الخرطوم_وفاق التجاني

بعد أن قضت سنوات في ساحات القتال، تنضم الجبهة الثورية الى حكومة الفترة الانتقالية بمقتضى إتفاق السلام النهائي الذي جرى توقيعه في عاصمة جنوب السودان جوبا يوم السبت.

ورغم زخم السلام بدت فرحة السودانيين منقوصة نسبة لعدم إنضوى حركتي تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور، والشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، في هذا الاتفاق، وهما حركتين مؤثرتين على الأرض.

فيما تتحدث تقارير صحفية عن نية الحلو اللتحاق بالعملية السلمية، إثر تفاهمات تم بينه ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، مسألة فصل الدين عن الدولة التي يضعها الحلو كواحدة من شروط الانخراط في التفاوض.

ووجدت إتفاقية السلام الموقعة السبت، دعم دولي من دول أفريقية وعربية، كما وجدت ترحيب من دول الترويكا الشيء الذي يضمن استمرارية السلام وفق خبراء ومهتمين بالشأن السياسي.

وتثمن الدوائر السياسية، الدور الذي قامت به الوساطة الجنوبية في طي صفحة الخلاف بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية المعارضة، وعلى الرغم من ذلك بعض الكيانات تنتقده كونه منقوص لعدم إنضمام عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور للعملية السلمية.

دوامة محاصصات

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة ام درمان الإسلامية عبده مختار موسى خلال حديثه “للسلاميديا” إن من المتوقع أن تدخل الحكومة في أكتوبر القادم في ماراثون جديد في عملية تقسيم الحصص (الحقائب) الوزارية بعد توقيع اتفاق السلام”.
.
ويضيف “أن هذه المحاصصة – مع غياب المعايير الموضوعية – من المتوقع أن تأخذ وقتا طويلا بسبب أطماع كل طرف في الفوز بوزارات (نوعية)؛ وسوف تدخل البلاد في شـد وجذب بينما تـزيد معاناة المواطن بسبب الأسعار والغلاء الطاحن، ونظـل نسمع من الحكومة ضجيجاً بلا طحين غير (طحن المواطن)”.

ويلخص مختار الحـل في تكوين حكومة (مجلس وزراء) من كفاءات مستقلة، وعلى القوى السياسية بما فيها الحركات أن تتقاسم عضوية المجلس التشريعي (البرلمان) والمفوضيات وبقية المؤسسات بما يشبه الديمقراطية التوافقية.

وحــذَّرمن تدخل البلاد في متاهات جديدة تقودها لواقع مأزوم.

وختم مختار حديثه قائلا “إذا أصرت حكومة قحت على الاستمرار في نهج المحاصصة الحالي وفي عملية (مداورة الحقائب) فسوف نشهد المزيد من “تدوير الأزمة” وإضاعة الوقت وإعادة انتاج الفشل”.

مخالفات دستورية

وقال القيادي بحزب الامة، امام الحلو في تصريحاته”لسلاميديا” إن الحكومة السودانية اجتهدت كثيرا فيما يخص عملية السلام، واثمرت هذه الجهود بالتوصل لاتفاق السلام.

ويضيف “الوثيقة الدستورية تحدثت عن تكوين مفوضية للسلام لكن بالمقابل قام مجلس السيادة بقيادة الفريق ركن البرهان بتشكيل مجلس على للسلام ورغم انه مخالف لبنود الوثيقة الدستورية الا انه مضى بخطوات ثابته، واستجابت له بعض القوى المسحلة، بتوقيع الاتفاق”.

ويتابع” شكليا هو اتفاق غير مكتمل الاطراف، وله سلبيات كثيرة رغم اجتهاد الاطراف ودولة جنوب السودان، ومن بينها ان المكونات تسعى لتمديد الفترة اللنتقالية اكثر فترة ممكنة وهذا يتنافى مع الوثيقة الدستورية، كما ان منبر جوبا تورط بمناقشة ما ليس من اختصاصاتة مثل مسألة علمانية الدولة والحكم الزاتي والتي يجب أن تناقش في مؤتمر دستوري”.

 

وفي الجانب الاقتصادي لقضية السلام نجد أن الملف يواجه معضلة جديدة، تتمثل في استحقاقات السلام، والتي تقرر على الحكومة دفعها بما يقارب 750 الف دولار سنويا، لصالح دارفور، لتسهم في جبر الضرر وتعويض اهالي الدم والنازحين في ذات الوقت تلوٌح خزينة الدولة وبالعجز الكامل وبالمقابل تعاني البلاد انهيار اقتصادي واضح.

ويتسائل مهتمون عن كيفية دفع هذه استحقاقات السلام توقع عدد من الخبراء الإقتصاديين والمحللين السياسين، أن يساهم المانحيين والراعيين للعملية السلمية، في دفع هذه الاستحقاقات، فيما لم يراهن البعض الاخر عليها نسبة لتنصل المجتمع الدولي من الالتزام بأي مبالغ مالية.

وترى جماعة أن هذه الاستحاقات غير مشروعة اذ أن الحكومة حكومة ثورة، ولا دخل لها بما فعلته الانقاذ، ولابد لاهالي الدم من التنازل عن هذه التكاليف المالية والإكتفاء بالقليل من التعويضات.

وبحسب محللين فإن الوضع يختلف لأن الارادة السياسية لدى الحكومة والجبهة الثورية ارادة حقيقة ،ولا رغبة للجبهة الثورية ولا حركات الكفاح السملح في العودة “للتمرد” ويشمل ذلك الحركات التي لم تنضم للعملية السلمية.

ويقول المحلل السياسي الفاتح محجوب والذي “لسلاميديا” “من المؤكد ان الحلو لا زال بعيدا عن السلام ولم يتحدد بعد موعد لبدء التفاوض معه والاحتفال بالسلام يظل منقوص بدون الحلو وعبد الواحد وتمويل تكاليف السلام التي اشترطتها الحركات بدون دعم دولي سيزيد معاناة الحكومة وتفاقم التضخم ويتسبب في مزيد من ارتفاع الأسعار”.