بقلم : دكتور نزار ماشا

هذه محاولة لاثبات مقاربة تتعلق بالنزاعات فى دول العالم الثالث و خاصة افريقيا و سنعمل على تطويرها علها تفيد المجتمعات البشرية فى كيفية ادارة و فض و الوصول للحلول المثلى للنزاعات.
تحدث النزاعات احيانا كثيرة بسبب الحرمان و الاحساس بان هناك مجموعات محددة من البشر هم سبب ذلك الحرمان.

عندما يكون هناك ضعف فى البنية الاقتصادية و التنموية و ضعف الخدمات لمجموعات معينة داخل الدولة, بجانب الفقر و العنف و الجهل و ذلك كنتيجة لظلم تاريخى و معاصر مرتبط بالتوزيع غير العادل للسلطة و الثروة و الفرص, لمجموعات دون الاخرى داخل الدولة الواحدة, بجانب التعالى العرقى و الاثنى و الدينى و القبلى و الانتهازية و ممارسة الخداع و الغش من قبل النخب الاجتماعية و نخب المركز و النخب الحاكمة التى تلتقى فى مصالحهها مع بعضها البعض, الامر الذى يحدث واقع يقسم المجتمع لطبقات ليست فقيرة و غنية فحسب و بل طبقات عليا و دنيا و شريفة و وضيعة, و ان كان هذا التمييز غير مصرح به و لكنه يكون معاشا و واقعا, و تكون نتيجته ايضا استغلال للموارد البشرية و الطبيعية لمناطق محددة من قبل النخب من المجموعات المختلفة, و تكون المحصلة هى التمرد على النظام المحدد الذى يحكم او يدير المجموعة, و يحدث التمرد و العصيان عبر قيادات المجتمع او ما يعرف بالنخب نفسها التى تكون فى وضع بعيد عن السلطة و اتخاذ القرار. و هذه النخب التى تقود الخروج و العصيان ضد الدولة نجدها تتكون من مجموعات عديدة قد تكون مجتمعة او بعضا منها او واحد منها, قد تكون قيادات قبلية من غير الادارات الاهلية او قد تكون نخب سياسية او مجتمعية او من النخب التى تعيش فى المركز او النخب من الخارج التى لظروف الظلم نجدها تعيش خارج الدولة المعنية, او من الذين نالوا قسطا من التعليم ربما يفوق اقرانهم او الناشطين المجتمعيين او السياسيين.

رغم ان الاسباب التى تؤدى للتمرد و العصيان و العنف تكون واضحة و تحتاج لمعالجات انية و جذرية, الا ان المركز غالبا لا يقر بذلك و يثبت ذلك محاولات قمع التمرد بالقوة و العنف و اظهار هذه المجموعات مجرد متمردين على السلطة و قطاع طرق و خارجين عن القانون و غيره من الاوصاف السلبية, و مع توسع التمرد رأسيا و افقيا تلجأ نخب المركز التى تكون فى السلطة للتفاوض و الاقرار بان هناك ظلم يحتاج الى معالجات.

فى واقع الامر غالبا مايستخدم فى التفاوض مقاربة ادارة النزاع لانها الاسرع و الافضل و يكون التفاوض بين القيادات العسكرية و السياسية و التنفيذية من الجانبين المركز و المجموعات التى خرجت نتيجة للظلم, و رغم ان الاسباب الجذرية و الحلول واضحة و يجب ان توضع كأجندة لتحديد كيفية معالجتها الا ان طرفى النزاع ينهجون منهجا في التفاوض ينحصر فى واقع الامر على تحقيق مصالح النخب من الجانبين و التى غالبا تتمحور حول السلطة و الثروة و اوضاع للنخب من المجموعات و المركزمع عدم التركيز على حل الاشكال المهم المتعلق بالمستوى القاعدى حيث يكون احتياجها للاتى:
– الدعم الاقتصادى عبر انشاء و اقامة مشروعات تنموية و تجارية
– التعويض عن الاثار الناتجة من الحرب و معالجة اشكالات النازحين و اللاجئين و المشردين من الاطفال و العجزة
– الخدمات الاساسية (مياه- تعليم – صحة – بيئة ……)
– توفير فرص عمل
– بناء ما دمرته الحرب
– الاستغلال الامثل للموارد الطبيعية
– حفظ الامن
– وضع قوانين و برامج لاعادة توزيع السلطة و الثروة بمساواة و عدالة
– وضع قوانين للتمييز الايجابى
نلاحظة ان هذه اللاحتياجات بعض منها نتيجة للحرب و اللاخر نتيجة لممارسة الظلم و عدم العدالة الممنهج تاريخيا و انيا حيث
يمكن للاتفاقيات التى تنتج من التفاوض ان تغطى كيفية المعالجة عبر بنود رئيسية تحتاج لبرامج لتنزيلها لارض الواقع ترتكز على بندين لا اكثر
الاول: معالجة الاسباب الجذرية التى احدثت
– عدم التوزيع العادل للسلطة و الثروة
– التمييز بكافة انواعه
– الهياكل و القوانين
– الظلم و المظالم بكافة انواعها
الثانى: و هو معالجة اثار البند الاول بجانب معالجة اثار الحرب و العنف
مقاربتى هذه تتحدث عن ان النخب من الجانبين فى بحثها عن الحلول فى غالب الامر لا تفكر و لا تركز بقصد او دون قصد فى الاسباب الجذرية للنزاع و الاحتياجات الفعلية للمجتمع القاعدى, بل يكون البحث عن كيفية الحصول على الثروة و السلطة و الحفاظ على المواقع و احيانا تتمترس النخب حول اثار النزاع, و هذا ما يؤدى الى تطويل امد الحرب و النزاع و المظالم و عدم العدالة و يؤدى للتدخلات الخارجية ذات الاجندة. و بذا يكون واحد من اسباب طول امد النزاع هو الانتهازية و المصالح الشخصية لكل من النخب و القيادات من السياسيين و العسكريين و التنفيذيين من الجانبين