سلام ميديا/ابوميسم

علي نحوٍ مفاجئ عقب سقوط نظام الجبهة القومية الإسلامية وفي خواتيم العام الماضي أطلت فتنة قبلية مسرحها ولاية البحر الأحمر مدينة بورتسودان بشرق السودان بحادث فردي معزول تطور إلي مواجهات قبلية دامية بين قبيلتي “النوبة والبني عامر”.

نزلت الدولة بثقلها “المجلس السيادي ومجلس الوزراء” لحل المشكلة و تعاملوا مع القضية بحسم وأصدروا حزمة من القرارات في مقدمتها إقالة الحاكم العسكري للولاية ،وقامت قوات “الدعم السريع” بعمل طوق عازل بين القبيلتين توفقت نوع ماء في إخماد نار الفتنة وتوجت الجهود الرسمية والشعبية بعقد مؤتمر للصلح بين القبيلتين خرج بمقرارات ألتزمت الدولة بتنفيذها وفي مقدمتها ملاحقة الجناة وتقديمهم الي محاكمات عادلة ، لكن سرعان ماانفجر الصراع مرة اخري، لكن في مسرح مختلف، هذه المرة ولاية “كسلا ” بذات الطريقة التي نشب بها في بورتسودان “حادث فردي تطور إلي صراع قبلي” وإلي قتل ونهب وحرق للممتلكات.

وجهت أصابع الاتهام في أحداث بورتسودان الي رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة الأمين داوود ودونت بلاغات جنائية في مواجهته لاتهامه بتأجيج الصراع بالمنطقة وألباسه الصفة العشائرية وألقت السلطات الأمنية قبل أسبوعين القبض عليه في ولاية القضارف وإيداعه السجن لمواجهة البلاغات القديمة المرتبطة بأحداث بورتسودان.

استبعد مراقبون ان يكون العامل الوحيد في تأجيج نار الصراع القبلي في شرق السودان هي التصريحات العنصرية لرئيس الجبهة الشعبية “الأمين داوؤد” بالاستناد إلي تسارع قيام الأحداث في معظم ولايات السودان ومدنه (الجنينة ،كسلا ،أبيي، تلس،كادقلي) بذات السيناريو “حادث فردي يتطور الي مواجهات قبلية دامية “مما يشير إلي أن الأحداث خلفها جهة واحدة وأسلوبها واحد ،ومن خلال التسجيلات المسربة لعضوية الحركة الإسلامية التي اعتمدوا فيها بشكل مباشر علي الفتنة القبلية وبث الشائعات في أوساط المجتمع لإسقاط الحكومة الانتقالية .

إزاء ذلك طالبت أصوات كثيرة باعتقال قيادات الحركة الإسلامية وايداعهم السجن للمحافظة علي النسيج الاجتماعي وضمان عدم تجدد هذه الأحداث مرة اخري.

مع تمدد رقعة المواجهات القبلية في معظم أنحاء السودان يظل الصراع في الشرق هو الأكثر تعقيداً لتداخل الاجندة الداخلية والخارجية استناداً علي تصريح رئيس الجبهة الشعبية “الأمين داوؤد” بأن كسلا تتبع الي دولة “أريتريا” وهذا العامل يدول الصراع بدخول جهة خارجية لاعب في ميدان الصراع  الوطني.

فيما يري مراقبون للأوضاع ان هنالك مكونات اجتماعية في شرق السودان اكثر تطرفاً تري ان حدود أريتريا تمتد الي ولاية “سنار” وسط السودان دون الاستناد الي اي وثيقة تاريخية أو جغرافية او اي مصوغ منطقي أو قانوني.

وبذلك انتقل الصراع في شرق السودان بعد اندلاع أحداث “كسلا” في خانة اكثر تعقيداً وغرابة بالرجوع الي تسجيل صوتي منسوب لأحد أفراد قبلية “البني عامر” يضع فيه شروط للحل من بينها ترحيل “النوبة” من “كسلا” مما يربك المشهد ويعقد محاولات الحل لان السودان متداخل اجتماعياً واذا تم ترحيل النوبة من “كسلا” سيكون مقدمة لمشاكل مشابهة في معظم مدن السودان.

في ظل عدم حياد بعض الأجهزة الأمنية وانحيازها الي طرف علي حساب الآخر يعد من أبرز المهددات للسلم والأمن مثلما حدث في “بورتسودان الجنينة وكادقلي “، بجانب تربص أعضاء النظام المباد باي حدث واستغلاله وتازيمه وتوظيفه لمصلحة خطهم الساعي لإسقاط الحكومة الانتقالية.

في ظل دوران السودان في هذا المشهد الغاتم يطالب مواطنين الدولة بلعب دور اكثر صرامة وحسم حتي لا تتناسل وتستمر الأحداث القبلية في مدن السودان واريافه.