(حواء منصور ) ايقونة النضال السلمي باعتصام نيرتتي
التقاها بنيرتتي : ابوذر مسعود
خرجت لترفع مع ميارم قريتها “نرتتي” صيحات وانغام المد الثوري وترانيم الحرية والسلام والعدالة فلاحت وسط رهط من نساء الاعتصام بألوانهن الزاهية وازيائهن المزركشة، وتضحياتهن الجسام وصبرهن بعزمآ لا يلين في انجاح اعتصام سكان “نرتتي” الذي دخل يومه الحادي عشر.
كانت الحاجة “حواء” تشق طريقها بين ردهات ارض الاعتصام، تتوكأ علي عصا بكلتا يديها غير ابهة بعامل العمر، ولا تقويس الظهر، تنحني الحاجة حواء في مشيتها ببطء الي الامام لتحول مركز الثقل والتحكم علي عصايتها، هي ذات العصا التي تهش بها تصاريف الزمان ولها فيها مآرب اخري.
حييناها فردت علينا بشاشة وتحنان تملأه روح الدعابة وخبرة السنين، حين ادركت اننا لا نجيد لغتها المحلية، فعادت بابتسامة عريضة ألقت علينا السلام من جديد بلغة ادركنا كنها.
حواء منصور قالت انها لا تعرف بالتحديد متي كان مولدها لكنها تتذكر تماماً حادثة مقتل السلطان علي دينار، حينها كانت طفله في بواكير العمر، ويعود مقتل السلطان علي دينار الي العام 1916م اي قبل مائة واربعة اعوام من الان .
“انتي كنداكة أم ميرم…؟”
هكذا سألنا الجدة “حواء” او “ياتوي” وهو اسم الجدة التي تجاوزت المائة عام بلغة الفور حسب ترجمة مرافقنا، فضحكت طويلاً حتي بانت نواجزها في اشارة لتلعثمنا في النطق بالكلمة.
فعادت واجابت انها “كله” اي تحمل الصفتين، رغم اختلاف المعني او المكان.
وعن سبب وجودها في ارض الاعتصام قالت انها جاءت تقود سرب من نساء حيها “كمبي غابات” لتقديم الطعام والشراب للمعتصمين والوقوف بجانبهم الي نهايه “اللمة” وهي تعني بذلك الاعتصام، وعادت للحديث بذات اللغة المحلية التي بدأت بها حديثها ذاكرة عدد من العبارات بلغتها المحلية وهي تعني- بحسب مترجمنا- السلام الاجتماعي، والعيش الكريم، وعودة المزراعين الي مزارعهم، والرعاة الي مراعيهم، وانهاء القتال بين الاهالي، والعودة الي العهد القديم بين مكونات المنطقه.
ثم قالت ودعتكم “بعافي” بلغة عربية واضحة ولوحت بعصاتها علي نصف استقامة لزيادة الحماس والجرأة، ومضت بين جموع المعتصمين في صورة تمور بروح النضال السلمي، وهيبة المرأة السودانية ودورها الريادي ومشاركتها في تنظيم المظاهرات والاحتجاجات، وإيواء الثوار والاعتصام والدعم الاجتماعي، ولم يكن دورهن في دعم الرجال فقط، بل في قيادة العمل اليومي المقاوم” وسعيهن في تحقيق شعارات الثورة.