بقلم – محمد فتحي اورفلي

منذ انفجار ثورة ديسمبر وحتي اعتصام القياده الشهير قدم الشعب السوداني اعظم ثورة سلميه في تاريخه عبر مر العصور وخاصة في حقبة الدولة السودانية الحديثه ، وتفردها ينبع من انها قامت علي شعارات تعتبر هي المنفستو المعبر عنها والتي سارت وتسير علي هداه وعلي راس تلك الشعارات شعار ( حرية ، سلام ، وعداله ) والذي نحتفي وسنحتفي به كلما سنحت لنا الفرصه لذلك لانه يعتبر الان الممر الآمن الذي سنعبر عبره بالبلاد الي بر الامان اذا ما التزمنا به .
التفرد الاخر الذي يميز ثورة ديسمبر هو انه اصبحت علامة تاريخيه فارقه بين ما قبلها من تاريخ سياسي واجتماعي قد مضي وكل ما سيأتي من بعدها ، ونأخذ قضايا الاقاليم في الدولة السودانيه واليات وادوات التعبير عنها والمطالبه بها ونبدأ منذ توريت 1955 وحتي دارفور والمنطقتين 2018 ، ما هو متفق عليه وواضح ان العنف والعنف المضاد هو سمة التعامل مع قضايا الاقاليم خلال تلك الفترة وقد انتجت تلك الفترة انفصال دولة جنوب السودان كنتيجة حتمية لما يمكن ان تقود اليه طرق التعامل مع مثل هكذا قضايا ومطالب من مركز الدولة القابض وردة الفعل التي تتسم بالعنف والعنف المضاد ، كان ذلك قبل ثورة ديسمبر وانا علي يقين لو قامت ثورة ديسمبر قبل تاريخ انفصال الجنوب لكان هناك وضع مختلف للوضع السياسي في البلدين ، افرزت ديسمبر وضعا مختلف وافرد مساحة من الثقه بين كل الاطراف مما اسهم في ايقاف الة الحرب وانتهاج الية الحوار لحلحلة القضايا التاريخيه العالقه للدولة السودانيه منذ خروج المستعمر وحتي الان وقاد الجميع الي طاولة المفاوضات ثم تطور الامر الالية الان واصبحت المطالب تتم بصورة اكثر سلمية وتعبر عن جوهر الثورة وتتسق مع روحها وتستمد قيمها من اعتصام القيادة العامه الخرطوم بالاضافة الي اعتصامات الولايات في تلك الفترة .
الاتجاه الي استخدام الاعتصامات السلميه لتحقيق المطالب ( نرتتي كمثال ) هو الان اكبر مكسب خرجنا به من ثورة ديسمبر وبالتأكيد هو ترسيخ لمفاهيم اللاعنف في الدفاع والمطالبه بالحقوق بصورة حضاريه تؤكد ان بذرة الثورة قد نمت واثمرت وهي ايضا رسالة لجميع النخب السياسيه ان الشعب السوداني قد تجاوز مرحلة الاحتراب وانه لن يعود الي تلك الحقب الداميه وان السلميه هي خياره الاوحد في طريقه لتحقيق مطالبه العادله والمستحقه .
يقودنا هذا الامر الي التذكير بأن هذه الثورة قد بدأت من اطراف الدولة السودانيه لاول مرة عكس المتعارف عليه في الانتفاضات السابقه ولذلك فمسألة الاستماته في التمسك بالسلميه في تلك الاطراف الان لهو امر بديهي يعبر عن ان مشروع الثورة الاجتماعي السياسي للتغيير قد آتي اكله وان التغيير قادم لا محالة ومن نفس تلك الاطراف التي بدات منها الثورة وهي نفس الاطراف التي عانت من ويلات العنف الممنهج والدموي طيلة الفترات السابقه ولذلك فأن ثمن السلمية التي تنتهجها تلك الاطراف الان قد تم دفع ثمنها غاليا من دمائهم وارواحهم وهي تضحيات لم ولن تذهب سدي ابدا .
امامنا الان فرصة ذهبيه قد لا تتعوض مرة اخري لتأسيس دولة الحقوق والمواطنه والقانون التي تليق بتضحيات هذا الشعب العظيم الذي اثبت انه يستحق ان يري احلامه واقعا ملموسا في دولة تنظر اليه كمواطن من الدرجة الاولي له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات مثل الجميع ووطنا يسعهم جميعا دون تمييز بسبب عرق او دين او لون .