بقلم – د. نزار محمد ماشا
النزاعات القبلية فى السودان كانت و لا زالت تحل بطرق تقليدية, و ربما لا يبذل فيها جهد مقدر و لذا حالما تعود مرة اخرى و احيانا اكثر عنفا و اكثر دموية.
اريد ان اتطرق الى بعض الاشياء وفقا لعملى لفترة طويلة فى مجال فض النزاعات و بناء السلام بمركز دراسات السلام و التنمية, و قد عملت منذ العام 2000 استشارى مع مركز بادية لخدمات التنمية المتكاملة فى التدريب و الدراسات فى مجال فض النزاعات و بناء السلام, بجانب منظمة البحث عن قواسم مشتركة, و عدد من المنظمات الوطنية و الدولية و المؤسسات الحكومية. ايضا عملت كاستشارى مؤخرا لدراستين حديثتين الاولى لتحليل النزاعات و المشكلات بمحلية القوز, و كانت لمنظمة ساحل سودان, و معى صديقى زميلى د. ادم احمد تيراب بمركز دراسات السلام و التنمية بجامعة الدلنج. و الثانية ايضا عملت كاستشارى مع صديقى و زميلى د. معتصم قمر الدين فى دراسة عن تحليل النزاعات بخمس ولايات, شملت كل من جنوب كردفان و شمال كردفان و غرب كردفان و النيل الابيض و النيل الازرق, و كانت دراسة لبرنامج الامم المتحدة الانمائى (UNDP). كل ذلك و غيره ربما اعطانى فرصة لمعرفة الكثير. و هنا اريد ان اسهم فيما يختص بالنزاعات القبلية بالسودان عامة و جنوب كردفان خاصة من خلال ملاحظاتى لغياب بعض الموجهات الاساسية فى الحلول.
اولا: رغم المجهودات الكبيرة و الكثيرة التى تبذل لفض النزاعات القبليبة, يلاحظ ان الوسطاء و الميسريين فى اغلب الاحيان يركزون على معالجة اثار النزاع, و رغم اهميتها الا انهم لا يركزون على الاسباب الجذرية للنزاعات , و ربما يكون مرد ذلك الى ان اسباب النزاعات قد لا تكون ظاهرة, و ذلك لانها متعلقة بالمصالح (المادية و المعنوية و الاجرائية) او الحاجات (الاساسية), و يتطلب ذلك جهد و خبرة و دراية من قبل الوسطاء و الميسرين و المفاوضين, حيث يكمن الحل فى معرفة الاسباب الجذرية للنزاعات و الاسباب الجذرية للنزاعات مرتبطة بصورة اساسية بالمصالح و الحاجات لطرفى النزاع.
ثانيا: ومن الاهمية بمكان التعامل مع بعض الاشياء فى النزاعات دون خلط من اجل الخروج بحلول بناءة و خلاقة و متجددة, و لا يتم ذلك الا بمعرفة و التمييز بين كل من نظريات اسباب النزاعات – مصادر النزاعات – معايير النزاعات – مراحل النزاعات و كيفية التعامل و التدخل مع كل مرحلة – بجانب الخيارات الاستراتيجية للتعامل مع النزاعات, و لا يتأتى ذلك الا عبر الخبرات و التدريبات المتواصلة.
ثالثا: لا بد من التمييز بين الوساطة و التفاوض و دور و منهجية كل منهما, اضافة الى مقدرة و خبرة جيدة فى تحليل النزاعات و ادارة الحوار و الاتصال و التواصل و طرق فض النزاعات الاخرى.
رابعا: يتطلب الامر من الميسرين و الوسطاء مقدرة جيدة على تحليل السياق الذى يقع فى اطاره النزاع و ايضا كيفية تحديد كل من (Dividers and Connectors) فى اطار تحليل السياق فى النزاعات.
خامسا: هذا قليل من المتطلبات للوصول الى حلول منتجة للنزاعات القبلية و يمكن ان تكون جزء من المؤشرات التى يجب توافرها للحلول.