الخرطوم- وفاق التجاني
لم يكن الجيش الدكاتوري الذي اطلق الرصاصة على الشهيد” احمد القرشي” على علم بأن تلك الرصاص ستنهي عقود الدكتاتورية في اكتوبر العام 1964، بعد الإنتفاضة الشعبية، التي إستنكرت مقتل الطالب والشهيد القرشي في ندوة ثقافية.

ولم يطلق الجيش الرصاص الكثيف ولا العشوائي ولكن هي رصاصة واحده قتلت الطالب أحمد القرشي، والذي كان مقتله عود الثقاب لنبذ النظام الشمولي واسقاط الرئيس الراحل ابراهيم عبود.

وسجل التأريخ اجواء الغضب جراء تعدي الجيش على المواطنين العزل، وتسير مواكب تنادي باسقاط النظام وقتها مرددة هتاف ” النصر حتى القصر” ولم يكن كذلك “الشهيد” على دراية بأنه يمكن ان يكون سببا في احداث ثورة شعبية الاولى من نوعها في تاريخ البلاد والوطن العربي والافريقي.

وكذلك هو الحال في كل إنتفاضة شعبية تبدأ بمقتل مواطن اعزل، ضائقة معيشية او كبت للحريات، تنهي عقود الدكتاتورية، والحكم العسكري كما حدث في ثورة اكتوبر مرورا بإبريل وانتهاءا بثورة يسمبر المجيدة.

ويحتفل السودانيون في كل عام بأمجاد 21 اكتوبر، لكن يبدو أن احتفال هذا العام سيختلف قليلا، بعد أن قررت عدد من الكيانات الخروج للتعبير عن عدم رضاها بإنجازات الحكومة الانتقالية، وبهدف تصحيح مسار ثورة ديسمبر المجبدة.

ويرى عد من الناشطين السياسين أن الثورات السودانية تدور في حلقة مفرقة وكل ما انجزت الاجيال انتفاضة وطنية اجهضتها الاجهزة العسكرية، وهذا ما ذهب اليه الناشط السياسي خزامي ابراهيم والذي تحدث ” لسلاميديا”.

ويقول خزامي” لايختلف اثنين في أن الشعوب السودانية اجتهدت كثيرا في مقارعة الدكتاتوريات، ولا داعي للغوص في صحتها لأن التجارب التاريخية أثبتتها، و كلما بدأ نظام ديمقراطي اجهضته الاجهزة القمعية” .

ويضيف :” هناك مسلمات اساسية اصبحت متلازمة و مصاحبة لكل ثورة قامت في السودان وهي هيمنة وحضور المؤسسة العسكرية، ففي ثورة 1985 لم يكن مدهش كثيرا ان تأتي الجيش ببيان ويكون مجلس عسكري وكذلك في ثورة 19ديسمبر المجيدة”.

ويضيف: ” النخب السياسية التي تقود الحراكات الثورية عندما تصل لمرحلة اسقاط السلطة القائمة سيعودون إلى المناحرة والمشاكسة والصراعات فيما بينها، والذين يتابعون السياسية يعرفون صراعات الامة والاتحادي في الثمانينات والستينات”.

وأشار الى أن النقطة المهمة في الثورات هذه هي مسألة الجماهير ومدي قدرتها على التفكير الديمقراطي وأكد أن الديمقراطية تربية وسلوك ونظام تفكير وهذه الخصلة ظللت غائبه الى حد كبير عند الجماهير.

لفت أن الثورات السودانية تعاني من دوامة ويضيف:” سيظل الوضع شائك إلى ان يأتي إنقلاب عسكري آخر يقضي على الاخضر واليابس وسيعود الناس إلى الشوارع ثائرين ويظهر تحالف سياسي يقوده (جبهة الهيئات مثلا او التجمع الوطني لانقاذ البلاد في الثمانينات او تجمع المهنيين حالياً).

فيما لفت سياسيون أن الصراعات السياسية التي تحدث في السودان لن تترك ذكرى جميلة لأي ثورة او انتفاضة، حتى ثورة ديسمبر المجيدة، ويؤكدون انه يجب أن يبتعد الساسة من هذه الصراعات لحفظ، حقوق الشهداء الذين ضحوا بدمائهم لاجل احداث تحول ديمقراطي.

ويقول الناشط السياسي في الحراك الذي اسقط حكومة الجنرال عمر البشير، احمد داؤود أن الثورات التي مرت على السودان تقتل قبل أن تصل لغايتها واهدافها، وذلك بسبب الصراعات في من يتولى السلطة والحكومة وليس في كيف تدار الحكومة.

ويضيف: ” تقرر عدد من القوى السياسية في الخرروج في مليونيات لتصحيح مسار ثورة ديسمبر المجيدة بالتزامن مع إحتفالات ثورة اكتوبر، لكن هذه المليونية لن تحدث اي تغيير، لأن الصراع ما زال قائما بين القوى السياسية مثل المؤتمر السوداني الذي هو جزءا من نداء السودان ينادي بالخروج، وكذلك الحزب الشيوعي والذي يطعن في اتفاق جوبا، و ينادي بالخروج في مليونية ضد اهدافه، او أحزاب اليمين التي تنوي المشاركة في المليونية لضرب الحزب الشيوعي، وكذلك موقف الجبهة الثورية من هذه المليونية غير مبرر وكل هذه التشكسات، لن تؤدي للاحتفال بذكرى مجيدة بل تقوم على قتل الذكري ووأد الثورة الجديدة”.

ويتابع”: الشيئ الذي لم يتركه الساسة السوانيين على مرر العصور هو ترك صراع النخب، والبحث في المصالح الحزبية بعيدا عن المصالح الوطنية”.

ويقول القيادي، بحزب الامة صلاح زكريا، ثورة اكتوبر صنعها الأجداد والاباء، وسيحتفل الشعب السوداني إحتفالا مختلفا، بعد صناعة الثورة الثالثة وهي ثورة ديسمبر المجيدة، والتي ستكون في ظرف إنتقالي وتحديات كبيرة، لأن معظم القوى السياسية دعت لللإحتفال في ذكرى 21 اكتوبر، في شكل مواكب تعبر عن عدم رضاها عن حكومة الفترة الانتقالية.

ويضيف:”على الثوار وقيادات العمل الثوري والحرية والتغيير إخراج اليوم بصورة تحافظ على الأمن والسلام وقومية الثورة وشعاراتها، ويتابع ” كذلك الاحتفال جاء في ظرف يتطلب رفع درجة الوعى وعدم الانجرار وراء النشاط الهدام”.

المشاريع التي تعينها ولا نخرج لكي نسقط الحكومة ،ومساندتها لحين تحقق الحرية،السلام والعدالة والانتقال من مرحلة الاستقراروصولا للانتخابات النزيهة لتكون الديقراطية مستدامة.