بل انه كشف حالة معقدة أشرت لأسبابها اعلاه كنتيجة تغييب استصحاب الشروط الثقافية للمجموعات التي تكونت منها الدولة في السياقات القانونية، فصدرت قوانين تطبقها المحاكم لكن لا تأثير لها في وجدان بعض المجموعات، بما يقود إلى السؤال الجوهري بأن مداخل المواطنة يتطلب إعادة النظر في الكثير من سجل ثقوب السياسات للحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال
أخيرا : في تقديري أنه آن الأوان لكليات الحقوق بالجامعات السودانية الالتفات لتضمين القوانين التي سرت في السلطنات التي انضمت حديثا للسودان، لآنه يشكل جزء من مقرر تاريخ القانون وتطوره في الدولة، وتجسير لمعالجة مستقبلية لمسالة علاقات الأرض في ظل سجل التطورات المتعاقبة .

Pin It

موازنة دون كيشوت : إذا كثُرت الجباية أشرف الإنقلاب على النهاية !

 

بقلم: فيصل الباقر

مدار أوّل:

” لا تحسب الأرض عن اِنجابِها عقرت .. من كُلّ صخرٍ سيأتِي للفِدا جبلُ .. فالغُصنُ يُنبِتُ غُصناً حِينِ نقطعُهُ .. والليلُ يُنجِبُ صُبحاً حِين يكتمِلُ.. ستمطِر الأرضُ رغم شِحّتِها .. ومن بطُون المآسِي يُولدُ الأملُ…” ((عبدالله البردوني)

-1-

شكراً لإبن خلدون – عالم الاجتماع الموسوعي ، بعيد النظر، وثاقب البصر والبصيرة ، وهو القائل: “إذا كثُرت الجباية، أشرفت البلاد ، على النهاية” !. نعم ، شكراً له ، مرّةً ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، بل ، وعاشرة ، على مقولته الخالدة ، والمُلهمة تلك ، وكذلك ، له الشكر والمِنّة عشرات المرّات ، على حكمته النابهة ، والراجحة ، والمُفحِمة: “الظلم مؤذن بخراب العمران”، فمن إبن خلدون ، ومن أمثاله من العلماء ، والمفكّرين ، والفلاسفة الأفذاذ – من مختلف المدارس الفكرية والاقتصادية والاجتماعية – يتعلّم الحُكّام العُقلاء ، ويتّعظ القادة الأذكياء وتأخذ الأُمم والشعوب الحُرّة ، العِبر والدروس!.

 

-2-

تعود إلى الواجهة – اليوم – مقولتا العالم الكبير ، صاحب ، ومؤسس (علم العُمران البشري) عبدالرحمن بن خلدون – المولود فى تونس عام 1332م ، والمتوفّي عن ستة وسبعين عاماً ، فى مصر فى العام 1406 – تعود – اليوم – المقولتان الموحيتان ، للمشهد السوداني ، المضطرب اجتماعيّاً ، والمرتبك سياسياً ، والمأساوي – جدّاً – اقتصادياً ، فى مطلع السنة الجديدة  2023م ، وفى اللحظة التاريخية الحرجة ، حيث تصلُح المقولتان الخلدونيتان ، لوصف حال البلاد والعباد ، كما تصلحان ، فى التنبؤ بمصير الوطن “المنكوب” ، والبلد “المنهوب” ، وهو يقبع تحت رحمة سياسات الدولة الانقلابية ، ويُهرول جارياً ، فى دروب وأزقّة مآلاتها الكارثية ، ومع ذلك ، نلحظ ، ونري ، ونلمس ، ونجد ، فى المقابل ، فى الضفة الأُخري ، وفى قلب لُجّة بحر الثورة الهادر ، بسالة وشجاعة الشعب السوداني العظيم ، صانع ومفجّر الثورات وقاهر المستحيلات !.

-3-

هاهي حكومة انقلاب 25 أكتوبر 2021م ، تواصل تجبّرها ، وتكبُّرها ، فتُظهِر بجلاء ، عدم اكتراثها بمصائر الناس ، فينكشف للعلن ، غياب اِهتمامها بأحوالهم ، وقد أصبحت – الدولة الانقلابية – غير آبهة، ولا مُكترثة – البتّة – بحال العباد والبلاد ، فتطاولت أجهزتها القمعية ، فى بنيان صناعة القمع والقهر ، والتعذيب ، والقتل خارج القانون ، بمثلما تمادت وزارة خزانتها الفارغة ، فى فرض الضرائب و”الجبايات” الجديدة التي أثقلت كاهل “كتائب” الأغنياء ، وفاقت قدرتهم فى حلب ضراع بقرة الشعب ، ناهيك عن استنزاف كل طاقات “جيوش” الفقراء ، الذين وصلت بهم سياسات الاِفقار الممنهج ، درجات متوحشة ، لا يمكن العيش فى لهيب نيرانها المُحرقة ، وأصبح من سابع المستحيلات التعايش معها ، ومع افرازاتها المجتمعية ، بما فرضته من واقع اقتصادي مدمّر ، طال الأخضر واليابس ، وفقرٍ مُزري ، جعل العيش الكريم ، والحياة الهانئة للناس – فى كل بقاع السودان ، وأطرافه التي نهشتها الحروب العبثية ، والنزاعات المسلحة المصنوعة – كأصعب ما يكون!.

-4-

اغلقت دولة الانقلاب ، وحكومتها المتجبّرة ، الطريق – تماماً -أمام أيّ بارقة أمل ، فى نمو وتطوُّر اقتصادي طبيعي ، يُمكن أن يحدُث ، ليصبح الحل الوحيد ، والخيار الأوحد – أمام الشعب السوداني “الفضل” – للخروج من قاع وبؤرة الانهيار والدمار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، هو مواصلة استكمال الثورة ، وتجذير خطواتها ، لاِنجاز مهامها المرحلية ، بالانقضاض الشعبي السلمي ، على النظام الانقلابي الاستبدادي ، بتحالفاته القديمة والجديدة ، وبمناهضة الحكومة الانقلابية، ومقاومة سياساتها الاقتصادية، بسلاح السلميّة المُجرّب ، فى اسقاط أعتي ، وأشرس الدكتاتوريات !.

-5-

نعم ، تطابقت المقولتان الخلدونيتان الخالدتان ، فى بداية سنة 2023م ، فى السودان ، وبصورة واضحة ، فى دولة انقلاب 25 أكتوبر 2021م ، ليبقي أمام الشعب خيارٌ واحدٌ – فقط – لا ثاني ، ولا ثالث له ، وهو استكمال مهام وواجبات ثورة ديسمبر 2018م ، المجيدة ، لينفتح الباب والأمل من جديد ، لبناء سودان خيّر ، وديمقراطي ، يسع الجميع ، تتجسّد فيه شعارات ثورة ديسمبر الخالدة ((حرية … سلام … وعدالة))، نحو بناء وطن مُحصّن ومُعافى من أمراض الدكتاتورية ، والفساد ، والظلم ، واستغلال الطبقات الطفيلية ، لإنسان السودان العظيم ، سودان جديد ، وسعيد ، ينعم كل أهله فيه ، بخيراته ، وهي وفيرة ، وكثيرة ، إن أحسن ادراتها حكّامه ، وتدبّرت نُخبه السياسية ، التفكير والتقدير ، ولكن ، هيهات!.

-6-

مع بدايات “سنة” 2023م ، جاءنا السيد جبريل إبراهيم ، وهو لمن لا يعلم ، وزير مالية انقلاب أكتوبر 2021م ، وزعيم حركة العدل والمساواة ، بموزازنة “مُهترئة” لسنة 2023م ، كشفت عن نفسها ، وعبّرت بوضوح تام ، وبصورةٍ فجّة ، عن خطل وضيق أُفق صانعيها ، وقد ظهرت نتائجها الكارثية – اليوم ، قبل الغد – فى كل مجالات الاقتصاد، والتجارة ، والخدمات ، فى الوقت الذي يدّعي فيه السيّد جبريل – زوراً وبهتاناً – أنّ “موازنته” ذات الـ(5) تريليونات جنيه سوداني ، وبعجزها الملحوظ ، والمفضوح والذي لا يفوت على فطنة أصغر طالب/ة علم إقتصاد ، ستحقق الاستقرار الإقتصادي ، بعد أن أسهب فى وصفها بـ”الواقعية”، وزعم أنّه سيستمر فى العمل بها، لأجل الاستقرار الاقتصادي ، وخفض معدلات التضخم ، وزيادة المنافسة ، المفضية إلى خفض الأسعار ، فى مناخ يتّسم بسوء التخطيط ، وضعف التنفيذ ، وغياب الرؤية الكلية ، وعمى النظرة المستقبلية ، لمآلات التضخُّم الاقتصادي المُخيف ، ونهايات الكساد البضائعي المُجحف ، الذي تغرق فيه البلاد!.

-7-

جاء السيّد جبريل ، مُدجّجاً ببرنامج حركته المسلّحة ، وفى غياب تام للمحاسبية ، والشفافية ، وتغييب مقصود ، لدولة المؤسسات ، وفصل السلطات ، بموازنة تقليدية ، مُهترئة ، ستُثقل – حتماً ، وأكثر من أيّ وقتٍ مضى – كاهل المزارعين فى كل بقاع السودان ، بارتفاع جديد فى تكلفة التجهيزات الزراعية ، وسط جنون اسعار الوقود ، واِكمال سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية ، فى دولة يجأر أهلها البسطاء ، فى كل المناطق الزراعية ، وغير الزراعية ، ومعهم أهل الرعي ، والمراعي غير الآمنة ، ومجمل الناس العاديين ، فى الوظائف الحكومية ، وغير الحكومية ، بالشكوي المُرّة من مواجهة الغلاء ، ولن نقول أهل الصناعة وما أدراكما الصناعة ، لأنّها اندثرت تماماً ، أو كادت ، بينما يواصل وزير المالية حلمه – بل ، كوابيسه النهارية – واصراره الرغائبي ، فى تحقيق موازنته الكارثية ، ولو على أشلاء كل الناس ، مُعبّراً بها عن حالة هذيان “دون كوشوتية”، كاملة الدسم ، تجعل صاحبها ، يظن أنّه فى مهمّةٍ “مقدّسة” ، وقد اختارته وارسلته العناية الإلهية ، وبعثت به، لإقالة عثرة التنمية ، وفك عُزلة الاقتصاد السوداني ، من الانهيار الوشيك والمحتوم !.

-8-

الواقع المُعاش ، يؤكّد أنّ دولة الجباية “الجبريلية”، رفعت يدها – تماماً – من كل وأهم واجباتها الأساسية ، وتنكّرت لمسئولياتها المجتمعية ، فى الوفاء بالتزامها فى تقديم الخدمات الضرورية للناس ، بدءاً بالتعليم ، فى كل مراحله ، مروراً بالصحة ، فى كل مستوياتها ، وصولاً للخدمات الضرورية ، المرتبطة بحركة الناس وتنقّلهم ، لترتفع تكلفة التعليم ، والقبول فى المؤسسات التعليمية الحكومية وتزيد بين عشيّةٍ وضُحاها ، رسوم ترخيص وتجديد ترخيص العربات والمركبات العامة والخاصّة ، وتزداد رسوم كل الخدمات الضرورية ، التي من المفترض ، أن تقدمها مؤسسات الدولة ، للمواطنين برسوم رمزية ، مُضافاً إلى الارتفاع الجنوني – وغير المُبرّر – فى الأسعار ، لضروريات الحياة ، من مأكل ومشرب وملبس وعلاج وتعليم وقد اعترف عرّاب هذه الموازنة الكارثية – وبصريح العبارة –  بأنّ التحدّي الأكبر الذي يواجه موازنته يتمثّل فى الحصول على الإيرادات الكافية ، لتغطية المصروفات المُتوقّعة ، بعد أن أقرّ – السيد الوزير – بوجود عجز فى موازنته ، وكشف عن نيّة ورغبة وشهوة جامحة ، فى اشهار سيف الجبايات ، وهذا طريق مجرّب ، وفيه حديث يطول !.

-9-

فى هذا الوقت الحرج ، وبدلاً من الاستماع لأصوات الناس ، فى الريف والحضر ، والمركز و”الهامش”، والاستجابة لشكواهم المُرّة من غلاء الأسعار ، وانعدام الخدمات ، ينشغل وزير مالية الانقلاب ، السيد جبريل إبراهيم بمواصلة المناورات السياسية حول انضمامه ، وحركته ، وبعض رفاقه فى الكفاح “المصلّح”، للعملية السياسية “الانتحارية” الجارية بسرعة البرق، هذه الأيّام ، لفرض التسوية المجانية ، مع مُنتهكي حقوق الإنسان ، بتأجيل ، وتعطيل حسم ملفّات العدالة ، فى كل صورها (الجنائية ، والإنتقالية ، والدولية) ، لـ”تمكين” تحالف دولة الانقلاب الجديدة، ليضمن بقائه – ورفاقه – فى السلطة ، بأيّ ثمن ، ولو على أشلاء الفئات المجتمعية الهشّة والضعيفة ، ومجتمعات النزاعات المسلحة ، التي يدّعون تمثيلها ، وفيهم – بلا أدني شك – الضحايا ، والناجين والناجيات ، فى إقليم دارفور ، الذي يُعاني سكّانه الأمرّين من جراء سياسات الدولة الانقلابية ، حيث غياب الأمن ، واتساع دائرة النزاعات المسلحة ، واندثار علامات المُساءلة ، وضياع ملامح تحقيق العدل والانصاف ، و”انبشاق” السلام ، وأعني بالتحديد اتفاق “سلام جوبا”، الذي لم يعد فيه ، ما ينفع الناس !.

-10-

لقد أصبح الناس أجمعين – الداني والقاصي – شهود حق ، على استكمال حلقات نهاية الدولة الانقلابية ، وبانت علامات انهيارها الوشيك ، فى دارفور ، كما فى النيل الازرق ، وجنوب كردفان ، وشرق السودان ، بسبب سياسات دولة الجبايات ، وتغييب العدل ، واستشراء الظلم ، وأصبح الناس – كل الناس – يرون بالعين المجرّدة ، زوال دولة الطغيان ، بعد أن كثُرت الجباية وأشرف دولة الانقلاب ، على النهاية !.

-11-

فى مقاومة موازنة سنة 2023م ، جاء الرد الشعبي المتوقّع والعاجل ، مفاجئاً للانقلابيين ، وحلفائهم القُدامي والجُدد ، تحت مسمّي “ضاقت خلاص” ، فى الموكب الذي دعت له لجان المقاومة الباسلة، فى 17 يناير 2023م ، ونظّمته بتكتيكات جديدة ، لتؤكّد الطبقات والفئات الاجتماعية المتضررة من سياسات الانقلاب ، وفى مقدّمتها فئة الشباب ، والنساء، أنّ معركة انتزاع الحريات السياسية ، وثورة الحقوق والعدالة ، والسلام العادل ، لا تنفصل عن خوض وترتيب معارك الاقتصاد ، وأنّ ارادة اسقاط الانقلاب، وهزيمة سياساته الاقتصادية والاجتماعية مستمرة ، وأنّ رياح الثورة “الديمسمبرية” العاتية ، ستظل تضرب قلاع البطش والقهر الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، وكل معاقل وجيوب ورموز انتهاكات حقوق الإنسان ، حتّي اسقاط الانقلاب ، والدولة الانقلابية بأكملها !.

-12-

من كل هذا وذاك ، يتأكّد من جديد ، أن لا طريق آخر ، ولا سبيل – أمام شعبنا – غير مواصلة النضال الجسور والصبور ، حتّي آخر الشوط ، وسيتحقق النصر العزيز بتمتين حبل مقاومة الانقلاب ، ومناهضة سياساته البغيضة ، بالمزيد من التنظيم والتثوير والتنوير ، وانتزاع مساحات أكبر – يوماً بعد يوم – فى الحق فى التعبير ، بعد أن وصل الجدب والخراب السياسي ، والظلم الاقتصادي ، والقهر الاجتماعي ، مداه ، وبلغ سيله ، زباه ، ليتأكّد ويتحقّق – مرّةً أُخري ، وليست أخيرة – قول العالم الاجتماعي الفذ – صاحب المساهمات الفكرية العظيمة ، والمتميّزة ، فى علوم الاقتصاد والتاريخ والفلسفة – عبدالرحمن بن خلدون : “الظلم مؤذن بخراب العمران”!.

-13-

نعم ، أمام هذا الواقع الماساوي وسيناريوهاته العدمية المرعبة، وللخروج من ظلام ليل الانقلابيين الدامس والمُخيف، لآفاق رحابة صبح الثورة المُشرق ، وسماحة وجمال فجره الجديد ، ليس أمام شعبنا ، وقواه الحيّة ، ولجان مقاومته الصامدة ، ونقاباته الحُرّة ، التي بدأت حركتها تحقق الانتصار تلو الانتصار ، سوى مواصلة مشوار النضال الجذري السلمي ، لاستكمال مهام ثورة ديسمبر 2019م ، المجيدة ، لتحقيق شعاراتها فى الحرية والسلام والعدالة ، وما ذلك ، على شعبنا ببعيد !.

جرس أخير:

“إذا كثُرت الجباية ، أشرفت البلاد على النهاية” ((( إبن خلدون)

 

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

291 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع