الخرطوم – سلاميديا
تفاقمت الأزمة الإقتصادية في السودان بعد إستجابة الشارع للتدابير الأحترازية التي وضعتها وزارة الصحة السودانية لمجابهة فيروس كورونا المستجد.
وتئن الشرائح الضعيفة في المجتمع السوداني تحت وطأة الجوع والفقر والإحتياج، بحسب جولة أجرتها “سلاميديا” في السوق العربي بالخرطوم.
ووفق الجولة هذه الشرائح الأمرين، فإلى جانب حظر التجوال الذي فرضته السلطة الإنتقالية والذي أثر سلباً على دخلهم المادي، لم تكن هناك أي جهات مسؤولة تتكلف بدعمهم عينياً حتى اللحظة فإنطبق عليهم مثل هرة اليهودية التي حبستها فلا أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض”.
وبحسب مراقبون للوضع الإقتصادي بالسودان فأن التدابير الإحترازية التي إتخذتها وزارة الصحة السودانية لمحاربة الفيروس وحجب إنتشاره، لابد من أن يتبعها دعم لوجستي للشرائح الضعيفة وأصحاب الأعمال الهامشية، حتى يتمكنوا من مواجهة متطلباتهم المعيشية.
وفرضت السلطة الإنتقالية في السودان حظراً التجوال الذي يبدأ من السادسة مساءاً وحتى السادسة صباحاً ووضعته ضمن التدابير الإحترازية لتقليل فرص الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
ولم يمنع حظر التجوال أصحاب الأعمال الهامشية، من مقاساة الواقع لكون ظروفهم المعيشية تجبرهم على إستثمار الساعات المتبقية من اليوم لكسب الرزق الحلال كما يفعل محمد عبد الله والذي يعمل إسكافياً “ماسح الأحزية ” بالسوق العربي.
ويقول محمد خلال حديثه لـ”سلاميديا” “أحضر إلى العمل في السابعة من كل يوم أحاول أن أوفر حاجة أطفالي، رغم أن العمل ليس كما هو قبل لكن ليس لدي خيار آخر”.
ويضيف “الأسعار إرتفعت بصورة مهولة وهذه الست ساعات التي أقضيها في العمل لاتسعني لجمع مبلغ كافٍ لشراء جميع مستلزمات منزلي وأصبحنا نعتمد على وجبتين رئيسيتين”.
وأشار إلى أن هذه التدابير غير موفقة من قبل الحكومة وأن طقس السودان الحار سيساعد في حجب الفيروس أكثر من نشره، داعياً لتقليل مدة حظر التجوال وإرجاعها عند الساعة الثامنة مساءاً ليتمكن هو ورفاقه من جمع مبالغ مالية تكفي مستلزماتهم اليومية.
وتتكبد زينب جمعة، وهي بائعة شاي وأم لسبعة أطفال كغيرها من النساء المطلقات في السودان، عناء التكفل بمصاريف أطفالها التي تعذر على الزوج الإلتزام بها.
وتقول زينب لـ”سلاميديا” بعد أن أرتسمت على وجهها إبتسامة تدل على الرضى بما تقوم به من واجب :”نحن نسابق الزمن لنتكمن من توفير إحتياجاتنا، لكن معدل البيع ظل في تدهور منذ ظهور الحالات الأولى للإصابة بفيروس كورونا، وما زال ضعيفاً إضافة إلى صعوبة المواصلات وغلاء التعرفة.
و تضيف “أكبر مخاوفي الآن تتركز على تدبير تكلفة إيجار المنزل إدخار مبلغ مالي حال مرض أحد أبنائي أعالجه به، لأن في هذه الظروف من الصعب الحصول على المساعدة من أي شخص”.
ورغم الضائقة المعيشية، إلا أن زينب كانت حكيمة لتجيب عن سؤال “سلاميديا” الذي خيرها بين إستمرار الحظر أو رفعه، حيث أيدت مواصلة حظر التجوال وتفعيله بصورة أكبر حال إزدادت الأوضاع خطورة”.
وفي الضفة الأخرى، يقف العم عبد الكريم جار النبي تحت حرارة الشمس الحارقة يحاول تسويق لما تبقي له من حبات الطماطم، متأهباً فرصة من أحد المشترين لتمكنه من إنهاء عمله قبل دخول ساعات الحظر.
يقول عبد الكريم في تصريحاته لـ”سلاميديا” إن حظر التجوال يضمن سلامة المواطنين وأن الرزق شي مكتوب ولا يتقيد بزمان أو مكان لذلك يفضل إستمرار حظر التجوال بدل الإصابة بفيروس الذي لم يتمكن العالم من تصنيع علاجه بعد”.
ووعد وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي بتقديم دعم نقدي مباشر للشرائح الضعيفة حتى لا تتأثر بتدابير كورونا، لكن خبراء أكدوا بأن الوعد الحكومي غير قابل للتنفذي لضعف إمكانيات الدولة والإنهيار الإقتصادي الذي تعيشه.
وإعتبر الخبير الإقتصادي محمد الناير، أن مقترح دعم الشرائح الضعيفة غير موفق من قبل وزير المالية في ظل ظروف إستثنائية تمر بها البلاد.
وقال الناير لـ”سلاميديا” “الظروف التي سببتها الكورونا لا يمكن أن نتوقع متى تنتهي أو مدى إستمرارها، وتتطلب هذه المرحلة تضافر الجهود بين الدولة والقطاع الخاص والمواطنيين، وعلى الحكومة توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة والعمل على تطوير الانتاج المحلي”.
وأضاف “الدعم العيني للفقراء والشرائح الضعيفة في المجتمع يحتاج إلى قاعدة بيانات كبيرة وإحصائيات لهذه الفئات، وهذا ما لا تملكه الدولة في الوقت الراهن، من دون ذلك يتعذر الحصول على الفئات المتضررة الحقيقية وذات الحاجة، علما بأن معدل الفقر في السودان تخطى حاجز الـ65%.
وكانت مبادرة سوانية أطلقت على نفسها “خليك في بيتك مصاريفك بتجيك”، قد حاولت إحصاء الشرائح الضعيفة والتي تعمل في الأعمال الهامشية بالأسواق المحلية للنظر في دعمهم مادياً”.
وغرد عمار الرشيد أحد الناشطين بالمبادرة على صفحته الشخصية بتويتر قائلاً “قد قمنا بجولة في السوق العربي وإحصاء المتضررين وتسجيل أسماءهم، ومنهم من تم دعمهم مادياً بملغ عشرة ألف جنيه والتي تمثل متوسط دخلهم الشهري”.