الخرطوم _ سلاميديا
تتواتر الأحاديث في الوسط السياسي هذه الأيام حول صندوق دعم السلام والتنمية المستدامة بدارفور، وذلك مع قرب توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية والمقرر له الإسبوع المقبل.
وأثارت تصريحات بعض منسوبي الحركات المسلحة حول عجز الحكومة الإنتقالية عن سد التكلفة لدعم مشاريع السلام والتمنية المستدامة بدارفور، جدل واسع حول نية الحكومة في إقامة صندوق مانحيين لدعم ما بعد العملية السلمية بالإقليم.
وصرح الناطق باسم حركة العدل والمساواة، عضو الوفد المفاوض عن مسار دارفور معتصم احمد صالح لأجهزة إعلامية إن هناك قضايا الخلاف فيها جوهري بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، مشيرًا إلى أن النقطة الأكثر خلافًا في مسار دارفور تتعلق بتمويل صندوق السلام والتنمية المُستدامة بدارفور، موضحًا أن الصندوق بحاجة إلى مليار و300 مليون دولار سنويًا لـ10 سنوات، لتغطية متطلبات الصناديق الأُخرى التي يمولها.
كما نوه إلى أن الصناديق الأُخرى تتمثل في مفوضية النازحين واللاجئين، التي تحتاج لـ500 مليون دولار سنويًا، لتغطية تكاليف عودة النازحين واللاجئين وتهيئة مناطق العودة، بجانب مفوضية الأراضي والحواكير، مشيرًا إلى أن هناك تعويضات ومستحقات لأصحاب أراضي ومصروفات للصندوق تُقدر بـ500 مليون دولار.
وأضاف “هناك أيضًا مفوضية تنمية قطاع الرُحل، المحكمة الخاصة لجرائم الحرب في دارفور، مفوضية التعويضات لرفع الضرر”.
وأردف “تم حصر المبلغ ليكون مليار و300 مليون دولار سنويًا لمدة عشر سنوات، بينما تقترح الحكومة 500 مليون دولار سنويًا “نصف مليار” باجمالي قدرهُ “5” مليار دولار خلال 10 سنوات.
وأوضح “أيّ أن العجز يُقدر بـ800 مليون دولار سنويًا خلال عشر سنوات”.
ويقول مُعتصم إن مسار دارفور اقترح الحصول على حق الاستثمار والتنقيب والتعدين في المعادن بدارفور لتغطية العجز، بينما كان رد الحكومة الانتقالية اقتراحها تنظيم مؤتمر للمانحين لتوفير أموال العجز لصندوق السلام والتنمية في دارفور.
ويرى مُعتصم أنهُ لاتوجد ضمانات لتغطية العجز المُقدر بـ800 مليون دولار سنويًا من المانحين، منوهًا إلى أن الحكومة قالت أنها ستسد العجز المطلوب لعملية السلام لكن دون ذكر خيارات أو كيف سيتم ذلك.
وتوقع محللون سياسيون عجز حكومة الفترة الانتقالية عن دعم مشاريع السلام وتكاليف متطلبات مفوضياته، وعزوا ذلك لإنهيار الوضع الاقتصادي الذي ورثته من الانقاذ.
ويقول المحلل السياسي عبده مختار والذي تحدث “للسلاميديا” إن بناء السلام عملية مكلفة جدا ولا تستطيع حكومة حمدوك تمويلها وهي عاجزة حتى عن دفع مرتبات وأحور العاملين بالدولة، وتعاني الدولة من أزمات حادة في الوقود والخبز والكهرباء وينتظرها ايضا دفع تعويضات لضحايا تفجير السفازتين”.
ويضيف “السودان متورط في أعمال إرهابية مسؤول عنها النظام السابق، والتي ستكلف أموال ضخمة إضافة الى تكاليف التعداد السكاني وتنظيم امتحانات الأساس والثانوي وطباعة مناهج جديدة والترتيب للانتخابات وتطول القائمة، لذلك فكرة انشاء مؤتمر للمانحيين هي خيار لابد منه”.
واتفق الفاتح محجوب مع المحلل السياسي عبده مختار حيث يقول محجوب والذي تحدث “للسلاميديا” قائلا “في الواقع إن هذه الحكومة ليس لها مصادر تمويل ذاتي لمثل هذه النفقات الاضافية، فهي تكابد بمشقة عسيرة في توفير ضروريات الحياة للشعب السوداني”.
ويضيف “إتفاقيات السلام لإقليم دارفور يصعب على الحكومة الانتقالية ان تلزم اي حكومة منتخبة قادمة بمبالغ مالية بالدولار ثمن لإتفاقية سلام جزئية لا تشارك فيها كل حركات دارفور وهو ما يعني فعليا إستمرار الحكومة في الإنفاق على أستمرار الحرب في دارفور لمكافحة تمرد حركة عبدالواحد”.
ويتابع “مؤتمر المانحين سيكون تحت إشراف السعودية التي تبرعت رسميا برعاية مؤتمر لدعم السلام في السودان ولذلك تعول الحكومة على التزام المجتمع الدولي لتمويل عملية السلام في السودان، ويجب على الحكومة أن لا تلتزم بمبالغ لا تستطيع الوفاء بها او تتحمل تكاليفها الحكومات القادمة”.
وتطرق المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر في حديثه “للسلاميديا” الى الدول التي دعمت مثل هذه الصناديق في فتره حكم الانقاذ، إذ يقول خاطر” كانت هناك دول تدعم وتمنح صناديق السلام وهي كانت محالفة ومعاضضة لنظام الانقاذ، وكانت تسعى لتوطينه باكبر صورة ممكنة”.
ويضيف “كل الاتفاقيات التي تم توقيعها كانت تحت الرعاية الدولية، وبالتاكيد ستجد الفترة الإنتقالية وسلامها الدعم المنشود، وقد بذلت كثير من الدول مجهود مقدر لتوطين السلام ودعمه، مثل الأمم المتحدة والتي اقرت بضرورة استمرار بعثة اليوناميد دعم البعثة الدولية”.
ويتابع “لابد للمتفاوضين من التنازل عن بعض التعويضات التي ستقع على عاتق حكومة الفترة الانتقالية وهي لم ترتكبها، لذلك يجب إعفاءها من هذه التكلفة المالية”.