الخرطوم:هانم آدم
تباينت الآراء الصحفية حول الأوضاع الحالية التي تعيشها الصحافة ففي الوقت الذي رفض فيه البعض مصطلح “احتضار “الصحافة ،تمسك الآخرون بأن ماتعيشه الصحافة تجاوز مرحلة الاحتضار ووصل حد الدفن.
ورسم المتحدثون في ندوة “احتضار الصحافة – الازمة الاقتصادية والواقع الانتقالي”، بصحيفة (التيار)، مساء امس“الأحد” لوحة غاتمة للاوضاع الصحفية ،مشيرين الي أنها صارت طاردة وهجرها البعض.
وتناولت الندوة الأوضاع الصحفية عموما ،وتاثيرات الإعلان والبيئة الصحفية والمعلنين وتكلفة الطباعة والورق، والوضع الاقتصادي.
عوامل عديدة وضعها المتحدثون في طاولة التشريح علهم يخرجون بحلول ناجعةوافكار يمكن أن تسهم في استمرار الصحف.
أساس العملية الإعلامية
وأقر وكيل أول وزارة الثقافة والإعلام الرشيد سعيد بأن الصحفي السوداني هو الأرخص أجرا في جانب العملية الإعلامية ،مشيرا الي الإهتمام بالمكاتب الفاخرة ومواقعها ،والكمبيوترات الحديثة دون أدني إهتمام بالصحفي أساس العملية الإعلامية وتهميشه .ولم يستغرب الرشيد بأن يكون مردود الصحفي ضعيفا ،وينسحب ذلك علي الجريدة لتصبح غير جاذبة .وإستدرك الرشيد بقوله(هذا ليس بتقليل من جهد الصحافيون ، مشيرا لمقدرتهم علي صنع المعجزات ).مشددا علي ضرورة الإهتمام بوضع الصحافيين.
ولفت السعيد الي تراجع الصحافة الورقية بشكلها التقليدي في العالم كله ،واستشهد بكبريات الصحف في البلدان الغربية والتي عمدت لتقليص الجانب الورقي ،وانتقلت للنشر الإلكتروني .مشيرا لعدم مواكبة الصحافة السودانية لتلك الطفرة ،وعدم إهتمامها بتغطية المناطق الطرفية.
ووصف السعيد الصحف السودانية بالمركزية ، ،الامر الذي جعل إنسان الهامش لا يري نفسه فيها ،لافتا لإهمال الصحافة للصفحات المتخصصة ،مشيرا لإهتمام الصحف الخليجية بهذا الجانب .
حلول تشاركية
وأقر الرشيد بإرتفاع تكلفة الطباعة ،ودعا الناشرين للجؤ للحلول التشاركية (الجمعيات التعاونية) لتقليل تكلفة الطباعة ،ولفت لمعاناة الصحافة من إشكاليات التمويل ،وعدم مساهمتها في إستحداث وسائل مبتكرة له . وارجع تأثر الصحف بشكل كبير للطريقة التي يستخدمها النظام البائد مع الصحف (الإشتراكات)،مقرا بان معظمها كان مملوكا للنظام السابق .وقال صدقنا في الفترة الماضية ل(6) صحف مملوكة لافراد من النظام السابق غير أنهم قدموا الينا بواجهات جديدة.وبحسب رؤية السعيد فإن شركات المساهمة العامة يمكن أن تساهم وبشكل كبير في حلحلة قضايا التمويل. واعتبر الرشيد إحتكار الإعلان الحكومي لشركة اقمار اس الازمات ،لجهة عدم توفر عنصر التنافس بين الصحف ، وتوجيه الإعلان للصحف (المرضي عنها فقط) وقال :رغم حل الشركة ولكن مازال هناك افراد يتعاملون بنفس الطريقة القديمة .واضاف (هذه واحدة من الأشياء التي تعبنا منها كثيرا) مؤكدا عزمهم لتوزيع الإعلانات بين الصحف بشكل عادل ، لجهة ان 70% منها لجهات حكومية. وكشف عن وجود (كسر في اسعار الإعلانات) مبديا امتعاضه من أن المعلن هو من يقوم بتحديد سعر الإعلان علي الرغم من وجود أسعار محددة مسبقا،موكدا علي أهمية التنسيق بين كافة الجهات فيما يتعلق بهذا الامر.ونبه الي ان رتفاع اسعار الصحف جعلها لا تدخل ضمن أولويات المواطن ،مشددا علي أهمية إيجاد حلول تضمن إستمرار الصحافة .
تنافس غير متوازن
وأمن الرشيد علي وجود الصحافة المكتوبة نافيا في ذات الوقت وجود نية لإصدار صحف تتبع للحكومة أو الدخول في منافسة مع الصحف وقال ان ذلك يخلق حالة من التنافر الغير متوازنة ،مؤكدا علي إمكانية مساهمتهم في مساعدة الصحف ،مشيرا لحوجة الصحف لإيجاد حلول لكثير من المشاكل وفي مقدمتها الضرائب ،لافتا الي ان الأمر يتطلب المزيد من الجهود من قبل الصحافيين أنفسهم .وشدد علي ضرورة إلغاء الجمارك علي الورق وقال 🙁 بصراحة نحن تعبنا من وزارة المالية ) وشجع الصحافيين للعمل علي الوسائط ،لافتا الي أنها تجذب الجمهور لاسيما شريحة الشباب (صوت وصور).
وأعترف سعيد بأهمية الصحف لدعم المرحلة الإنتقالية ، وقال أن وزارة الثقافة والإعلام طلبت من الناشرين مقترحات لحل مشاكل النشر والطباعة ، ولكن لم يتقدم الناشرون بمقترحاتهم الي اليوم.
وكشف الرشيد عن عزمهم لتشكيل لجنة قومية لإعداد قانون الصحافة ،وشدد علي أهمية وجود قانون يحمي الصحافيين ومصادرهم ،ووصف القانون الموجود بالجيد غير أنه يحتاج لتفعيل.
الإصلاح والمواكبة
فيما اقر رئيس تحرير صحيفة إيلاف خالد التيجاني بحوجة الأوضاع الصحفية للإصلاح ومواكبة التحول في السودان ،وقال ان الصحافة ليست بمعزل عما يحدث في السودان من واقع إقتصادي وسياسي ،وإعتبرها واحدة من وسائل التحول الديمقراطي .
وعدد التحديات التي تؤثر علي واقع الصحافة بدءا بالتحدي الإقتصادي وتأثيره علي الطباعة والناشرين،وضعف الإعلان ،وتشرزم فئة الصحافيين أنفسهم .وقال ان الحكومة تتحمل جزء من المسئولية في ظل التحول الديمقراطي.
واقر بضعف الأداء الصحفي والقصور الذاتي ،موكدا بأن عبء إنقاذ الصحافة يقع علي الصحافيين ،ودعا لقيام نقابة وعمل منظميين.
إشكالية عامة
ونبه رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني لوجود خلط مابين الصحافة وصناعتها ،وتسأل هل المشكلة في المحتوي أم المال،مبينا بان الجزء المتعلق بالمال ليس مشكلة الصحافة وحدها بل البلد ككل.قاطعا بصعوبة تحسين اوضاع الصحافة كجزيرة معزولة عن معاناة البلد.ووصف المحتوي الإخباري للصحافة ب(التافه والهايف)،وعزا ذلك لعدم وجود حراك فعلي بالبلاد،مبينا بان الصحافة عبارة عن حراك مجتمعي ،وقال :نحن كصحافيين مسئولين من تغيير هذا الواقع.
رأس الرمح
وفي السياق اكد ممثل شبكة الصحافيين السودانين وائل محجوب بان الصحف بعد الثورة لم تواكب التغيير الذي حدث علي الرغم من أنها كانت رأس الرمح في التغيير ،الامر الذي جعل شبكة الصحافيين تدفع بمزكرة لوزارة الإعلام لإجل تحرير الإعلام .وتطرق للاوضاع الاقتصادية المتردية للصحف وتأثر الصحفيين بها من خلال تدني المرتبات وتشريد عدد كبير منهم ،وإغلاق الجزء الاكبر من الصحف مشيرا الي ان كل ذلك يقع علي الصحفي ، ولفت الي ان مايحدث بالصحف اثر علي المحتوي التحريري ،وقال في ظل هذا الوضع فإن الصحافيين المؤهلين لن يعملوا ،وشكا من وجود قانون للصحافة ليس له اي علاقة بالمرحلة الحالية .
بوابة للإختراق
وانتقد وائل بشدة التمويل الاجنبي لبعض الصحف ،واعتبره بوابة للإختراق لجهة ان تلك الصحف ستعمل وفق أجندة ممولها, وقال ان هذا لا يحدث في أي مكان بالعالم ،فالصحف خط احمر ويفترض ان يتم تمويلها وطنيا.
واضاف ان الثورة السودانية اصبحت تدرس ، ويفترض أن ينعكس هذا الواقع في الصحافة والإعلام ،مقرا بوجود ضعف في الصحافة والإذاعة والتلفزيون بسبب سيادة الروح القديمة ،غير انه عاد واكد وجود تغيير وصفه بالطفيف.
واكد علي سعيهم لوضع تصور بمشاركة كل الفاعلين في العمل الإعلامي ،لوضع حلول لكل القضايا الشائكة.
البحث عن معالجات
وفي ذات المنحي اقر رئيس تحرير صحيفة الجريدة اشرف عبد العزيز في مداخلته بصعوبة تجاوز إحتضار الصحافة وقال :ان هذا هو الواقع،وارجع ذلك لإرتباط مدخلات الطباعة باسعار الدولار ،فضلا عن تحكم المعلنين في الصحافة .وزاد مما زاد من تفاقم إحتضار الصحافة (أزمة كرونا)وفترة الإغلاق لمدة ثلاث اشهر. وقال ان هذه الفترة كانت كفيلة بان يبحث القراء عن بدائل اخري ومجانية.واتهم الحكومة بطريقة او اخري بالتاثير علي الصحافة من خلال هذا الإغلاق .واعتبر الإشتراكات الحكومية واحدة من الحلول .
وأعاب اشرف علي الناشرين عدم تفكيرهم فيما يدعم الصحافين أقتصاديا (مواقع تتبع للصحف )
واختلف اشرف مع عثمان ميرغني في وجود الحراك والعمل السياسي والديمقراطي،وقال ان الاشكال في وضع الصحفي.ودعا الحكومة والناشرين لوضع معالجات وإلا ستكون الصحافة في مرحلة الإحتضار حتي الموت.
عجز الصحافة
وفي ذات المنحي رفض رئيس تحرير جريدة البعث محمد وداعة الله تجميل وضع الصحافة ،ووصف مايحدث لها بالاحتضار . وشكا وداعة الله من الأوضاع السئية التي يعيشها الصحافيون .وقال ان الصحافة عاجزة عن الحصول علي المعلومات الحقيقية في ظل احجام الحكومة عن التصريحات ،ووصف وضع الصحافة في عهد النظام البائد بالافضل من حيث التوزيع والمادة الخبرية والإستقصائية ،واعتبر الطريق الوحيد لنهضة الصحافة بان تستعيد وضعها كثورة.
تجاوز الإحتضار
فيما قال رئيس تحرير الشارع السياسي ان الصحافة تجاوزت مرحلة الاحتضار ويفترض ان تدفن ،وحمل مآل اليه وضع الصحافة للصحافيين .وقال ان المعالجة يجب ان تكون من الصحافيين من خلال توعيتهم بدورهم ، وان تلتفت الدولة لهم .واعتبر الإعلان اكبرمهدد للصحف،وتطرق لواقع الصحافة وقال ان اغلبها مؤسسات اسرية ،وانتقد عمل الصحفي في مؤسسات صحفية او ناشر لا يحترم محررها ،مشددا علي ضرورة تعريف الصحفي بانه اكثر عنصر غالي في العملية الاعلامية .