أحمد موسى قريعي
لا يوجد في كل الدنيا أخطر من التطرف بشقيه “الفكري والمسلح” خاصة إذا ارتبط بالدين، تكمن خطورة التطرف في عدم اعترافه بالحدود، وعدم احترامه لمعتقدات وأفكار الآخرين. فهو لا يؤمن إلا بنفسه وفكره ومعتقداته، وإن أدت إلى هلاك وقتل كل البشرية.
في هذه “السلسلة اليومية” سوف أرصد بالتحليل والنقد والمتابعة والتتبع “التطرف الإسلامي” الناتج عن جماعات “الإسلام السياسي” و”جماعات الجهادوالهوس الديني”باعتبارها أخطر “ظاهرة دموية” في عالم ما بعد الديمقراطية، لأن هذه الجماعات قد عملت وبحرفية عالية على تشويه وتمزيق وتفتيت الدين الإسلامي وتقديمه للعالم في قالب “مصاصي الدماء” فأضحى الإسلام هو ذلك “المسخ الدموي” الذي يعشق أنصاره “الدم والبارود والوحشية”.
مدخل أول
صار الإرهابالآن “وصمة عار” لحقت بالإسلام والمسلمين بسبب تلك الأعمال الصبيانية المجنونة التي ترتكبها بعض الجماعات المنسوبة للإسلام، أو أولئك الأفراد الذين يحملون في صدورهم وأفئدتهم وعقولهم الصغيرة أفكارا ودوافع إسلامية وسياسية ينتقونها ويختارونها بمهارة وعناية من بعض التفسيرات المتطرفة للقرآن والحديث وأفكار السلف الصالح. وذلك لتبرير تكتيكاتهم العنيفة التي تشمل القتل الجماعي والإبادة الجماعية.
وفقاًلمؤشرالإرهابالعالميعام 2016 أن أربعة تنظيمات إسلامية متطرفة “فقط!” مسؤولةعن 74% منجميعالوفياتالناجمةعنالإرهاب في العالم لسنة 2015، هي “تنظيمالدولةالإسلامية (داعش)،وبوكوحرام،وطالبانوالقاعدة”.
مدخل ثان
ظهرمصطلحالإسلامالسياسيلتوصيفالحركات السياسية التي تؤمنبأن الإسلامليس دين فحسب وإنما “نظاماسياسيا”واجتماعياوقانونياواقتصاديايصلح للحكم وبناءمؤسساتالدولة.لكن ماهي الأسباب والدوافع التي أدت إلى ظهور هذا المصطلح سيء الصيت؟
في يقيني أن هنالك دافعا واحد فقط هو السبب وراء هذه “البلوة” الإسلامية. هذا الدافع هو “مجد الإسلام” الغابر وذلك أن احساس المسلمين بضياع مجدهم ودولتهم وخلافتهم الإسلامية عام 1924 على يد التيار العلماني التركي، قد ترك في نفوسهم “حسرة” لا يمكن أن تزول إلا بعودة مجد الإسلام الأول، ومن هنا بدأت فكرة عودة المسلمين إلى عهد الإسلام الأول إسلام “أبي بكر الصديق وعمر” فظهر على السطح الفكر “الوهابي السلفي” باعتباره المنصة الفكرية الأولى التي انطلقت منها كل الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تحمل عبء إحياءالأمةالإسلامية،وإصلاحالمجتمعاتالمسلمةواستعادةمجدهاالسابق. لأنهم يفترضونببساطة شديدة أنهإذااتبعالمسلمون “الدين الحق” و”الشريعةالحقيقية”،واتبعوا “فهم السلف الصالح” فإنهمسيحظونبالمجد والمكانةمرةأخرىمثلأسلافهممن المسلمين الأوائل.
ثم تتابع تأسيس الحركات والجماعات والأحزاب الإسلامية السياسية القائمة على فكرة تنظيمالمجتمع المسلموفقاللشريعةالإلهية المحمدية، فكانت تلك الحركات التي تحمل راية “الإسلام السياسي” مثل الجماعةالإسلاميةفيجنوبآسيا،والإخوانالمسلمين والجماعات السلفيةفيالعالمالعربي وأفريقيا.
تختلف هذه الجماعات في الرؤى والأفكار والاتجاهات والتطرف كل حسب قوته الفكرية ومصدر تمويله وأساليب “خسته وندالته”. فمنها من لم تسعه أحلامه كحزب التحرير الذي يسعىإلىإقامةخلافةإسلاميةعالميةعلى منهاج النبوة،ومنها من ينحصرعملهفيإطار الدعوة “للسلاطين والملوك والحكام” والتحذير على عدم الخروج عليهم، ومنها ما يسعى إلىإقامةدولةإسلاميةمثلحماسفيفلسطينوحركةطالبانفي أفغانستان وباكستان. ومنها من تتخذالقوةوالعنفوالإرهاب لفرض أفكارها مثل “داعش” في العراق والشام، ومنها المنتظر الذي يترقب ويتحين الفرص.