الخرطوم –  مرتضى أحمد

بين رفض حالة الطواري وتأييدها، ومغادرة الحكومة والتمسك بالشراكة، تلك تناقضات وتضارب يشهدها الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني والتي أحدثت ربكة لافتة في المشهد السياسي،

في الوقت الذي كانت تتطلع فيه الأوساط السودانية إلى معرفة موقف الحزب الكبير إزاء التطورات المتلاحقة في البلاد.

تجاذبات الأتحادي الأصل ومواقفه المتضاربة، يفسرها محللون سياسيون بأنها تأتي في إطار منهج مسك العصا من المنتصف الذي ظل يتبعه الحزب الديمقراطي في مشواره السياسي لسنوات مضت، بينما يرى آخرون ممن تحدثوا لـ “سلاميديا” أن تناقض الاتحادي تجاه التطورات السياسية بالبلاد، نتاج لخلافات بين تيارات داخلية احدها داعم للاستمرار في شراكة الحكم ويؤيد قرارات الرئيس عمر البشير، وآخر يتخذ موقفاً ضد فرض حالة الطواري والمشاركة في الحكومة المقبلة.

ويقول الصحفي المختص في شؤون الأحزاب الاتحادية علي الدالي، “إن غياب القيادة عن الحزب الاتحادي الديمقراطي منذ 6 سنوات خلق مجموعات صغيرة داخل الحزب اصبحت تتحكم فيه وتخرج مواقف متباينة”، وأضاف خلال حديث لـ “سلاميديا” “الاتحادي الأصل حسب النظام الاساسي يدار عبر نظام رئاسي، وبعد ان سافر الرئيس مولانا محمد عثمان الميرغني للخارج، وحله لكافة المؤسسات وقتها جعل الحزب بلا قيادة وظهرت مجموعتين واحدة يقودها نجله الحسن الميرغني وهي تحظى بتأييد كبير من النواب في البرلمان ترفض الشراكة، بينما يتزعمة مجموعة التنفيذيين الداعمين للمشاركة في الحكم احمد سعد عمر وحاتم السر”.

ورأى أن الوضع سيستمر كما هو عليه خلال الفترة المقبلة ويشارك الاتحادي الأصل في الحكومة القادمة من خلال تفاوض جديد لان كافة المعطيات الحالية تؤكد ان الحزب لم ينسحب من الحكومة كما جرى تفسير بيان صدر مؤخراً عن الناطق الرسمي باسم الحزب الفاتح تاج السر، وأضاف :”سيظل الاتحادي الاصل على ذات المواقف الضبابية التي ظل عليها منذ العام 2013م”.

فالمتتبع للتطورات بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، يجد أن فرضية خلاف التيارات وراء تضارب مواقف الحزب هي الأرجح، فمنذ حل حكومة الوفاق السابقة وما لحقها من إجراءات تنظيمية ظلت حالة الخلاف بين تياري “أحمد سعد عمر” المسنود من مكتب زعيم الطائفة الختمية محمد عثمان الميرغني، ورئيس قطاع التنظيم الحسن الميرغني، في حالة تصاعد مستمرة وبدت أكثر علنية بعد أن ظلت طي الكتمان  لأشهر عدة.

وخرجت خلافات التيارين إلى العلن، في منتصف العام الماضي عند بدأت مجموعة أحمد سعد عمر في تصفية مؤيدي الحسن الميرغني وابعادهم من السلطة، وتجلى ذلك عندما تمت الاطاحة بنائب رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم هاشم عمر وهو من اتباع رئيس التنظيم، بينما جرت محاولات مماثلة لاقالة نائب رئيس البرلمان القومي عائشة محمد صالح ذات الانحياز المعلن للحسن، واستبدالها بالقيادي محمد المعتصم حاكم ولكن “عائشة صالح” بدت أكثر قوة وصلابة الأمر الذي مكنها من البقاء في  منصبها حتى اللحظة. وقد سبق هذه التحركات استبعاد كافة وزراء الحزب الذين يدينون بالولاء للحسن الميرغني على مستوى المركز والولايات.

ويبدو أن صراع التيارين المحتدم شكل أرضية خصبة لتكون مواقف الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل متضاربة إزاء ما يجري من تطورات في المشهد السياسي السوداني. فبعد مضي أيام على الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 19 ديسمبر الماضي ضد تردي الاوضاع الاقتصادية وتدعو لتنحي النظام الحاكم، سارعت مجموعة من نواب الحزب محسوبون على الحسن الميرغني بالاعلان عن استقالاتهم من البرلمان والإنحياز لخيار وتطلعات الشارع في التغيير السياسي، الخطوة التي جاءت متزامنة مع اعلان عدد من الاحزاب السياسية الخروج من الحكومة، وهي محاولة حرى تفسيرها وقتها بأن هؤلاء النواب يريدون دفع حزبهم لفض الشراكة.

وفي تطور متلاحق، أصدر الناطق الرسمي باسم الاتحادي الديمقراطي الاصل الفاتح تاج السر بياناً عقب اعلان الرئيس عمر البشير فرض حالة الطواري لمدة عام، أعلن خلاله إنهاء كل اتفاقات الشراكة في الحكم التي وقعها مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم والانسحاب من الحكومة، موضحاً أن “الحزب وقع برنامجا في عام 2011 شارك بموجبه في حكومة الوحدة الوطنية وقتها على أساس درء المخاطر عن الوطن لكن بإعلان حالة الطوارئ وحل حكومة الوفاق تكون البلاد قد دخلت مرحلة جديدة أنهت ما سبق إبرامه من اتفاقيات”. وأشار إلى أن “الاتجاه في الفترة المقبلة سيكون نحو بناء الحزب استعدادا لمرحلة التحول الديمقراطي”.

بيان تاج السر الذي وجد الاحتفاء من قيادات رفيعة في الحزب الاتحادي الأصل بينهم وزير الدولة بالاتصالات السابق إبراهيم الميرغني، قابلته مجموعة محسوبة سياسياً على تيار أحمد سعد عمر بالرفض، مؤكدة تمسك الحزب بالشراكة السياسية مع المؤتمر الوطني إمتثالاً لمقررات الحوار الوطني مما احدث ربكة جديدة في المشهد.

وإزداد موقف الحزب قتامة عندما انتقلت المعركة الى ساحة البرلمان، ففي الوقت الذي اعلن فيه نواب باسم كتلة الحزب رفضهم لمجمل الاوامر الطارئة التي أصدرها الرئيس عمر البشير، صرح آخرون بدعمهم وتأييدهم لقرار البشير بما فيها الطواري التي ينتظر أن يصوت عليها البرلمان اليوم الاثنين على قبولها أو رفضها.

وقال النائب عن الاتحادي الأصل الدكتور علي عوض الله إن كتلة حزبهم في البرلمان ترفض حالة الطواري وستدخل جلسة اليوم بموجب موقفهم المعلن، لافتاً الى ان اعضاء الكتلة في اللجنة الطارئة لدراسة الاوامر الرئاسية ابدوا رأيهم بشكل واضح داخل الاجتماعات. وأضاف عوض الله لـ “سلاميديا” “أن كتلتهم موحدة تجاه رفض الطواري باستثناء محمد المعتصم حاكم الذي يمثل نفسه فقط ولا يمثل موقف كتلة الاتحادي في البرلمان.

فيما يؤكد النائب البرلماني عن الاتحادي الاصل محمد المعتصم حاكم، مساندة حزبه بزعامة محمد عثمان الميرغني لقرارات رئيس الجمهورية الاخيرة بما فيها حالة الطواري، مؤكداً الاستمرار في الشراكة السياسية في الحكومة امتثالا لمقررات الحوار الوطني.