تقرير : وفاق التجاني
يأتي اليوم الدولي للمرأة هذه السنة، والنساء السودانيات في مناطق الحرب، يتطلع لسلام ينهي حالة العنف التي يتعرضن لها منذ سنوات، ويحقق لهن المساواة التي ينشدها العالم في هذه الذكرى.
ومع إستشراف السودان عهدا جديدا عقب إنهاء حكم الجنرال عمر البشير إرتفعت حالة التفاؤل بالوصول إلى سلام مستدام في البلاد من خلال محادثات تجري حاليا في العاصمة جوبا، وذلك بالرغم من إنتهاء مدة الستة أشهر التي وضعتها السلطة الإنتقالية كسقف زمني لإيقاف الحرب والتوافق مع حركات الكفاح المسلح”.
وتقول نساء في معسكرات النزوح بإقليم دافور غربي البلاد إنهن يتابعن مجريات التفاوض بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة الدائرة في جوبا، بنوع من الترقب والأمل في الوصول إلى السلام، الذي يمثل لهن بداية طريق لوقف إضطهادهن ورد المظام والجرائم التي وقعت عليهن خلال سنوات الحرب كالقتل والإغتصاب وغيرها.
ويعتقد ناشطون، أن السلام سيحقق قدر من المساواة للمراة في مناطق النزاعات ويرد كرامتهن من الاذلال والانتهاكات الرسمية والاجتماعية، لا سيما في ظل أجواء التغيير التي يشهدها السودان والتي اعادت كثير من الحقوق للنساء عموما، بعد أن سلبها نظام البشير بتشريعات قمعية.
ويرفع العالم هذه السنة، في اليوم الدولي للمرأة والذي يصادف 8 مارس من كل عام، شعار “العمل معا من أجل العدالة وتحقيق المساواة بين الجنسين”، الشي الذي يتطلب الإحتفاء بالتقدم المحرز في تحقيق هذه الحقوق ببعض الدول، والإحتجاج ولفت الإنتباه لإستمرار الإنتهاكات من هذا النوع في اي بقعة من الأرض.
وتتطلع القيادية بجمعية صوت نساء دارفور، سعدية كدوك إلى سلام عاجل يحقق الشعارات التي يرفعها العالم في هذه الذكرى من عيد المرأة، لكون النساء في إقليمها المضطرب منذ العام 2003م، سئمن الحرب وويلاتها ويكفيهن ما دفعنه من تضحيات وصمود في مواجهات الإنتهاكات خلال السنوات الفائتة.
وقالت كدوك في تصريح “لسلاميديا” “نساء المعسكرات يعانين بشدة، لكن رغم ذلك ظللنا صامدات في وجه الطغيان”.
واشارت الى ان هؤلاء النسوة تذوقن المرارت وقدمن الكثير من الشهداء، وعلى الرغم من الثورة المجيدة التي نادت بالحرية والسلام والعدالة الا أن الممارسات التي اتبعها النظام البائد ما زال اثرها موجود خاصة على المرأة بمناطق الحرب”.
وإشتكت سعدية من عدم وجود اي دعم مادي او أنساني للنساء في معسكراتهن او وجود منظمات اعادة التأهيل او منظمات خاصة بالنساء كما اشتكت من النظرة الدونية التي تقابل هذه الفئة من النساء أضافة الى رداءة الوضع الاقتصادي وشح المياة وأنعدام الغذاء”.
من جانبها، وصف آدم رجال وهو نازح بأحد المخيمات في دارفور لـ”سلاميديا” وضع المرأة بمعسكرات النزوح بالسئ للغاية مما يتطلب الاسراع في تحقيق السلام لمعالجته.
ونوه الى أن النساء هناك يشغلن جميع الاعمال الشاقة في سبيل توفير قوت يومهن، وذلك عن طريق صناعة الطوب وجلب الحطب.
وأشار الى ان المنظمات العالمية التي كانت توفر لهن الاعانات تم طردها من قبل النظام البائد وان المنظمات الانسانية الطوعية اوقفت المساعدات لاتها تتبع للنظام المخلوع.
وإنبثق اليوم العالمي للمرأة عن حراك عمالي، لكنه ما لبث ان أصبح حدثا سنويا اعترفت به الأمم المتحدة ويقام في يوم 8 مارس من كل عام.
ففي عام 1908، خرجت 15,000 امرأة في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأمريكية، للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات، ومنها تأسس هذا الحدث الذي يحتفى به كل عام.
وتقول رئيسة جمعية السلام السودانية، نجلاء كمال ابو عايش حديثها لـ”سلاميديا” “ما تزال النساء في مناطق النزاعات يغتصبن نهاراً وما زلن يعانين من ضنك الحياة والمعيشة الصعبة ويكابدن المشاق وحدهن من غير اي اهتمام من الحكومة الجديدة”.
وطالبت نجلاء الحكومة الانتقالية بالتركيز على قضايا المرأة واعتبرتها قضايا نصف المجتمع اذا تمت معالجتها يمكنها أن تضمن سلامة نصف مجتمع وتربية سليمة للجزء الاخر منه.
وشددت على ضرورة انشاء مراكز لأعادة تأهيل النساء في مناطق الحرب ومعسكرات النزوح، ودعت المنظمات الإنسانية الطوعية للمشاركة في دعم هؤلاء النسوة نفسياً واقتصاديا عن طريق التمويل للمشاريع الصغيرة التي يمكن أن يحققن ارباح منها.
ومع هذه الآمال العريضة لضحايا الحرب لا سيما النساء، في وقف عاجل للحرب، تبدو عملية السلام بالسودان وفق مراقبين، أكثر تعقيدا رغم التغيير السياسي، وذلك من واقع فشل الأطراف في إحداث إختراق ملموس بالمفاوضات الجارية بعاصمة جنوب السودان جوبا.
وبعد أكثر من 6 أشهر من المحادثات، لم يشأ توقيع اتفاق سلام يفطي نار الحرب بإقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان كما كان متوقعا ومأمولا، ومع ذلك ترتفع آمال الضحايا أكثر من غيرهم بمحادثات جوبا المتعثرة.