معاوية عبد الرازق
نُشطاء الحكومة
أحداث دراماتيكية صاحبتها ضبابية واقوال متضاربة بشأن إعتقال الطيب مصطفى عقب كتابته لعمود هاجم فيه صلاح مناع وبعض أعضاء لجان اإزالة التمكين وإيداعه الحراسة، إلى هنا إنتهى الخبر ولكن ما حدث أكبر من ذلك بكثير.
قبل كل شي هناك ثوابت يتفق عليها الجميع ومنصة تقاضي كانت مثار جدل طيلة العقود الماضية وهي القضاء وارهاب الصحفيين والكتاب وإيقافهم ومصادرة الصحف وخلافه من الإجراءات التعسفية التي انتهجها النظام البائد وبطش بإذرعه وتفنن في استخدام نفوذه تجاه كل ما لا يعجبه رغم وجود الجهة المعنية.
حق التقاضي والرد أقرته الدولة عبر قانون الصحافة والمطبوعات وانشأت له نيابة مختصة، وبالتالي من حق اي متضرر اللجوء إليها وبدورها تستدعي كاتب المادة الصحفية تمهيداً لإستكمال الإجراءات التي قد تصل لمرحلة المحكمة حسب البينات وموقف الشاكي، وهذه خطوات يعلمها راعي الضأن في الخلاء، إذ له غالبية من يعملون بالوسط الصحفي، وبالتالي لم يسلك مناع الطريق الصحيح، الأمر الذي يعد خصماً عليه وعلى اللجنة والسلطات الحالية.
الموقف هنا ليس دفاعاً عن الخال الرئاسي فجميعنا يقر بسوء كلماته بسبب ودونه ونختلف معه كثيراً في رأيه والعديد من المواقف، والمطالبة هنا فقط بالإحتكام لمراحل التقاضي المعروفة عن طريق قانون الصحافة والمطبوعات وجرائم المعلوماتية، سيما وان الامر يتعلق بالنشر وليس شأناً حزبيا يخص منبره السياسي.
لجوء مناع ومن معه الى تدوين بلاغ جنائي يضعهم في موقف اسوأ من السيئ ويفضح اما جهلهم بالخطوات القانونية في قضايا النشر، او استخدامهم لنفوذ نبذوها من قبل في عهد النظام البائد، بل يذهب بأكثر من ذلك فمن حقوقه نشر رده في ذات المساحة طبقا لقانون الصحافة او التوجة إلى النيابة المختصة بالقرب من نادي الأسرة بالخرطوم ان كان لا يعلم موقعها، ومن ثم تقوم النيابة باستدعاء كاتب الزفرات والتحري معه وإطلاق سراحه لحين انعقاد المحكمة مثلما حصل معي وغالبية الزملاء الاعلاميين في اوقات سابقة.
الواضح أن ذات وزير الإعلام الذي اتصل مستفسرا عن خلاف مع زميلتين بدارفور اثر تعسف السلطات معهم بسبب تقارير صحفية هو ذات (الفيصل) الذي وقف مدافعاً عن نفسه وزملاء تعسف معهم النظام البائد بسبب ما يكتبون، ليبقى السؤال عن صمته في هذا التوقيت وهو اعلم من مسؤولي الحكومة الإنتقالية عن الاجراءات، فما الذي تغير يا وزير إعلامنا الموقر؟ هل لان الخلاف مع الطيب مصطفى فيما كتبه ويعتبره البعض ضد الثورة ام ان المبادئ والمواقف تتجزأ وتختلف عندما يتحول الجميع من خانة المعارضة الى خانة الحكومة؟ وذات السؤال لشبكة الصحفيين واللجنة التسيرية لنقابة الصحفيين، اللتان أعتبر نفسي عضواً بهما وحتى إن كان الطيب مصطفى يمثل نفسه او النظام البائد، فما حدث اكبر من ذلك وهو انتهاك امام اعينكم ويمكن ان يحدث لاي منا و(منكم) فهل ستصمتون ام ان لكل مقام مقال اذا اختلف الأشخاص وتشابهت الأحداث؟
صدى اخير
السلطات الإنتقالية في إمتحان حقيقي أمام ممارسات تعرض لها بعضهم ورُفضت عندما كانت تعارض النظام البائد وتكررها الان بعد تسلمها امر البلاد، والأهم من كتابة مصطفى وغضب مناع التحقيق فيما ورد بالمقالات من إتهام يشكك في ذمم بعض أعضاء لجان يبحثون عن الفساد ويؤسسون لنزاهة وشفافية في عهد يوسم بالديمقراطي، فأيهما ستختار حكومة الثورة الذهاب على ذات الطريق الملطخة بالدماء ومزينة بغطغطة الفساد وزحزحة منسوبيها عن المساءلة ام بما مهر له الشعب الارواح وما رُفع من شعارات؟.