الخرطوم ، 26-2-2020″سونا” – تقرير أعده: “عبدالله محمد بابكر
يبدأ الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، زيارة إلى السودان غداً الخميس، ليكون أول رئيس لدولة أوروبية يزور السودان منذ نجاح ثورة ديسمبر المباركة ، وتشكيل الحكومة الانتقالية فى أغسطس الماضي، وأول رئيس ألمانى يزور السودان منذ أكثر من ثلاثين عاما .. وسيصل شتاينماير إلى الخرطوم صباح غدٍ، حيث يتوجه إلى القصر الجمهوري، للقاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وبعدها يلتقى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، ويعقدان مؤتمراً صحفياً، كما سيزور متحف السودان القومي، بالاضافة إلى برامج خاصة فى معهد جوتة والسفارة الألمانية.
وفي هذا الاطار وفي تتبع العلاقات السودانية الالمانية، نجد أنه قد بدأت أولى خطوات الانفتاح على جمهورية المانيا الاتحادية والتي سافر إليها رئيس السودان الفريق الراحل إبراهيم عبود مع وفد عسكري رفيع المستوى أنجز خلالها اتفاقيات كبيرة وعديدة شملت المجال العسكري والاقتصادي والثقافي
ففي المجال التعليمي حدثت طفرة كبيرة في ابتعاث الأطباء والمهندسين والبياطرة والزراعيين للتخصص في مجالاتهم في الجامعات والمعاهد الألمانية العليا ومن المنشآت الهامة التي تم تنفيذها في ذلك الوقت.
وتم تشييد محطة “كهرباء سنار” على خزان سنار بواسطة جمهورية المانيا الاتحادية والتي بدأ تشغيلها وادخالها في الكهرباء القومية عام 1962م. وكذلك تشييد مصنع سكر الجنيد على النيل الأزرق بولاية الجزيرة 1962م ومصنع سكر القربة 1964م. وإنشاء مصنع الغزل والنسيج في كل من مدني، بورتسودان، والحاج عبد الله. وأقامت المانيا مراكز التدريب المهني في كل من الخرطوم، ود مدني ،الأبيض ،نيالا ،بورتسودان والمدن الأخرى في السودان والتي أدارها أساتذة ألمان حتى تم تسليمها للأساتذة السودانيين الذين ابتعثوا للدراسة في المانيا وجلهم كانوا من خريجي المدارس الصناعية الثانوية العليا والمعهد الفني. وفي مجال الطرق ساهمت المانيا في إنشاء طريق هيا بورتسودان والذي أنشأته شركة ستراباب STRABAB الألمانية الشهيرة في منتصف سبعينات القرن الماضي وكذلك طريق نيالا- زالنجي. كما قامت الشركات الألمانية بشق الترعة الرئيسة لمشروع المناقل من خزان سنار إلى المناقل إلى جانب الترع الرئيسة بمشروع الجزيرة في عام 1958م. ومن ابرز مجالات التعاون السوداني الالماني تاسيس تلفزيون جمهورية السودان بأم درمان والذي قدم هدية للسودان إلى جانب تدريب كوادره من المهندسين والفنيين وبعثات طويلة بالمانيا في منتصف الستينيات من القرن الماضي. كذلك تاسيس تلفزيون الجزيرة بود مدني كهدية أيضاً من جمهورية المانيا عام 1973م إلى جانب إذاعة ود مدني، كما تم إنشاء تلفزيون عطبرة 1977م. أنشأت المانيا وزارة للتعاون الاقتصادي في عام 1961م لتشرف على مختلف برامج العون الاقتصادي للدول النامية، وكانت مهمتها الأساسية هي تقديم المساعدات التنموية للبلاد النامية، وكما قامت مؤخراً بتقديم العون لأوروبا الشرقية وذلك بالتعاون مع المنظمات التطوعية.
وتعتبر منظمة (GTZ) وهي الجمعية الألمانية للتعاون الفني المحدودة التابعة للحكومة الألمانية من أهم المنظمات والتي تقدم عبرها المعونات إلى كثير من الدول، وقد أنشئت هذه الجمعية في عام 1975م ومقرها مدينة اشبورن بالقرب من مدينة فرانكفورت، وتشرف منظمة (GTZ) على مشاريع متعددة في السودان منها مشاريع حفظ المصادر الطبيعية والغابات في جبل مرة وكتم، ومشروعات الصحة الأساسية في كل من كسلا وسنكات، ومشروع تدريب المهنيين في واد مدني وأيضاً مشاريع اللاجئين في مناطق الشوك والقضارف.
وهناك أيضاً مؤسسة فريدريش أيبرت الخيرية والتي تعمل في السودان في مجالات التدريب الفني والعمالي والنسائي، كما ترعى الندوات الفكرية حول قضايا التنمية والاستقرار.
وقدمت المانيا في فترة الستينيات الى السبعينات ما يزيد على ألف مليون مارك للتنمية الاقتصادية في السودان، وكانت هذه المساعدات تاتي في شكل قروض بشروط ميسرة لعشر سنوات مع فترة سماح قدرها اربعين عاماً بفائدة سنوية قدرها 0.75 % ومنذ عام 1978م تحولت هذه المساعدات الألمانية إلى منح، بالإضافة إلى ذلك اتخذت الحكومة الألمانية قراراً بتحويل كل القروض السابقة إلى منح وتم إعفاء السودان من الدفع.
كانت المانيا الغربية رابع دولة تعترف بإستقلال السودان. وتأثرت العلاقات بين البلدين بالموقف الألماني من مجمل التطورات السياسية في السودان منذ عام 1989. لعبت المانيا دوراً إيجابياً داعماً للوصول الى اتفاقية السلام الشامل والتي كانت إحدى شهودها.
جرت مشاورات بين مسئولى السفارة السودانية في برلين والمسئولين بقسم شرق أفريقيا والقرن الافريقي بوزارة الخارجية الألمانية بشأن دفع العلاقات في مجالات العون التنموى والعمل الثقافي والبيئة. ويشار إلى موقف أخر متعاون من جانب المانيا وهو اصدار قرار بشأن الغاء ديون المانيا على السودان في العام 1999 ضمن (36) دولة من الدول الاقل نموا في العالم وتطرق الحديث الى امكانية القيام ببعض الانشطة الثقافية بين البلدين، خاصة وان الخارجية الألمانية كانت قد أعلنت عن أن الثقافة ستكون إحدى محاور العمل الدبلوماسى الألماني في الفترة القادمة.
وفي هذا الصدد، أعاد معهد ” جوته” فتح أبوابه بعد إنقطاع دام سنوات. في العام 2008 أبدى المسئولوون الألمان رغبتهم في زيارة السودان لتحديث معلوماتهم واعلنوا رغبتهم في التعاون الاقتصادي مع السودان.