الخرطوم ــ عباس التجاني
أسئلة عديدة خلفتها عودة نائب رئيس الحركة الشعبية، ياسر عرمان، المفاجئة للخرطوم، هل استفاد ياسر وعقار من الفراغ السياسي، وصراع الأجنحة بالحركة الشعبية شمال، مما دفعهم الالتحاق بقوى اعلان الحرية والتغيير بالداخل؟ ام انهما لا يمتلكان القوة العسكرية على الارض والرهان عليها في الفترة الانتقالية.
وعاد ياسر عرمان برفقة الامين العام للحركة الشعبية جانح عقار، بعد ان سقط الرئيس المخلوع عمر البشير بثورة شعبية مازالت مستمرة. وقبل ان تهطب قدم عرمان مطار الخرطوم، تسارع الخطوات بين ابوظبي والقاهرة لعقد مشاورات مع ابوظبي عن فرص السلام في السودان، وذلك حسب تصريح صحفي منسوب اليه.
وسبق وفد حسن النوايا، عودة عرمان بعد غياب دام ثمانية سنوات، طالب الوفد المجلس العسكري بتجميد حكم الاعدام الصادرة بحقه، بعد ان اندلعت الحرب بين النظام البائد والحركة الشعبية شمال منتصف العام ٢٠١١.
وضربت الانشقاقات جسد الحركة الشعبية بعد سنوات من الحرب مع نظام البشير المخلوع، فانقسمت الحركة الى فصيلين، أحدهما بقيادة عبد العزيز الحلو والأخرى بقيادة مالك عقار والى جانبه ياسر عرمان. وفور وصوله الخرطوم، انخرط ياسر عرمان في سلسلة اجتماعات مع قيادات المعارضة، بعد ان عقد مؤتمر صحفي بالقرب من ميدان الاعتصام امام القيادة العام.

وشكك مراقبين، في الموقف المعلن لعرمان، الذي يقول انه عاد الي البلد لانهاء الحرب و تحقيق السلام، والعمل من اجل التحول الديمقراطي.
وقال الصحفي المتخصص في الشئون السياسية، نزار سيد أحمد،  لـ (سلاميديا) انه يحاول اكتساب وضع جديد في خارطة السياسة السودانية بعد ان سحب عبد العزيز الحلو منه وعقار البساط بتجريدهم من القوات المقاتلة أو بأبعاده من زخم الميدان، وبالتالي اتجاهها الى الداخل وبخاصة نحو الجماهير المحتشدة داخل القيادة إنما القصد منها مغازلة المجلس العسكري بأظهار انه حريص على السلام وأنه كان في عداء مع النظام السابق.

وأضاف سيد أحمد “ليس له أي موقف معادي مع قيادات المجلس العسكري، وفي الجانب المقابل محاولة كسب جماهير جدد من خلال الاحتكاك المباشر مع الجماهير في الميدان والظهور بمظهر الحريص على الثورة ومكتسباتها”.

وأكد أن الرهان عموما على القوات في ميادين القتال ما عاد مجدياً وفاتورته باهظة، وبخطوة العودة ربما قصد عرمان التخلص من عبء القوات العسكرية خاصة وأن أي عملية سلام قادمة لن تحقق مكاسب سياسية او اقتصادية لاي حركة، بخلاف ما يمكن أن تحققه مع النظام المباد الذي كان جاهزا لدفع فاتورة السلام.

من جهته قال استاذ العلوم السياسية بجامعة بحري، د. محمد أحمد شقيلة، لـ (سلاميديا) إن الذي حدث في الحركة الشعبية خلال العام 2017 هو في حقيقته عملية إقالة لمالك عقار وياسر عرمان وإحلال قيادة جديدة مكانهما عبر القنوات المؤسسية للتنظيم (المؤتمر العام).
وأضاف “الدليل الأكبر على أن ما تم هو (إقالة) وليس (انشقاق)، كما يروج لذلك الكثيرين لأغراض لهم، هو أن الجيش الشعبي وكوادر وجماهير الحركة قد إلتفت حول القيادة الجديدة، وهذا طبيعي فهي من اختارتها وبصورة يمكن القول انها ديمقراطية”.
وأوضح شقيلة أن تلك الأسباب هي التي قادت مالك عقار وياسر عرمان للهرولة نحو الخرطوم للحاق بقطار الثورة، مردفاً “فهما بعد الاقالة التي حدثت لهما من قيادة الحركة، ووجدا أنهما بلا جيش أو كوادر وجماهير أخذا يبحثان عن وجود سياسي لهما، وكان الملاذ، الانخراط والعمل في إطار تحالف نداء السودان، الذي قبلهما رغم معرفته بأنهما لا يمثلان سوى نفسيهما في الواقع، اذ لا بأس من المساهمة في انقسام الحركة فهي في النهاية منافس سياسي وهذه سياسة”.
وأشار شقيلة إلى أن “نداء السودان” فقد الحركة الشعبية الحقيقية بكل قوتها السياسية والعسكرية بقيادة الحلو، حيث لم تنضم لنداء السودان لجهة أن “هنالك حركة شعبية واحدة اما يمثلها “عقار وعرمان” في نداء السودان او تمثل نفسها بقيادة الحلو ولا خيار ثالث.
وزاد “هذا هو السبب الرئيسي الذي دعا الحركة الشعبية لعدم الانضمام لنداء السودان”.
من جهته قال الناشط بمبادرة استعادة نقابة المهندسين، عبد الخالق محمد بابكر، لـ (سلاميديا) الحركة الشعبية جزء من تكوين الجبهة الثورية والتى بدورها هى جزء من كتلة نداء السودان وهي إحدى الكتل السياسية الموقعة على إعلان الحرية والتغيير.
وأضاف بابكر “لا يوجد فراغ سياسي حتى يملأه أحد بدليل رضوخ المجلس العسكرى واعترافه بشرعية قوى الحرية والتغيير هذا ما يؤكد حيوية الفعل السياسي وشعبيته”.
وأكد أن ثورة ديسمبر – ابريل سلمية، الشيء الذي أتاح لكافة القوى الثورية المسلحة للالتحاق بركب الثورة ومن ثم مشاركتها فى صنع القرار السياسي، وان الحركة الشعبية جزء أصيل وفاعل من مكونات الثورة السودانية بلا مزايدة. مردفاً “اذن الحركة الشعبية لا تحتاج لمبرر أو تمهيد للمشاركة”.
وقال استاذ العلوم السياسية جامعة افريقيا العالمية، مصطفى الجميل، لـ سلاميديا) إن ياسر يمتلك طموح غير محدود، إلا ان طموحه اصطدم بجدار الوعي المتزايد وسط الجيل الجديد للحركة الشعبية، مما وضع حدا لتحركات عرمان وسط الجيش، الذي يسيطر عليه القائد الحلو بالاضافة الى مؤسسات الحركة الاخرى، ذلك ما عجل بانشقاق عرمان عن الحركة والانحياز لمالك عقار.
وتابع الجميل، “يعاني مالك هو الآخر من تفكك جيشه وتماسك القوات التي سقطت واحدة تلو الاخري في ايدي مجموعة الحلو، التي تتميز بالانضباط وتكتيكها الصارم”.
وذكر أن لقاء عرمان بقيادة نداء السودان وخلق تحالفات مع الاحزاب والحركات وعمل مناورة واسعة مع المجتمع الإقليمي والدولي والمحلي المتمثل في شباب الاحزاب والحراك، مضيفاً “كل هذا حتى يستفيد من السباق لتحقيق مكاسب سياسية عبر تسويات التفاوض، وهو يعلم أن حدثت انتخابات حتى هو المستفيد من اسم وزخم الجيش الشعبي باعتبار أن الحل لا يأتي إلا بتفاوض وجولات وزمن طويل”.
 وتابع “عرمان يريد أن يلحق السوق قبل حدوث تسوية مع حركات دارفور وبقية الأحزاب”.