بقلم:ابوهريرة عبدالرحمن /كاتب/ومدافع حقوقي
ماذا يدور في داخل تحالف قوى الحرية والتغيير؟
هل هو صراع نخب؛ أم صراع من أجل التموقع والتموضوع والتمحور؟
المشهد السياسي السوداني حتى اللحظة مشتتا ومحكوما بالفوضى، الآن بات أكثر وضوحاً بالقرائن والنتائج، حصيلته أن – إدارة الثورة – تتم بطريقة أقل ما يمكن أن توصف بها أنها إدارة سيئة للغاية تديرها قيادة عاجزة وهزيلة تتعّرى تدريجياً رغم دورها النضالي! إدارة يومياً تعكس الافتقار إلى الرؤية المتفق عليها، تنقصها الشفافية اللازمة، تفتقد الحد الأدنى من الانسجام المطلوب في العمل الجماعي في مَنّ يفترض فيهم تمثيل الثوار وقيادتهم؟ لذلك النتائج إلى الآن مخيبة للآمال في كثير من الملفات على سبيل المثال (الاقتصاد، السلام، العدالة، إصلاح الخدمة المدنية، محاربة الفساد، التوظيف… الخ) على العكس مما هو متوقع! يُعزى هذا إلى إشاعة أجواء التشكيك وانعدام الثقة والعصبية الحزبية وتفاقم الطموحات الذاتية وضعف التفويض الممنوح للمفاوضين والأدوار الخبيثة لقوى الثورة المضادة؛ كوارث يعود بعضها إلى عدم تجانس المكونات واختلافات المرجعيات والرغبة في التموقوع والتموضوع والتمحور هنا وهناك؛ ورغم هذا، هناك مجهودات جادة وصادقة لكنها تظل إستثناء.
الأكثر إثارة هناك نشطاء ومثقفين يقودون صراع خفي نيابة عن بعض الدهاقنة لتحقيق انتصارات حزبية صغيرة، صراع يتورط فيه الكل ضد الكل ليته كان ضد خصم؛ بل في واقع الأمر صراع بين حلفاء تجمع بينهم شراكة وأهداف مشتركة ووحدة مصير جميعهم في تحالف واحد! شراكة لم يفلح أطرافها في تقديم التنازلات الكافية لبعضهم من أجل بناء أرضية مشتركة تساعدهم في تحقيق هدفهم المشترك، على الرغم من تواجدهم على ذات طاولة القرار وفي ذات الصفحة صباح مساء ك قوى متحالفة ولا يدرى الثوا لماذا؟ ولمصلحة من كل هذا؟
الحقيقة الأشدّ دراماتيكية في (قحت) إنه بدلاً من تفعيل مكوناتها وكتلها ولم شمل الجماهير وقواه الحية متحدين في مواجهة اللجنة الأمنية للنظام البائد، بعد عدد من الاختراقات للوثيقة الدستورية نجد القادة الحاليين ولجانهم يتعاركون كاقطاب متنافرة يتآمرون ضد أنفسهم؟ الشاهد هنا انشقاقات وتصدع تجمع الأفندية السودانيين؟ بل وداخل (قحت) أنظر وضعية حزب الأمة والجبهة الثورية ووضعية تجمع المهنيين ..الخ (والغريق قدام) حتى كاد أن يصبح التحالف الحاكم (قحت) أثرا بعد عين! فهو لا يسمع أوجاع وأنين المواطنين ولا يكترث لخوفهم على المستقبل.
بكل صراحة وصرامة العيب ليس في حكومة التكنوقراط التي يقودها د. عبدالله حمدوك وإنما في القوى السياسية التي تقف خلفه بفضلهم تحولت الحكومة إلى مسرح للدمى تسيطر عليها أياد خفية تحركها وفق مصالحها الذاتية لذلك تعطلت مصالح البلاد ولم تستطيع إكمال الهياكل الدستورية للسلطة.. الخ، وكنتيجة حتمية إذا لم تقوم (قحت) بدورها بشكله الحقيقي وتتوحد فهي مرشحة لخسارة المزيد من مساحات التفويض الواسع الذي حظيت به طوال الفترة الماضية الماضية بل ربما نشهد ملامح فنائها أمام أعيننا.
ليس مطلوب فقط من (قحت) وعد الجماهير بالتوحد والانسجام قولاً؛ بل عكس ذلك عملاً وبشكل متسق وتفعيل وتوسيع وإصلاح مواعينها التنظيمية بشكل فاعل وإلا أن أساليب النظام البائد في خداع الجماهير لو كانت مفيدة كانت أسعفته، وفي هذا درس لمن يعتبر؛ وفي حالة إستمرار إفلاس النخبة السياسية الحالية فشعبنا السوداني قادر على صناعة المفاجآت وكذلك قادر على استنباط النموذج المناسب للخروج من عنق الزجاجة.