د. أحمد بابكر

كما درج بعض مشجعي الهبوط الناعم إحداث نوع من الخلط المفاهيمي والاصطلاحي المقصود.
حيث تم توحيد مفهومي الثورة السلمية بالثورة المسلحة تحت اسم التغيير الخشن وهنا كان التدليس والاستهبال في أعلى تجلياته…… وفي المقابل تم اعطاء مفهوم الهبوط الناعم صفة التغيير وكذلك صفة الثورة…
خلونا نفكك المفاهيم دي واحدة واحدة ونشوف هل يمكن تمرير هذا الالتباس المقصود؟
الثورة السلمية الشعبية :وهي آلية تغيير ارتبطت بأنها ثورة لاعنفية اي انها لاتستخدم السلاح إنما تستخدم أساليب التظاهر والعصيان والاضراب والاحتجاج…
تانيا :ارتبط طرحها في السودان بقوى تتحدث عن تغيير جذري للبلاد عبر إسقاط كااامل لنظام الإنقاذ كمدخل وحيد للتحول الديمقراطى الراسخ والمستدام…
ثالثا :هذا الخيار لايمنع السلطة الحاكمة من ممارسة القمع والعنف في مواجهة الثوار السلميين الذي يصل مرحلة القتل والتصفية كما حدث ولايزال باعتبار ان الثورة مازالت مستمرة.
رابعا :الثورة السلمية ودعاتها في السودان يرفضون تماما التعايش مع النظام القديم وهذا مطروح ومعبر عنه في منفستو برنامج الحرية والتغيير بتفكيك وتصفية ركائز نظام الانقاذ كأحد أهداف الثورة الأصيلة.

* الكفاح المسلح التغيير الخشن
وهو ذو محتوى واضح يستخدم السلاح كأداة للتغيير. وبغض النظر عن رأي البعض فيه يظل هو أحد أشكال المقاومة والتغيير المعروفة على مستوى العالم.. وعلى مستوى السودان ارتبط دائما بأنه وسيلة ضغط يؤدي في النهاية لمفاوضة السلطة الدكتاتورية لنيل بعض الحقوق التي ارتبطت تاريخيا ببعض الأقاليم في السودان أي أن نتيجته لاتصل لإسقاط النظام..

الهبوط الناعم :وهو مصطلح في جوهره يعني التسوية مع النظام القائم والتعايش معه وهي ثقافة تجد الدعم من المجتمع الدولي والاقليمي لانه تغيير محكوم بموجبه يشارك الجميع في السلطة بطريقة او أخرى، اي ان الهدف هو استيعاب الفرقاء في سلطة واحدة وقد بدأ هذا التفكير لتحجيم الشعوب خاصة في منطقتنا حتى يتم منع اي إمكانية لتغيير عميق يقود إلى استقلال حقيقي وتفجير لطاقة هذه الشعوب في الاستفادة من مواردها بشكل كامل…
وعلى مستوى السودان بدأ هذا الأمر بانحراف التجمع الوطني الديمقراطى عن هدفه الرئيسي وهو إسقاط النظام إلى عمل اتفاقات معه في جيبوتي والقاهرة ثم نيفاشا….
واخيرا تم الإفصاح عن مفهوم الهبوط الناعم بشكل صريح وواضح عبر تكوين جسم خاص قام على قرارات إقليمية ودولية للتسوية مع النظام حيث شهد عام2014 قيام تحالف نداء السودان على قاعدة قرار الآلية الأفريقية 456 وهو قرار يدعو بشكل صريح وواضح للتسوية مع النظام اي في المحصلة النهائية التعايش مع النظام وعدم تفكيك ركائزه….
وهو تغيير في جوهره فوقي ولايستند على عمل شعبي… رغم انه يمكن استغلال اي هبه شعبية لعمل تغيير مخادع مثل ماحدث في مصر ويطمح له البعض في السودان عبر الحديث عن عدم الإقصاء ومشاركةالاسلاميين الذين قامت ضدهم الثورة….
اذا من خلال إلقاء الضوء على طبيعة المفاهيم أعلاه نجد ان محاولة الصاق فرية الهبوط الناعم بثورة ديسمبر المجيدة التي لم تنتهي ومازالت مستمرة حتى الآن هي محاولة للانتصار للذات لبعض السياسيين الذين كانوا ينكرون سعيهم لإنجاز الهبوط الناعم وايضا محاولة لاحباط الثوار بتقزيم الثورة وذلك لضربها وتفريغها من محتواها من خلال سنوات خبرة طويلة في افشال الثورات وتفريغها من محتواها الجذري وتحويلها في أفضل الأحوال لتغيير فوقي لايمس جوهر استمرار الامتيازات التاريخية لبعضهم وكذلك امتيازات اكتسبها البعض عبر الحرب والبعض الاخر ربط مستقبله بتنفيذ التوجهات الدولية والاقليمية.
كما انها محاولة للضغط لاشراك الاسلاميين وبالتالي الالتفاف على الثورة بفهم ان هناك من تراجع عن مفاهيم الإنقاذ وووالخ….
علينا الحذر من محاولات التدليس فليس هناك علاقة بين الثورة السلمية الشعبية كاداة تغيير شعبية بامتياز وبين الهبوط الناعم كاداة تعايش فوقي وتسوية بين فرقاء للوصول لحل يرضى الطرفين…
الثورة الشعبية السلمية لاتعني التغيير الخشن….
ومحاولة حصر الخيار في الهبوط كمشترك والاختلاف في نعومته او خشونته عملية خداع معروفة…
الهبوط هو الهبوط…
ولا علاقة له بالثورة