مدني ــ عاصم الأمين

يعد مشروع الجزيرة أحد أكبر المشروعات الزراعية في العالم وأضخمها، وهو مشروع حمل على عاتقة في أوقات سابقة كل السودان وظل يرفد الاقتصاد السوداني وكان يمكن بقليل من الدعم والتطوير أن يقفذ بالبلاد إلى آفاق أخرى من الرفاة والرخاء، إلا أن التقلبات السياسية، وتضارب السياسات وغياب الرؤى أقعد بالمشروع لتمتد إليه أيادي عاثت فيه فساداً فضاعت أصوله بالبيع والإهمال،وغاب عن المشهد الاقتصادي  فضاعت البلاد. 

 كان تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل أكد قبل أيام أن قضية الفساد في أصول مشروع الجزيرة والمناقل والتي تمثل أبشع جريمة ارتكبت في حق إنسانية الجزيرة والسودان  ستظل  لعنة تطارد الذين ارتكبوها من قيادات المؤتمر الوطني واتحاد المزارعين.

 واستنكر التحالف في بيان تلقت “سلام ميديا” نسخة منه أن يتم بيع أصول ومقومات الإنتاج تحت دعوى النهضة الزراعية أو النفرة البيضاء أو الخضراء لرفع معدلات الإنتاج.

 ووفقاً لكل الدراسات والتقارير فإن المشروع لا يحتاج سوى إعادة تأهيل بنياته الأساسية لتعمل بكفاءة 90% بعد عطاء ثر تجاوز الثمانين عاماً مع العلم أن أصول المشروع ملك للمزارعين ،سددت ـ وفقاً لوثائق المشروع ـ  من أرباح موسمي 49_50و50_51 إضافة لمعظم المنشآت الحكومية.

وكان تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل وزع مستندات  على وسائل إعلام محلية، حصرت الأصول التي بيعت، وقد شملت المصالح الثلاثة وهي السكة حديد والمحالج والهندسة الزراعية.

 وتشمل منشآت السكة حديد القاطرات وخط السكة الحديد (القضيب) والماكينات والكباري وغيرها واليت تبلغ قيمتها الإجمالية  مئات الملايين من الدولارات، في الوقت الذي تشير فيه  التقديرات لان إعادة سكة حديد الجزيرة تحتاج إلى أكثر من “مليار دولار”.

 ويقول التحالف إن هذه الممتلكات بيعت على أساس طن الحديد وليس قيمتها الفعلية ، وليس ذلك فحسب وإنما هناك أدوات وآليات وقطع غيار أتت بها شركة ( اتش بي أي) الإنجليزية لأجل إعادة تأهيل سكة حديد الجزيرة  كان مصيرها أيضا البيع بنظام “طن الحديد”  وهي مازالت في صناديقها التي جاءت فيها من بريطانيا.

 ويوجد بالمشروع عدد  (14) محلجاً منها (10) محالج اسطوانية وأثنين من المحالج المنشارية إضافة إلى محلجين للزغب، أحدهما بمارنجان والآخر بالحصاحيصا تعمل بكفاءة عالية لإنتاج ينافس في الأسواق العالمية،فضلاً عن توفير البذور والتقاوى.

وقد تصل التكلفة الحقيقية التي يجب أن يدفعها مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل لإيجاد بديل لهذه المحالج لأكثر من (262) مليون دولار وهذا لا يتضمن قيمة الأرض وتكاليف أخرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى العديد من  الخبرات السودانية في مجال المحالج التي تم تشريدها وهي بالطبع لا تقدر بثمن.

 ومن الأصول المهمة التي تم التصرف فيها وبيعها، مرفق الهندسة الزراعية هو ثالث أهم ثلاثة ركائز لمشروع الجزيرة كانت تؤدي  دوراً متعاظماً في أعمال الحرث العميق للتربة والذي بموجبه تجدد الأرض كل 4 سنوات بالإضافة إلى استخداماتها في القضاء على الحشائش والآفات الضارة وللهندسة الزراعية دور متميز في الحقول الإيضاحية والمزارع التجريبية لأغراض الإرشاد والتجريب.

وشهد سنوات العهد  البائد بيع أصول الهندسة الزراعية والتي بلغت في جملتها (904) آلة منها  جرارات متعددة الأنواع وحاصدات وآلات نثر السماد والرش،كما تشمل أصول الهندسة الزراعية (5)  بجانب ورش متحركة وهي أصول، بيعت دون مسوق قانوني “بيع من لا يملك لمن لا يستحق”.

ويمتلك مشروع الجزيرة ـ بحسب المستندات والوثائق ـ أوصل أخرى وبنيات أساسية منها المنازل و”السرايات”  حيث بلغ عدد المنازل (2500) منزل و(242) سرايا بمكاتبها وملحقاتها  فضلاً عن امتلاك المشروع لعمارة ضخمة في قلب مدينة الضباب “لندن” وعمارتين بمدينة “بور تسودان”، وعدد ضخم من المستودعات والمخازن وأكثر من (200)غابة في مساحات شاسعة.

ومن البنيات التي يمتلكها المشروع وتم تعطيلها مطاحن “قوز كبرو” مصنع للعلف ومؤسسة المزارعين التعاونية ومصنع نسيج المزارعين بشرق مدني.

إن تدهور مشروع بكل هذه البنيات  الضخمة وفي مساحة (2.2 ) فدان تروي بري انسيابي لهو جرم شنيع لا بد أن يحاسب من ارتكبوه وهو جرم ليس في حق السودان فحسب بل جرم يطال كل الإنسانية كيف لا ومشروع الجزيرة يعد ظاهرة كونية .