الخرطوم ــ ناهد الحاج
أصبح اختيار الولاة المدنيين وتكوين المجلس التشريعي مرهونا بمفاوضات السلام الجارية بـجوبا، رغم ان الوثيقة الدستورية التي وقعت في أغسطس قد حددت “17نوفمبر الماضي” تاريخا لتعيين الولاة المدنيين وتكوين المجلس التشريعي، لكن تم ارجاء الخطوة حتى الانتهاء من ملف السلام بالتوقيع على اتفاق ينهي الحرب.
وفي الوقت الذي تسير فيه المفوضات في جوبا خرجت في الخرطوم وبعض الولايات العديد من المواكب في ولايات جنوب دارفور والابيض وكوستي وكذلك عطبرة المدينة التي انطلقت منها شرارة ثورة ديسمواكب احتجاجية تطالب بالتعجيل في تعين الولاة المدنيين وتكوين المجلس التشريعي.
يقول نور الدين صلاح الدين، القيادي بقوى الحرية والتغيير، لـ (سلام ميديا) إن قوى أعلان الحرية والتغيير قد وافقت في تسميتها على جميع الولاة بعد سلسلة من ألاجراءت والتدابير الداخلية عقدتها في الولايات وتسلسلت حتى مستوى المجلس المركزي، كما وافقت على تعيين الولاة المدنيين الثمانية عشر وتشكيل المجلس التشريعي وقد قدمت الاسماء الى رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك.
ويرى نور الدين ان هذا التأخير بسبب الاتفاق الذي ابرمتة الحكومة مع قوى الكفاح المسلح لتأجيل تعيين الولاة والمجلس التشريعي الى حين الانتهاء من العملية السياسية المتعلقة بملف السلام، كما تم تمديد الاتفاق الإطاري بين الحكومة والجبهة الثورية لفترة ثلاثة أسابيع.
ويجري الطرفان حالياً نقاشات حول تشكيل المجلس التشريعي وحكومات الولايات، وفي حال فشل الطرفان في التوافق حول هذه المسالة سيترك للحكومة اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة لتحقيق المصلحة العامة، كما نص اتفاق التأجيل.
لجنة مشتركة
من جهته يقول القيادي بالجبهة الثورية، محمود آدم محمود، لـ (سلام ميديا) إن الجبهة الثورية ترى ضرورة الالتزام باتفاق أعلان جوبا لبناء الثقة الموقع في ديسمبر الذي ينص في بنود أخرى على أرجاء تعيين الولاة والمجلس التشريعي الى ما بعد الوصول الى أتفاق السلام.
واضاف “فقد طرحت حكومة السودان الانتقالية والوفد المفاوض في جوبا هذه المسالة بمشاركة ممثلين من قوى اعلان الحرية والتغيير وصادفت هذه المناقشات انتهاء فترة اتفاق اعلان جوبا من ما أدى الى تمديد اتفاق اعلان جوبا لمدة “21”يوما على أن يتم في الأسبوع الأول مناقشة قضايا الولاة والمجلس التشريعي”.
وأعلن عن تكوين لجنة من الطرفين “الجبهة الثورية والوفد الممثل لحكومة السودان وقوى اعلان الحرية والتغيير” على أن يمثل خمسة أشخاص من كل طرف للبحث في قضية الولاة وتكوين المجلس التشريعي وقد باشرت اللجنة المهام أمس لوضع خارطة اجندة النقاش”.
خلل كبير
الصحفي والمحلل السياسي قرشي عوض يرى أن الفراغ الذي يحدث الآن هو ناتج عدم تكوين المجلس التشريعي ويشير الى خلل كبير في تنفيذ الوثيقة الدستورية.
ويقول لـ (سلام ميديا) إن عدم مقدرت الحكومة على اصدار التشريعات والقوانين لمواجهة الحال المتدهور كما ان هنالك قوانين يجب ان تعدل وأخرى يجب ان تجاز بعد التراضي على الشرعية الدستورية والاتزام بالوثيقة الدستورية، مضيفاً “تأخير المجلس التشريعي هو المسؤول عن سوء الأداء في حكومة الفترة الانتقالية بشكل أساسي”.
ويمضي قرشي ليقول “كنت متوقع أن تكون طبيعة المفاوضات أجرائية بمعنى أن يتم أستيعاب عناصر الحركات المسلحة في مستويات الحكم للفترة الانتقالية، فهم على أتفاق في الأصل مع قوى أعلان الحرية والتغيير وهم يقفون على خط واحد في مواجهة النظام”.
وأضاف “هم أيضا على أتفاق أن المشكلة ليست دارفور او جبال النوبة فهي مشكلة مركز السلطة الذي يحتاج الى أعادة صياغة سياسية وإقتصادية لإزالة التشوهات التي كانت في العهد البائد وإعادة مناخ المركز بشكل جديد لتكون العلاقة بين أطراف السودان علاقة ديمقراطية”.
ويرى قرشي أن هذه الحركات الموجودة ليست حركات دارفور بل هي أسماء يطلقها الناس عليها، مضيفاً “فهي حركات قومية وطنية مثل “حركة تحرير السودان” وليس تحرير الفاشر، فتحرير السودان يعني إعادة ترتيب السلطة في الخرطوم وهذا هو المتفق عليه في الحرية والتغيير والحركات المسلحة”.
كما تعجب قرشي من الفترة الزمنية التي يأخذها ملف السلام “ستة اشهر” أضافة للمسارات الجديدة ما يجعل الارتباط بملف السلام غير مبرر وهو “تعقيد” لكثير من المسائل، حسب قوله.
وتابع “كذلك يجب فصل قضايا الاحكام عن قضايا السلام وحصر قضايا السلام نفسها في النواحي ألاجرائية مثل كيفية استيعاب الحركات المسلحة داخل مستويات الحكم الانتقالي لذلك مندهش”.