الخرطوم:حسين سعد
شهدت الساحة السياسية مبادرات عديدة ترمي لحل أزمات البلاد، وإبراء الجراح، والمصالحة الوطنية ،والاجتماعية،وتنوعت أساليب تلك المبادرات،وتعددت شخصياتها المختلفة، مثل أساتذة جامعات صحفيين ،وسياسيين وغيرهم،وبالرغم من تعدد تلك المبادرات،وتنوع مشارب الفاعليين فيها الا انها فشلت جميعا في تحقيق أهدافها بمواجهة تيار يجيد المرواغة،وشراء الوقت ،والشاهد مسرحية هنا منذ خديعة(أذهب الي القصر رئيسا،وأذهب الي السجن رئيسا) ونري ان هذه الطريقة للتعاطي من قبل النظام مع الازمة ستقود لاستمرارالواقع المأزوم اصلا،وستؤدي الي مزيد من تقسيم المجتمع،وخلق شرخ اجتماعي يزداد، ويستفحل مع الزمن،وكما قلنا في الحلقات الماضية ان الازمة السودانية تواجه تحديات كبيرة بسبب التطورات المتسارعة داخليا،وخارجيا،صحيح ان الاهتمام الدولي بالاوضاع في السودان قد تضاءل كثيرًا لصالح الاهتمام بالحرب على الإرهاب،والاوضاع في سوريا ،وإيران،إلا أنّ تأثيرالاوضاع الانسانية في مناطق النزاعات،وايصال الغذاء، والدواء للنازحين في المنطقتيين ،والاحتجاجات ،وقمعها، لفت أنظار العالم ، ونري إن تدخلاته كانت بدرجة أقل ،وخيبت أمال الكثير من السودانيين ،والتفسير الراجح لذلك بسبب تضارب مصالح الدول ذات التأثير في الوضع السوداني، وإصرار دول كبري على دعم النظام ، سياسيًا واقتصاديا،واعلاميا،في ذات الوقت نحت دول الي إضاعة الوقت،والمماطلة، واعتبرت بعض الدول الساحة السودانية،بأنها ميدان معركته التي يمكن من خلالها حل مشكلاته العالقة مع الدول الأخرى، مما أدى إلى إنتاج مبادرات منقوصة،غير مكتملة العناصر،هذه الفرضية يؤكدها الصراع القائم بالمنطقة حيث كشف هذا الصراع عن اجندة متعارضة ساهمت في تعميق الصراعات ،ومثالنا هنا ليبيا التي يتخذ صراع التسوية فيها صبغة دولية من خلال التنافس بين ايطاليا ،وفرنسا حيث تربط الاولي بحكم التاريخ الاستعماري وهي -–اي-ايطاليا تعتبر ليبيا احدي مناطق نفوذها التقليدية كما تسعي الي وقف تدفقات المهاجرين من الاراضي الليبية الي السواحل الايطالية ،وتشارك ايطاليا في سوق النفط ،والطاقة الليبي اما فرنسا فقد سعت الي تعزيز وجودها بعد ان قامت بدور مهم في تدخل حلف الناتو ضد نظام القذافي ،فضلا عن تحول ليبيا الي ساحة لتصدير التهديدات لمناطق النفوذ التقليدي الفرنسي في افريقيا، والمثال الثاني للصراع الدولي يمكن الاشارة اليه في سوريا بين كل من امريكا روسيا ايران ،وفي ضوء هذه المتغيرات، برزت مبادرات، ومشاريع سياسية عديدة،ونتوقع ان لا تكون هناك نتائج سريعة مباشرة لهذه المبادرات، حال عدم توحيدها، ووضع وصفات علاجية ،والحاقها بتفاصيل شاملة لبنودها في قضايا الحكم ،والتشريع وكيفية إشراك الشباب في الحكم، وإستيعاب قضاياهم بجانب قضايا الهامش، والتنمية العادلة، والشاملة، ووقف الحرب ،ومعالجة افرازاتها ،ولابد من اتاحة الحريات لاسيما حرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية التنظيم ،واصلاح قانون الاحزاب ،ومنحها الحرية الكاملة لنشاطها السياسي ،النقطة الاخري ،والمهمة هي عودة النقابات الحقيقة ،اما مبادرة جامعة الخرطوم المقبولة من قبل الحكومة، والتي تزايد الحديث عنها في الصحف القريبة من الحكومة، والاعلام الرسمي لم يتجاوب معها الشارع،والبعض يصفها بأنها مجرد فكرة عابرة،وقلل مراقبون من نجاحها،وقالوا انهالم تعالج قضية جوهرية كبيرة،ولم تلبي مطالب الجماهير فضلا عن فقدانها للثقة من أطراف فاعلة ورئيسية ،نخلص الي ان الحلول التي تُبنى على أساس التوازنات الإقليمية ،والدولية هي، بالضرورة، حلول موقّتة، لا تحقق الاستقرار الدائم، فمن دون مركز سياسي موحد ،ومتماسك للمعارضة يمتلك رؤية واضحة للمستقبل ، يجاوب علي سؤال اساسي كيف يحكم السودان فضلا عن احترام التعدد والتنوع لمكونات المجتمع،واحترام الحقوق، والحريات، وتأخذ في حسباتها المعادلات الإقليمية والدولية، وتؤكد للجميع أن المستقبل سيكون عامل استقرار وانسجام لمصلحة الجميع، بدون ذلك ستبقى الأمور علي ماهي عليه،ويستدعي هذا، قبل أي شيء آخر، استعادة روح الثورة والمبادئ التي كانت تمثلها، في الحرية والكرامة، ورفض المساومة على القضية التي ضحَّى من أجلها الملايين ، من المواطنيين بعضهم بأرواحه، وبعضهم بمستقبله، فمن دون ذلك لن يبقى هناك أيُّ أمل للانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية.
أسباب فشل المبادرات
ان النظام المعروف بحيله الماكره مازال يري انه المنتصر، وان البلاد لا تعاني من مشكلة أصلا ،والدليل علي ذلك تصريحات قياداته التي لم تعترف بوجود أزمة الا عقب تمدد الاحتجاجات الجماهيرية علي الاوضاع الاقتصادية، والسياسية ،في وقت يطمح فيه الشعب الي اجراء تغيير كبير في الدولة العميقة والتغيير الشامل، وبناء سودان جديد،والظفربالحرية والكرامة عبر عملية انتقال سياسي يقود إلى الديمقراطية، وفي محاولة للخروج من المأزق، وهذه الحالة غير المسبوقة من السيولة ، خرجت العديد من المبادرات لمعالجة ازمات البلاد، من الأحزاب السياسية والمؤسسات والشخصيات العامة، للدرجة التي وصل فيها إحساس في المجال العام بأن كل مواطن لديه مبادرة لاحتواء الأزمة، وتنوعت مطالب تلك المبادرات فبينما شددت بعضها علي ضرورة تنحي الرئيس، وقيام فترة انتقالية مدتها اربع سنوات، كانت هناك مبادرات ترقيعية،المحصلة النهائية لكل هذه المبادرات (صفر كبير)، ولم تنجح في تحقيق توافق وطني حقيقي، ومعالجة الاوضاع الاقتصادية والحروب ،وبشكل عام نري أن أسباب فشل هذه المبادرات يعود إلى عدة أسباب، تتمثل في الاتي:
أولاً: حالة فقدان الثقة غير المسبوقة من جميع الأطراف تجاه الحكومة، وكما يقول المثل الشعبي السوداني (المجرب لدغة الثعبان بخاف من جر الحبل)ونري ان فقدان حالة الثقة هذه صاحبها حالة من حالات (التخوين) لدمغ المعارضة ،ووصفها بعدم الوطنية والارتهان للخارج،والشاهد علي تمدد وإتساع عدم الثقة هو عد م التزام الحكومة بتنفيذ الاتفاقات التي وقعتها مع الاحزاب السياسية،والحركات المسلحة حيث ماطلة الحكومة، وتلكأت في الالتزام بالتنفيذ، كما أن حالة فقدان الثقة هذه امتدت، وانتقلت إلى الشارع والشباب على وجه التحديد تجاه النخبة السياسية .
ثانياً:فشل الحوار الوطني الذي قاطعته قوي سياسية كبيرة ،وشاركت فيه أطرافه غير ممثلة للأوزان السياسية الحقيقية على الأرض، وكان ذلك الحوار أقل ما يقال عنه إنه حوار الحزب الواحد والمرجعية الايدلوجية الواحدة، وبعض الشخصيات التي نفد رصيدها في الشارع،وخفت بريقها،والأهم من كل ما سبق، أن هذا الحوار بالرغم أصدار توصياته لم ينجز شيئًا إيجابيًا في المشهد السياسي، بل على العكس زاد الأوضاع تعقيدًا،وهنا تكفي نظرة واحدة الي التعديلات التي أجازتها الهيئة التشريعية او تصريحات المشاركين في الحوار انفسهم وكما تقول الحكمة الشعبية(أهل مكة أدري بشعابها).
ثالثا: عدم وجود آلية ملزمة لجميع الأطراف (الحكومة والمعارضة) في هذه المبادرات، أو ضمانات حقيقية يلتزم بها الجميع، مما أدى إلى استمرار حالة فقدان الثقة، بالإضافة إلى التخوين والتربص المتبادلين،ويصف البعض خطاب الرئيس البشير في 22 فبراير بأنه فرصة كان يمكن إستثمارها لكنها ضاعت أيضا.
رابعا:فاقم اعلان حالة الطواري من انعدام الثقة، ويعزا ذلك لتكبيل بعض الحقوق الحريات.
خامسا: اغفال قضايا، وهموم الشباب، وتغييبهم من المشاركة في الشأن العام هو خسارة كبرى، لانه وببساطة ان اتاحة اي فرصة للشباب لتوظيف طاقاتهم المعطلة،هي خطوة جيدة ،من شأنها تحويل المؤسسات إلى أداة فعالة ديناميكية تتميز بالحركة، والمرونة من خلال تطوير الشباب لأدوات فعلها في الواقع بتطوير قوانينها، ووسائل التواصل، و التفاعل مع الناس، كما يساهم ذلك في تجنب الحلول اليائسة كالهجرة السرية، والعلنية (هجرة العقول ) أو الإنتماء لتنظيمات إرهابية.
سادسا:تفضيل وتعامل الحكومة مع مبادرة جامعة الخرطوم دون غيرها من المبادرات، ولاساتذة الجامعة نفسها مبادرة ناهيك من بقية المبادرة هذه الطريقة عززت من الشكوك وفقدان الثقة،ولم تكتفي الحكومة بذلك بل اتاحت الاعلام الخاص، والرسمي لمبادرة جامعة الخرطوم بوصفها مفتاحا سحريا لحل ازمات البلاد، وليست بداية طريق الحل، أو على الأقل إحدى الطرق المؤدية للحل.
سابعا: البنود التي احتوتها مبادرة جامعة الخرطوم جاءت عامة وفضفاضة، ولم تحمل في طياتها أي وسيلة لتحقيق طموح وتوقعات الشارع.
ثامنا:أغفلت المبادرة اهتمامات وقضايا المراة السودانية التي شاركت بفاعلية في الثورة الحالية والتي سبقتها وتصدت لعصف السلطات في مناطق النزاع وتحملت أعباء فوق طاقتها في تربية الاسرة وتحمل كافة انعكاسات الاوضاع الااقتصادية والمعيشة القاسية كما عانت المراة من القوانيين المهينة والمذلة للمراة.
الشباب:
بعد مرور ثلاثة عقود من التهميش المتعمد علي الشباب، واقصائه من العمل، والمشاركة السياسية سوي بطريقة صورية،فهاهي انتفاضة ديسمبر تعيد الروح الي الشباب السوداني الذي يشكل اكثر من 60% من السكان ،وبالتالي فإن الجيل الحالي من الشباب هو الأكثر عددا من أي وقت مضى في التّاريخ، هذه الأرقام تكشف عن القوة الديموغرافية الهائلة التي يمثلها الشباب، والتي تفرض على الجميع التعامل معها جيدا،وما تمثله من رصيد طاقي، وأن تضع على سلم أولوياتها كيفية حسن استغلال هذا المورد البشري، و تصريف طاقاته نحو مشاريع العمل والإنتاج،وتأتي ثورة ديسمبر الظافرة تعبيرا عن رفض للظلم المسلط على الرقاب من طرف نظام متسلط ،كما أعادت هذه الثورة الشباب إلى المشهد، كيف لا و هم من رابطوا في الساحات، وواجهوا قمع الدولة بصدورعارية، وبشعارات ترددت صداها في كل مكان، وانتشرت بفضل تطور، وسائل التواصل الاجتماعي، ففي لحظة الثورة كان وما
زال الشباب معول الأمة التي هدمت بها أصنام الظلم و الطغيان، والان جاءت لحظة البناء وهي النطقة التي انطلقنا منها في نقدنا للمبادرات واغفالها لمشاركة الشباب وقضاياهم فالواقع الحقيقي والطبيعي هو جعل الشباب شريك، و قائد،فاعل في كل خطوة ،التاريخ والحاضر يحكي لنا عن نجاح دول كثيرة في ذلك فلا غرابة في أن نجدها في مصاف الدول المتقدمة،واقعيا نجد إن مشاركة الشباب في الحقوق السياسية شبه معدومة، بسبب افتقاد المواعين الحزبية لروح الشباب الفتية والتجديد ، وفي نظرة خاطفة لهياكل بعض الأحزاب تكتشف انه لا يسمح بسهولة ومرونة بصعود الشباب إلا عبر مروره بعشرات الهياكل فلا يكون في الصف القيادي الا بعد تجاوز سنوات من العمل الحزبي المضنى، و خوض صراعات حزبية بأليات بالية تعتمد على مفاهيم الولاء قبل الكفاءة. و حين يصل لا يكون قد مازال في شبابه الكثير،في واقع تتحول فيه الأحزاب إلى شبكة مصالح تعمل على حفظ مصالحها بعيدا عن المصالح الحقيقية للشباب فلا يجد الشاب مبتغاه فيها سواء من خلال ما تعلنه من أهداف وأدبيات ونصوص تأسيسية لا تتماشى و طموحات جيل الشباب الحالي، أو من خلال ما تمارسه من ممارسة سياسية حقيقية بتطبيعها مع الفساد و حفظ مصالح الكبار ،بينما توظف بعض الاحزاب الشباب الذين يتم تصعيدهم لكابينة القيادة ليس بإعتباره شاب ومقتدر ومؤهل بل الهدف هو توظيفه لخوض معارك الخصوم نيابة عن من يدعمونه من تحت الطربيزة،ويجد ذلك الشاب المحظوظ (يداوس ) نيابة عن أخرين في وقت تضج فيه الساحة السياسية والاجتماعية والشبابية بقضايا الشباب التي تطورت مع تطور وسائل التكنولوجيا تطورا سريعا،حيث ظهرت مشاكل و تحديات جديدة أهمها البطالة و الأزمات المالية الخانقة و الإرهاب و الهجرة السرية ومشاكل البيئة فيجد نفسه في صراع أجيال حامي الوطيس من أجل فرض وجوده و رؤيته صراع يستنزف قدراته النفسية و البدنية،والنتيجة، غياب الشباب كهدف ووسيلة في برامج الأحزاب حيث يقتصر الحديث عنه في المناسبات السياسية كالانتخابات والنظر إليه خزانا إنتخابيا ،ومشاركا في الحملات ومحرضا الجماهير للتصويت وليس مرشحا ويتجلى غياب الشباب في المجال السياسي من خلال إنخراطه في الأحزاب السياسية، وانتخابات 2015م والتي سجلت عزوفا كبير، وخيبة أمل أكبر للشباب،كما يلاحظ جنوح الكثير من الشباب للانخراط في منظمات المجتمع المدني لما تتمتع به من مرونة ،مثل (شارع الحوادث –اقمار الضواحي-نفير وغيرها)أوتشكيل حركات احتجاجية،والتي تكون شبابية القيادة والأهداف مثل (التغيير الان –قرفنا وغيرها) ولعدم استيعاب طاقات الشباب وتوظيفه بجانب الفساد ، هذاالواقع ادي الي عزوف الشباب مفضلا الهجرة خارج البلاد مهما كانت فاتورتها طريقا للخلاص،وفي حديثي مع عدد من الشباب في جلسات مختلفة يفضل غالبيتهم الهجرة خارج السودان مهما كانت خطورة تلك الهجرة وتكلفتها، وفي تقديري ان عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية موضوعيا وواقعيا هي عزوف عن (وعي) من الشباب، رسالة احتجاج منه إلى الفاعلين السياسيين بأن ينتبهوا إلى مطالبه إصلاح المجال السياسي عبر إصلاح البيئة السياسية أولا التي تأثرت بمناخات الإستبداد طيلة ثلاثة عقود لابد من بناء مشروع وطني جامع ديموقراطي بروح شبابية طموحة،وسن التشريعات التي تحمل بين جنباتها الآليات الكفيلة بخلق مناخ لزيادة مشاركة الشباب في الحياة السياسية.
صراع البقاء:
وفي مقال له يقول الدكتور النور حمد ان نظام الرئيس عمر البشير،يعيش منذ ديسمبرالماضي وضعًا حرجًا، في صراع البقاء. فهو يصارع، الآن، على جبهتين، خلافًا لأكثرية الأنظمة العربية، الأخرى التي واجهت ثوراتٍ شعبية، صارعت فيها على جبهةٍ واحدةٍ، هي جبهة الحراك المناوئ لها. أما نظام الرئيس البشير، فيصارع، أزماتٍ اقتصادية، ومالية، ومعيشية حادَّة، ويصارع، في الوقت نفسه، حراكًا شعبيًا، طويل النفس، دخل، الآن، شهره الرابع. وكلما تفاقمت الأزمات؛ الاقتصادية والمعيشية، والسياسية، ازدادت فرص الحراك في الاتساع، وازدادت، من ثم، خطورته عليه. وقد بلغت الأزمات طورًا، جعل الحل منحصرًا في تغيير بنية النظام جذريا ،وأوضح النور أن أزمة النظام في الأصل سياسية، وقد ظل ينكرها، باستمرار، مستمرئًا نهج الالتفاف عليها. وما يقوم به النظام حاليًا هو نهج الالتفاف نفسه، القائم على تخدير الجماهير بخطابٍ غامضٍ، ريثما يأتي عون مُنقذ، من أحد الأطراف الخليجية، غير أن نهج النظام المتّسم بالمراوغة، وتغيير التحالفات، بلا مقدمات، واللعب على أكثر من حبل، هو ما ظل يُفشل جهوده. ولعله لم يعد يتلقى، من الأطراف الخليجية، إلا ما يقيم الأودمثلما فقد النظام ثقة القوى الإقليمية، ومن قبلها، ثقة القوى الدولية، فهو قد فقد، أيضًا، كامل ثقة المواطنين في الداخل، خصوصاً بعد أن اضطُرَّ إلى حجز أموالهم المودعة لديه في البنوك، ومضي حمد في مقاله بالقول : كل الشواهد،تقول الآن، إن النظام في السودان لم يعد قابلاً للإصلاح أو الترقيع، فقد تحول النظام، منذ سنين عدة، إلى ثقبٍ أسودَ لتبديد الأموال والموارد، في الثراء الشخصي، وإحكام القبضة الأمنية. ولعل الذي يجعل النظام باقيًا في الحكم خوف قطاعٍ كبيرٍ من المواطنين السودانيين، وخوف القوى الإقليمية، والدولية، مما ستؤول إليه الأوضاع، إن انهار النظام، من دون ترتيباتٍ كافية، تجعل ذهابه مأمون العواقب. ولا يزال النظام يكابر في الاعتراف بأن أزمة البلاد، في الأساس، سياسية، تحتاج حلاً سياسيًا، أساسه، في اللحظة الراهنة.(يتبع)