تقرير – مرتضى أحمد
بعد مضي عامين على خطة مجلس السلم الأفريقي الهادفة لإسكات صوت البنادق، بحلول 2020م، شهدت القارة السمراء
تطورات إيجابية في مسار العملية السلمية، من واقع اتفاقيات السلام التي اوقفت النزاع بعدد من دول المنطقة.
وبالبرغم من الانجازات التي تحققت خلال العامين الماضيين، الا ان خبراء في الشأن الافريقي استطلعتهم “سلاميديا” يعتبرون ان توقف الحرب في افريقيا نهائيا بحاجة الى وقت اضافي، ولن يتم بحلول العام المقبل كما يخطط مجلس السلم الأفريقي.
وقال الخبراء إن خطة مجلس السلم الافريقي بشأن وقف الحرب، نجحت في وضع اطار عام لانهاء النزاع المسلح في دولة جنوب السودان وافريقيا الوسطى، والكنغو. وان التوجه العام للاتحاد الافريقي بمساندة اطراف اقليمية اخرى اسفر عن مصالحة تاريخية بين اثيوبيا واريتريا.
وأطلق مجلس السلم والأمن الأفريقي التابع للاتحاد الأفريقي عام 2017م، خارطة طريق ترمي الى “اسكات صوت الاسلحة” في القارة السمراء بحلول 2020م، وجرى اعتمادها من قبل القادة في القمة الافريقية وقتها، لينخرط بعدها المجلس في جهود ميدانية لمناطق النزاع المسلح بغرض الرصد والتقييم والحين.
وعندما أعلن مجلس السلم الافريقي خطته، كانت القارة السمراء خاصة في جزئيها الغربي والاوسط تعج بالصراعات والجماعات المتطرفة كبوكو حرام وداعش وسط تصاعد انشطة حركة الشباب الارهابية في شرق القارة، وبحسب مراقبون فان هذه المهددات الامنية انحسرت كثيرا عن سابقها.
ووضعت القمة الافريقية الـ32 التي انعقدت في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا الاسبوع الماضي، خطة “اسكات صوت البنادق” في رأس قائمة أجندتها المطروحة للنقاش، وسط آمال عريضة لأن تفلح من خلالها القارة السمراء في وداع عهد الدم والرصاص الذي استمر لقرون ماضية.
ولكن أحلام الشارع الأفريقي تصطدم برؤية غير متفائلة للخبير في الشؤون الافريقية الدكتور عباس التجاني الذي يعتقد ان انتهاء الصراع المسلح في القارة السمراء بعد عام من الآن، يندرج في خانة المستحيل خاصة في ظل الانتشار الكثيف للاسلحة والعدد الكبير للنزاعات المتفجرة حاليا.
ويرى التجاني خلال حديثه لـ”سلاميديا” وجود عوامل عديد ربما تعطل تحقيق حلم افريقيا بإنتهاء الحرب لسنوات قادمة، من بينها أن عملية التداول السلمي للسلطة ما تزال بعيدة بعض الشي، ولم تصل الى مصاف قيم ديمقراطية راسخة تمكن من تغيير منظومات الحكم والانتقال بشكل آمن للسطة”.
وقال “بلدان غرب افريقيا ما تزال تسيطر عليها عادات الدول التي استعمرتها حيث تعتمد عليها في اقتصادها واجازة موازناتها المالية والعملات النقدية، ولم تتمكن من التحرر منها بشكل كامل بالرغم من الاتفاقيات التي وقعت عقب استقلالها”.
ويرى عباس التجاني أن متوسط اعمار رؤساء غرب افريقيا 85 عاما، فهم من نادي ما بعد الاستقلال حيث تمثل قوة السلاح والقبضة الامنية الفيصل في تعاملاتهم وبقاءهم على سدة الحكم، وهو ما يسهم في استمرار النزاع المسلح بخلاف ما يسعى مجلس السلم الافريقي”.
واعتبر ان خطة مجلس السلم التابع للاتحاد الافريقي نجحت في الحد من الصراعات ولكن مايزال المتبقي كثيرا، لان صراع الموارد في الكنغو والبحيرات يشكل مهددا كبيرا على المنطقة.
وأشار الى تقدم ايجابي حدث في كينيا ورواندا ولكن النزاع السياسي في بورندي يهدد البلدين المجاورين، كما يؤثر على يوغندا وتنزانيا، وسط هشاشة الوضع بالصومال وذلك ينبئ بعدم حدوث التخلص من السلاح خلال المدى القريب.
وأضاف التجاني :”يقابل التقدم الذي حدث في عملية السلام بجنوب السودان وافريقيا الوسطى، وفي منطقة القرن الأفريقي، الصراع المندلع في ليبيا والذي لديه تأثيرات على منطقة المغرب العربي، وشمال غرب افريقيا”.
وقطع بان الخطة الافريقية لن تكتمل ما لم يتم نزع السلاح في القارة السمراء، وهي عملية معقدة جدا بحاجة الى تغيير في منظومة الحكم نفسها، وبسط مبادئ الحكم الراشد والتخلص من عادات ما بعد الاستعمار وجيله من الزعماء.
وتابع التجاني “الخطة بشكلها الحالي غير عملية لكنها ستكون مقدمة للحد من النزاعات، ولكن يصعب اسكات البنادق في قارة عاشت وطأة الحرب لقرون في عام او عامين، فالاتحاد الافريقي ليس لديه آليات تمكنه من نزع السلاح.
ولكن الدبلوماسي السوداني، د. عبدالرحمن أبوخريس بدا أكثر تفاؤل بتمكن مبادرة مجلس السلم الافريقي من تحقيق تقدم ايجابي في مسار العملية السلمية، لكنه يتفق مع عباس التجاني حول ان المدة المتبقة لعمر الخطة التي تنتهي 2020 لن توقف الصراعات المسلحة بالقارة السمراء.
وقال ابوخريس لـ”سلاميديا” إن صراع افريقيا تديره مراكز القوى الدولية وتتشابك مصالح عديدة وهناك جهات تعمل على استمرار الحرب لتحقيق مصالح مالية من خلال بيع الاسلحة او اضعاف الحكومات المحلية بما يسهل لها الاستحواذ على الموارد الطبيعة، فالحل ليس بيد الدول الافريقية.
وشدد على ضرورة ان يكثف الاتحاد الافريقي تواصله مع الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، والتواصل مع القوى العالمية حال رغب في وضع حد للنزاعات بالقارة لان الحل النهائي للمشكلة هناك.
وراى الدبلوماسي السوداني، ان مجلس السلم الافريقي حقق نجاحات كبيرة من خلال وضع حد للحروبات بعدد من البلدان بينها اقليم دارفور بالسودان، ودولة جنوب السودان، ويمضي بخطوات ثابته لتحقيق السلام في افريقيا الوسطى.
ولا يبدو الأمر مختلفا كثيرا بالنسبة، للخبير في الشؤون الافريقية الدكتور حاج حمد محمد خير، الذي يرى ان ارتباط النزاع في افريقيا بصراع القوى الدولية والاستعمارية يصعب من مساعي الحلول داخل البيت الافريقي.
ووصف محمد خير خلال حديثه لـ”سلاميديا” مبادرة اسكات صوت البنادق بانها خطة طموحة ومشروعة لكن انفاذها في ظل المطعيات السياسية الحالية والنزاع الدولي حول القارة يصبح عصي بعض الشي، حيث جعل ذلك معظم تحركات الاتحاد الافريقي دون فاعلية.
ونصح النخب الحاكمة في افريقيا، بضرورة الاعتماد على مواردهم الداخلية في بلادهم وتوظيفها بشكل سليم، وعدم البحث عن عون خارجي، وهو الطريق الامثل لوقف التكالب العالمي، ويقود الى انجاح خطط انهاء الصراع المسلح.