الخرطوم _ وفاق التجاني
تنشغل الدوائر القانونية في السودان هذه الايام بالفصل في الجدل الدستوري حول سيادة إتفاقية السلام على الوثيقة الدستورية، ويتوقع عدد من القانونيين، تجميد إتفاقية السلام، لحين تعديل الوثيقة الدستورية من قبل مجلسي الوزراء والسيادي.
ويعتبر عدد من المهتمين أن سيادة الاتفاقية على الوثيقة الدستورية غير مقبول، فضلا عن الجدل حول شرعية الاتفاقية التي لم تكن قوى الحرية والتغيير جزءا منها، لجهة أن الاخيرة لم توقع في الاتفاق الذي جرى في جوبا.
ويقول المحامي والباحث الحقوقي النور بريش والذي تحدث “لسلاميديا” إنه لايوجد لبس بين اتفاقية السلام وبنود الوثيقة الدستورية غير ان الاولى أصبحت لها السيادة على الوثيقة الدستورية”.
ويضيف”على شركاء الحكم في السودان تولي تعديل الوثيقة الدستورية في حال غياب البرلمان الانتقالي الذي لم يشكله السودان بعد، ولابد من نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية للسودان لتعتبر الاتفاقية سارية المفعول”.
ويتابع” لابد من موائمة اتفاقية السلام في الوثيقة الدستورية، ويشترط على الاتفاقيات الخارجية هذه الصفة والا انها تعتبر معيبة”.
من جانبه يعتبر محمد صديق السندكالي عضو هيئة محامين دارفور، “جماعة ضغط” أن الوضع القانوني في السودان فوضوي وستنتج عنه كارثة سياسية.
ويقول خلال حديثه ” لسلاميديا” “الوثيقة الدستورية السارية المفعول هذه معيبة، ومن الافضل مراجعتها وتصحيحها، ولقد حذرنا مرارا وتكرارا، من اخطاء قد تقع فيها البلاد جراء هذه الوثيقة”.
ويضيف “الان يتحدث الساسة عن حل المؤسسات القائمة وهذا الاجراء ايضا يتم من غير سند قانوني، وقد حدثت تجاوزات كثيرة للدستور من قبل شركاء الحكم في السودان، وهذا سيؤدي لمزيد من التشظي والانقسامات والانشقاقات والمحاصصات”.
ويضم الاتفاق الذي تم في جوبا على عدد من المصفوفات والبرتكولات تركز على اتفاق للترتيبات الامنية بين المنطقتين، والاتفاقيات الامنية، بدارفور، واتفاق القضايا القومية، الاتفاق على تقاسم السلطة، واتفاق مسار الوسط، واتفاق مسار شرق السودان، وبرتكول النازحين والاجئين، ومصفوفة مسار الوسط، ومصفوفة دارفور، ومصفوفة مسار الشرق الشمال.
ومن اهم بنود الاتفاق، بدء فترة انتقالية، في البلاد تستمر ثلاث سنوات بداية من لحظة التوقيع، وتسكين رفقاء الكفاح المسلح، في ثلاثة مقاعد في مجلس السيادة، وفرص خمسة حقائب وزارية، وفي جانب الترتيبات الامنية تم الاتفاق على دمج قوات وفصائل الجبهة الثورية، في القوات المسلحة، مع تشكيل قوة مشتركة، قوامها عشرين الف جندي، لحفظ الامن في اقليم دارفور.
بيد أن عدد من المراقبين، يتوقعون تجميد اتفاقية السلام، لجهة أن قوى الحرية والتغيير غير موقعة في الاتفاق الذي جرى في جوبا ويرجحون تكوين حاضنة سياسية جديدة للحكومة تستوعب قوى الحرية والتغيير التي لم توقع في الاتفاق والاطياف الموقعة في الاتفاق، لتكوين مؤتمر دستوري يناقش القضايا التي تمت في إتفاقية جوبا ويؤمن عليها.
فيما يلخص رئيس اللجنة السياسية بحزب الامة امام الحلو في تصريحات سابقة “لسلاميديا” حل الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد والاشكالات القانونية في مؤتمر تأسيسي، ضمن العقد الاجتماعي الجديد والذي سيتم فيه مناقشة الوثيقة الدستورية وإخفاقاتها، وحوجة البلاد لدستور انتقالي جديد، يجيزه المجلس التشريعي.
ويتوقع الحلو انشاء المؤتمر الذي يضم قوى الحرية والغيير والفئات الموقعة في العملية السلمية ولجان المقاومة في اكتوبر الجاري، ويضيف “العملية السلمية منذ بدايتها كانت تعاني من التجاوزات والتي تمثلت في تولي مجلس السلام بقيادة البرهان حتى توقيع الاتفاقية، وكذلك تجاوزت الحكمة صلاحياتها بمناقشتها قضايا كان يجب أن تناقش في مؤتمر دستوري مثل علمانية الدولة وحق تقرير المصير والحكم الذاتي”.
ويذكر أن الوثيقة الدستورية التي تم توقيعها في 17 أغسطس، تلغي العمل بالدستور الانتقالي، للعام 2005، ولكنها تستثني، القوانين الصادرة بموجبها، التي ستظل سارية المفعول، ما لم تلغ أو تعدل، وتصف الوثيقة, الدستورية، دولة السودان بأنها دولة مستقلة ذات سيادة ديمقراطية، برلمانية تعددية، تقوم فيها الحقوق والواجبات على اساس المواطنة دون تمييز.