الخرطوم – الخرطوم

يدخل إعتصام مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ يومه السادس، ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻓﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻠﻴﻮﻧﻴﺔ 30 ﻳﻮﻧﻴﻮ والتي تدعو إلى ﺈﻗﺎﻟﺔ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﺮﻱ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻭﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻭﺗﺸﻴﻴﺪ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻀﻌﻴﻦ – ﺍﻟﻨﻬﻮﺩ وعدد من المطالب التي شدد المعتصمون بضرورة تنفيدها

ودخلت مدينة الضعين في اعتصام مفتوح منذ الاحد الموافق 12 يونيو لحين تحقيق مطالبها، مستلهمة في حراكها، إعتصام نيرتتي بوسط دارفور طريقتها السلمية لتعبيير عن قضاياها وايصالها للرأي العام.

وكانت لافتاً توحد سكان المدينة خلف مطالبهم، ليعلنوا بذلك طي عهد الصراع والتباينات والسياسية والقبلية التي أضحت السمة الأبرز التي تميز ولاية شرق دارفور حديثة الإنشاء.

وتعيش الضعين بشرق دارفور، صراعا داميا استمر لعقود من الزمان، وإستطاعت بيئتها المتباينة أن تحتوي اطياف سياسية مختلفة، كما اشارت تقارير الى احتضانها مليشيات عسكرية غير نظامية، مما فاقم الأزمة الامنية بالمنطقة في العهد البائد..

وصمد اعتصام الضعين ستة ايام ليطالب بالإقالة الفورية لكافة المدراء العامين بالوزارات والمؤسسات الخدمية، الشروع في تشييد طريق الضعين- الهنود، وحل نقص الكادر الطبي العمومي بكافة الولاية ومحلياتها، وحل مشكلة الأراضي الزراعية وفتح المسارات والمواني اضافة الى مطالبتهم بإشراك لجان المقاومة في بناء ومراقبة مؤسسات السلطة الولائية.

كما طالبت بإعادة هيكلة اللجنة الاقتصادية لتشمل كافة قوى الثورة بما في ذلك تنسيقية لجان المقاومة_الضعين لتقوم بدورها الحقيقي في ضبط ومراقبة السوق والأسعار وكل السلع الإستراتيجية بالولاية وذلك لعدم كفاءة ونزاهة اللجنة الحالية، وفق المعتصمين، وتكوين لجنة لإزالة التمكين وإسترداد الأموال المنهوبة من نظام الانقاذ بالتعاون مع قوى الثورة.

ورغم سلمية الاعتصام، الا أنه كانت هناك محاولة لفضه بسبب تقارير تم تسليمها لشرطة الولاية، لكن تم احباط العملية بعد مشاورات وتفاهمات تمت بين الشرطة ولجان المقاومة، وذلك بحسب شهود عيان داخل الاعتصام.

ويقول عضو تنسيقية لجان المقاومة بمدينة الضعين فتحي يحي آدم، والذي صرح لـ”سلاميديا” كانت هناك محاولة لفض الاعتصام عند الساعة الثامنة صباحا من يوم الخميس، لكن تمت مشاورات بيننا وبينهم، وسحبت الشرطة قواتها من الموقع”.

 

ويضيف “طالبنا بمقابلة والي الولاية على انفراد للنظر في قضايانا، لكن تم ترتيب مقابلة تشمل اللجنة الامنية للولاية كلها الشيء الذي رفضته لجان المقاومة، وغادرت الموقع وتم رفع الإجتماع لأجل غير مسمى ومن المتوقع اقامته اليوم”.

ويتابع ” نلاحظ أن والي الولاية اكثر ايجابية في التعاطي مع اعتصامنا فقد امر بإعطاء اجازات سنوية لمدراء محليات ثلاثة وهي الضعين، بحر العرب، وياسين، وتكليف نوابهم لتسيير الامور لمدة 45 يوما الشيء الذي قدرته لجان المقاومة”.

وتعد شرق دارفور من الولايات حديثة التكوين وهي فقيرة مقارنة برصيفاتها، ومع ذلك تعاني اضطرابات أمنية من وقت لآخر وهو ما أقعد بها كثيراً، فضلاً عن أنها حدودية مع دولة جنوب السودان مما أثقل كاهلها بتدفق اللاجئين الفارين من جحيم الحرب في بلادهم.

ورغم التقدم في المفاوضات بين لجان المقاومة وحكومة الولاية الا أن البعض يرى ان هناك مراوغات تتم من قبل الحكومة للإلتفاف حول مطالب المعتصمين، وهذا ما ذهب اليه عبد الله حسن عضو تنسيقية لجان المقاومة.

ويقول حسن خلال حديثه لـ”سلاميديا” “توجد مراوغة من قبل الحكومة للإلتفاف على مطالب الثوار، وهناك كذلك محاولات لفض الاعتصام، كما انه لا توجد استجابة من ولاة الولاية ومدراء محلياتها لتحقيق هذه المطالب”.

وبضيف “اعتصامنا لم يجد الرواج الاعلامي، لكن سنظل صامدين حتى تتنفذ مطالبنا، لكن تم تسليم مذكرة لمجلس الوزراء، والتي تشمل على كافة مطالبنا”.

ويقول حسن عبد الله توحدت الضعين رغم التباين بعزم لجان المقاومة وقوتها، إضافة للعمل المنظم والفاعل الذي تقوم به، من توعية وارشاد للمواطنيين بضرورة الإلتفاف تحت راية واحدة لضمان تحقيق المطالب”.

واصابت عدوى الاعتصام الحميدة عدد من المحليات بولاية شرق دارفور ومنها محلية بحر العرب التي اغلقت لجان المقاومة مبانيها معلنة اعتصاما مفتوحا ﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺼمين، وإستكمال ﻫﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﺋﺪ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ . ﻭﺷﺪﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺮﺣﻞ ﻭﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ.

ويرى الصحفي المهتم بشأن دارفور احمد داؤود أن سياسة اللاعنف أو موجة الاعتصامات التي ضربت دارفور مؤخراً تشكل نقطة تحول فارقة في مسيرة الحركة المطلبية.
وقال : جرت العادة في السابق أن يلجأ أهالي الإقليم الي الانحياز للكفاح المسلح واشهار السلاح في وجه الدولة، ولكن نجاح ثورة ديسمبر أثبت لجماهير الإقليم أنه بالإمكان أحداث التغير والمطالبة بالحقوق بواسطة اللاعنف أو الاعتصامات، وهذا حسب تعبيره يعد تحول وقفزة هائلة في مسار الحركات المطلبية .
مضيفاً : الاعتصامات أثبتت أيضاً أن جماهير الإقليم رغم سنوات الحرب والتباينات العرقية والثقافية ما زالوا يتمسكون بسلاح السلمية كأداة في عملية التغيير المنشود .

وحول مدي تأثير التباينات العرقية والثقافية التي يتميز بها مجتمع الإقليم علي نجاح سياسة اللاعنف يقول : المؤكد أن اللاعنف بعكس الكفاح المسلح سيساعد علي التحام الجماهير و تماسكها ، وهذا ما اثبتته اعتصامات نيرتي ،فتابرنو ، والضعين التي كانت تمثل لوحة حقيقية لمجتمع دارفور بتنوعاته الثقافية والاثنية.

ويتابع ” كما أن التباينات العرقية والثقافية بالنسبة ستكون بمثابة المحفز والمحرك للاعنف، لأنها تشعر المجتمع هناك بأنه كتلة واحدة، وأن وحدته وتماسكه هما الضامن لانتصار قضيته ، وليس الشتات والتقوقع حول الذات مثلما كان يحدث في الفترات الماضية”.

ويعتبر داؤود أن ترسيخ سياسة اللاعنف بالاقليم يرتبط بشكل كبير بموقف الحكومة من هذه الاعتصامات ، فإذا كان الموقف الحكومي إيجابيا فإنه سيدفع المواطنون علي الانحياز لهذا النمط من وسائل الكفاح ، أما إذا كان سلبيا فإن احتماليات العودة إلي مربع الحرب ستكون قائمة بلا شك