زينب زيتون

بين الأمس الذى انطلقت فيه محادثات ومباحثات السلام السودانية بين الاشقاء المتخاصمين ليست بالقريبة؛ وحينها كان الأمل المنشود الا يزيد عمرها عن الشهرين ولكنها أكملت عاما وزادت عليه أشهرا فى رحلات مكوكية وماراثونية وتواصل الليل بالنهار فى سبيل ان يتم ويكتمل السلام للسودان وطن البطولات والتضحيات. وقياسا لما تم وأنجز تتضاءل فى سبيله ليالى الأرق ونهارات العرق المتصبب والأنفاس المحبوسة وضربات القلب التى تعلو وتيرتها وترتفع حينما تتسع الفجوة فى المحادثات وتتباعد خطى التلاقى والرؤية المتقاربة والموحدة لقضايا وضعت فوق المائدة بحثا وتشريحا، وتطيب النفوس وتصفوا الأجواء حين اقتراب الرؤى حد التطابق، وهكذا دواليك مضى العام فى شد وجذب، وانفراج وقبض، حتى كللت المساعى بتوقيعات الأحرف الأول لتكون الوثبة الكبرى لسلام دائم مستدام بين أبناء الوطن؛ ولينعم السودان بالسلام والأمان والاستقرار وقد خاض حروبا مريرة سقطت فيها انفس غالية وعزيزة.

غدا يوم ينتظره الشعب السودانى بفارغ الصبر، الصبر المحفوف بالإيمان، ان لكل يوم أجله وساعته ولحظته، وأن كل آت لا محالة آت وإن طالت أيام غيابه وبعدت به الشقة والمسافة، فبعزم الانسان السودانى وصبره واجتهاده ومثابرته تطلعا لغد أجمل وأفضل ووصولا لوحدة لا ينفصم عراها تحقق هذا السلام؛ وانجلت تلك الأيام الحالكة السواد بين نواح و رصاص وقتل وتشريد ونزوح ولجوء وهروب فى كل الاتجاهات والطرقات والدروب بحثا عن الأمن والأمان. يوما كنا نرجوه وننتظره لتتأكد وتتنزل فيه المواثيق والعهود التى تم التوافق والتعهد عليها لتوقف هذا النزيف من جسد الوطن ليستقيم معافى وينطلق كالمارد إعمارا وتعميرا وفلاحة للأرض والزرع وتأسيسا لبنى تحتية تنطلق منها التنمية المرجوة لبلد يتنعم بالخيرات الوفيرة؛ ارضه كلها خيرات ويتمتع بموارد بشرية ذات طاقات وقدرات وخبرات عالية ساهمت فى تأسيس ونهضة العديد من الدول، واليوم جاء دورها لتبنى وتعمر هذه الأرض والأرض لنا.

غدا سيكون أحد أيام السودان التاريخية والتى لن تمحى من ذاكرة انسانه، غدا يوم حافل بالوعود والأمانى ليمسح كل الأحزان ويمحوها من الذاكرة ويسطر فيه الانسان السودانى تاريخ ميلاد جديد بوعى وفهم ورؤى جديدة؛ تتطلع للعلا وتتوحد فيه الخطى إرساء لدعائم وقواعد بلد ووطن يتساوى فيه الناس فى الحقوق والواجبات ووطن تحكمه الأسس والقوانين ويتحاكم اليها، ويتم حكمه وفقا لما تفرزه صناديق الاقتراع واختيار الناخبين فى سلاسة ووعى؛ وفهم أن الديمقراطية هى المرجع والمرتكز وغدا ليس ببعيد لتحقيق كل هذه التطلعات ففيه السلام الذى نرجو وننتظر.