تقرير: هانم ادم

اجمع خبراء في مجال دراسات السلام علي ضرورة إشراك المراكز المتخصصة في دراسات السلام ،  مع المؤسسات المنوط بها تنفيذ إتفاق جوبا، بعيدا عن المحاصصات السياسية .

وطالب الخبراء  في ورشة عمل دور التعليم العالي في بناء السلام بإقامة وزارة متخصصة للسلام، وتجسير الهوة بين متخذي القرار ومراكز دراسات السلام. وتسائلوا عن وجود آلية لتعديل الجداول الزمنية لتنزيل  الاتفاقية علي أرض الواقع؟ ووصفوا قضايا الرحل بـ (القنبلة الموقوته)، مشددين علي أهمية وجود شراكة  بين الجامعات والمراكز.

واكدت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي إنتصار الزين صغيرون، أهميه دور كليات تنمية المجتمع ومراكز دراسات السلام في نشر ثقافة السلام في البلاد وربطهما لإكمال الأهداف المرجوه.

واشارت انتصار إلى وجود حوالي (17) مركزا لدراسات السلام في العديد من الجامعات؛ وداعت للاهتمام بها. وكشفت عن تصديق الوزارة لكل مراكز دراسات السلام وكليات تنمية المجتمع بمبالغ تساهم في دفعهم للأمام.

 ومن جانبه وصف د. جمعه كنده مستشار رئيس الوزاء لشؤون السلام، الفترة الانتقالية بالاستثنائية، مشددا علي أهمية ادارتها بنوع من الحكمة. وأكد إمكانية الموأمة بين الاتفاقيات، موضحا أن هناك جهات دولية لديها خبرة مقدرة في هذا المجال. واقر بوجود تحديات تواجه عملية الانتقال من مرحلة التفاوض الى انزال اتفاق السلام علي ارض الواقع؛ ووصفها بالصعبة. وشدد كندة على ضرورة أن تكون الاتفاقية شاملة  بمعناها الحقيقي وتضم كل مكونات الكفاح المسلح حتى يكتمل السلام، داعيا إلى التفكير في إنشاء شبكة لمتابعة وتقويم تنفيذ الاتفاقية كما جاءت فى الجداول الزمنية. وقال أن وزارة التعلم العالي جعلت قضية وملف السلام ضمن أولوياتها، مشيرا إلى أن السودان يعيش مرحلة انتقال من التفاوض إلى عملية بناء السلام وتطبيقه.

وفي ذات السياق، اكد المهندس عبدالقادر عابدين ممثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، أن كل برامج المنظمة في السودان تعمل في بناء السلام، مشيراً إلى وجود مشروع لبناء القدرات وسياسة الشباب في السودان بجانب تقوية التعايش السلمي.و شدد على أهمية البحث العلمي في الجامعات و ربط التعليم العالي والأبحاث بكل مجالات الحياة تمكن من الوصول الى قرارات مبنية على أسس علمية.

وفي نفس الاتجاه، ذكر أسامه مختار عضو الجبهة الثورية في ورقة إضاءات حول السلام، أن الاتفاقية غطت الكثير من قضايا البلاد حول مشاركة المرأة في السلطة بنسبة 40%، فضلا عن الفصل بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة، كما أنه شمل قضايا مناطق لم تحمل السلاح الا أنها متأثرة وتعاني من التهميش، ونقص الخدمات. واشار لتوجس الشارع من الاتفاقية ورهن ذلك بانها اتفاقية منقوصة. وشدد علي اهمية المضي قدما في استكمال الاتفاقية، قائلا: “يجب أن ننظر لمصلحة السودان فيما يتعلق بالجدل حول العلمانية والتطبيع مع إسرائيل”، واعتبرها قضايا ايدلوجية. وتسائل ما الذي يجعلنا نرهن مصلحة السودان لمجموعات لديها أفكار ايدلوجية و ذاتية ؟ معتبرا ان قضية فصل الدين عن الدولة لا يتضرر منها اي طرف من الاطراف و ان الأمر متعلق بمصلحة الوطن. ودعى الى عدم التعامل بعصبية؛ مستشهدا بتداعيات فصل دولة جنوب السودان وقال “فقدنا الجنوب بعامل نعت”. وزاد “جربنا نظام الحكم الإسلامي فلابد من إعطاء أنفسنا فرصة أخري”.

وطالب سعيد، بالعودة لاتفاقية السلام لفهم مسألة الترتيبات الأمنية، وقال خلال فترة ال (39) شهرا سوف يحدث تجميع للجيوش تحت اشراف الحكومة؛ معتبرا الجيش قومي وموحد. وأقر بوجود تحديات تواجه الجداول الزمنية للاتفاق تتمثل في جائحة كورونا التي ادت لتأخير مؤتمرات المانحين. وكشف عن جدول زمني للاتفاق عقب منتصف الشهر الجاري. وقال أن الاتفاقية ناقشت قضية الحواكير في بروتكول الأراضي؛ لافتا الي أن النظام السابق استخدم عدد من مواطني دول الجوار في الحروب، لاستفزاز السكان وخلق الفتنة بينهم والحركات لجر البلاد  الى حرب أهلية لا طائل لها. واقر بوجود مستوطنون جدد في اراضي السكان الاصليين، مشيرا الى وجود مفوضية للأراضي ضمن بنود الاتفاقية مسؤولة عن قضايا الحواكير ، وان البروتوكول يخاطب مسألة المستوطنات الجديدة بشكل تفصيلي. وكشف أن كل الأطراف لديها أطراف مضادة لها، و أن المشكلة في السودان واحدة، إلا أن الأسباب تختلف في ظل وجود هم واحد. ونبه الي ان بعض الاقاليم لديها مشاكل مختلفة في الكهرباء، ظلم السلطة، نقص التعليم وتمييز النوع  لذلك لابد من تضمين قضايا الأقاليم التي لم تحمل السلاح.

ونفي اسامة أن يكون الاتفاق تم علي عجل مقارنة مع اتفاق نيفاشا. وقطع بعدم وجود صعوبة في الاتفاق  لجهة ان الحكومة حكومة ثورة، وان الاتفاق تم  في مناخ سوداني.

وأبان أن الحكومة الانتقالية من أولوياتها الاهتمام ببسط  السلام، في اشارة منه لاحتلال جبل مرة الواضح الذي يحتاج الى حل عاجل بين الرعاة والمواطنين المقيمين – علي جد تعبيره. وقال “ما لم يتم التدخل السريع فإن الاتفاق لن يكون حلا لمشكلة الحرب بين المكون العربي والإفريقي”. وأضاف ان من الصعوبة  التغول علي حقوق و ملاك  منطقة جبل مرة، واعتبر الخطوة زعزعة للاستقرار، بناء علي خلفية دور النظام السابق في تصعيد الحرب بين (عرب  وزرقه ) مما اسهم في تاجيج الحرب بين المواطنين وحرق  القري.

وناشد أسامة بالإسراع في الترتيبات الأمنية لجهة انها مرهونة بتوفير الأمن، موكدا مقدرتهم علي معالجة  قضية (العرب والزرقة)عبر الاتفاق والجلوس كمكونات  سودانية  بغية  الوصول لاتفاق سلام.

فيما تطرق مدير مركز دراسات السلام والتنمية وحقوق الإنسان بجامعة الفاشر د.السرخليل عبد الله، للادوار الفاعلة التي يمكن ان تلعبها مراكز دراسات السلام في تنزيل السلام علي ارض الواقع ،ونبه لوجود تحديات يمكن ان تقعد أداء تلك المراكز، ابرزها التمويل والمنح والدعم المالي وعدم وجود إستراتيجية واضحة لعمل المراكز وصعوبة الوصول لكثير من المناطق؛ بجانب التغيير المتسارع وغير العادي لمدراء المراكز، فضلا عن وجود تحديات مجتمعية منها عزوف بعض قيادات وافراد المجتمع عن المشاركة في أنشطة المراكز.  

 وقال مدير مركز بحوث ودراسات دول حوض البحر الأحمر د. حاتم الصديق محمد، في ورقته التي جاءت بعنوان “النزاعات القبلية والتداخل الحدودي وأثرهما علي السلم الإجتماعي في السودان”؛ أن قضايا السلم الاجتماعي واحدة من القضايا المؤرقة للمواطن السوداني وصناع القرار والباحثين وكل من يصبو لسودان افضل لما بعد الثورة. وقال ان السودان يتميز بالتداخل القبلي الذي يجب ان يدار بروية وتأني لاجل تنمية المناطق الحدودية واستقرار قبائلها.

 وشدد علي أهمية أن تكون الدولة راعية وموجهة بدلا عن الدولة الباطشة، مشيرا لكثير من التجارب في السودان وخصوصية المناطق الحدودية، لجهة أنها تزخر بالثروات وانها عرضة للأطماع الخارجية خاصة دول الجوار. ودعا النخب السياسية وصناع القرار والباحثين بالإنتباه لهذا الأمر والسعي لتنمية هذه المناطق والتعريف بموارد وثروات السودان والعمل علي إستغلالها. وقال “المال السائب يعلم السرقة”. واردف “فاذا لم يتم الأهتمام بتلك الموارد ولم يروج لها فلا يوجد من يأتي ليطور”. واكد بان التداخل القبلي يجب ان يكون آداة لقوة الدولة وليس إضعافها. وزاد “اننا نصبو لدولة قوية في السودان”، مضيفا ان الدولة مؤهلة بما تمتلك من إمكانيات – موارد طبيعية وبشرية وثروات.

ونبه ان عدم إستغلال تلك الثروات يجعل الآخرون ينظرون للسودان بعين الطمع. مشيرا الي ان الدولة السودانية في مرحلتها الحالية تتأثر بما يحدث في دول الجوار وبالتالي يجب المحافظة علي الأمن والسلم الداخلي. واكد د.حاتم علي تأثير النزاعات القبلية علي السلم الإجتماعي، واوصي بضرورة الإسراع في ترسيم الحدود بصورة عادلة وتكثيف الوجود الأمني والإداري مع تنمية هذه الحدود.