بقلم / هاشم عبد الفتاح
في تلك الليلة حينما بكت السماء وامطرت حزنا وابلا على ارواح الثوار التي تناثرت اشلاءا ودماءا ودموع في ساحة الاعتصام بواسطة قوة “منظمة” ذات عدة وعتاد ..كانت ليلة كما “الكابوس” داهم الثوار وهم في حجورهم هم ومراقدهم داخل الخيام وما بين ترس واخر وبين جنبات الاسفلت وتحت ظلال الاشجار
في الاثناء كانت الجريمة هناك “تطبخ” على نار هادئة والسيناريوهات والمؤامرات الماكرة تعد وتحكم بدقة وذكاء في ليل وداخل الغرف المغلقة ..وقتها كانت كل الشواهد والمعطيات والادلة تتحدث بلسان “خفي” بان هذه “الساحة الثائرة ربما لم تستمر طويلا رغم تمسك الثوار بحقهم كاملا في الاعتصام السلمي ولكنهم يتوقعون الخطر ان يداهمهم في أي لحظة .
فوقعت الطامة ..قتلوهم واغتصبوا الحرائر ومزقوهم الي اشلاء والي جثث متناثرة وقذفوا بهم الي البحرفي ابشع صورة من صور اللاانسانية .فكانت الجريمة هناك تجري وقائعها بكل تفاصيلها المؤلمة والموجعة حينها كان ضمير الدولة نائما ولكن لم ينم الذين يرون مصلحتهم في ضرب الثوار وتفكيك قوة اعتصامهم ..اسئلة وتساؤلات كثيرة ظلت حائرة وعالقة منذ صبيحة ليلة الجريمة النكراء ولازالت تلك الاسئلة معلقة في الفضاء وعلى بوابات القضاء تستجدي من بيدة جقيقة ما جري عشية الثالث من يوليو ..
عام مضي ..والحيرة تمزق احشاء كل اسرة فقدت ابنها او عائلها ..طال الانتظار والقصاص من الجناة معلقا او مستحيلا ..وبلغت اجراءات التسويف والتلكؤ حدا لا يطاق فالجاني والحاكم بينهما عقد وميثاق ومصير مشترك هكذا تبدومعطيات الحقيقة .
ولكن رغم هذه الاجراءات “المطاطية” لحسم ملف هذه القضية فان النار التي اطلقها الجناة على الثوار وهم بصدور عارية عشية فض الاعتصام ستظل هذه النار متقدة ومتوهجة في ضمائر اسر هؤلاء الضحايا لا تموت وستظل كذلك بلاغا مفتوحا ضد كل الذين يسيؤن استخدام السلطة والقوة ويقتالون القيم والحريات والانسانية بلا ادنى واذع لا دينى ولا قانوني ولا حتى اخلاقي .
يبدو واضحا ان لجنة مولانا اديب تمارس الان مهامها وكانها بين المطرقة والسندانة اوكلت لها مهمة كبيرة ومفصلية وهى “مكتوفة”اليدين فالضحايا يحاصرونها باسراع الخطى واعلان قائمة الجناة , اما السلطة الحاكمة التى جاءت بمولانا (اديب) لرئاسة لجنة التحقيق في حادثة فض الاعتصام تحاول الان ابعاد شبهة الجريمة من “شركائها” في الحكم ويبدو انها الان منشغلة بتحديد وتسمية من سيكون ” كبشا للفداء” في هذه الجريمة النكراء لتدفع به الي القصاص خصوصا ان لجنة التحقيق ربما استكملت كافة تحقيقاتها وتعكف الان على صياغة تقاريرها النهائية واعداد “الطبخة” .لكن تبدوالاسئلة المشروعة ..هل من المتوقع ان تاتي نتائج التحقيق بما يرضي ذوي الضحايا ؟ وهل فعلا ان ينجز مولانا اديب هذه المهمة الشاقة دون تدخلات من جهات رسمية ؟ اما السؤال المهم والمحوري الذي يفترض ان توجهه اسر ضحايا الاعتصام الى لجنة مولانا اديب هو : ( هل وجهت هذه اللجنة سؤالا الى السيد الصادق المهدي حول لماذا سحب حزب الامة خيمته من ساحة الاعتصام قبل لحظات من وقوع جريمة فض الاعتصام ؟ في ظني ان السيد الصادق المهدي لديه “الشفرة” التي يمكن ان تفكك كل خفايا واسرار وملابسات هذه العملية فليس من المستبعد اذن ان يكون هناك (طرفا اخر) اوعز للمهدي بهذا الانسحاب العاجل من ساحة الاعتصام وبالتالي فان هذا “الطرف الاخر” ربما هو ذي صلة قوية جدا بالجهة التي ارتكبت جريمة فض الاعتصام هذا ان لم يكن هذا الطرف الاخر هو (ذات الجهة) فضت الاعتصام .