عمر دفع الله
شملت رياح التغيير التي أتت بها ثورة ديسمبر المجيدة كل مؤسسات الدولة، وتفككت دولة التمكين لتحل محلها دولة القانون. لتعبر عن طموحات الشعب وآماله في هذا التغيير المنشود، ولكن ظل معهد العلوم القضائية والقانونية بمنأى عن هذا التغيير في صمت مريب من الجهات المسؤولة، وكأن مايحدث داخل اروقته من فساد إداري و مالي وتجاوز صريح للقوانين، يتم بمباركة هذه الاجهزة.
برزت قضية المعهد في مثل هذا الوقت من العام الماضي عندما ضجت الاسافير بفساد تعيينات قضاة خبرات لمخالفتهم شروط التعيين، فلم تشهد لهم خبره ولا مؤهل وإنما كانوا كحاشية الملك لعميد المعهد قاضي المحكمة العليا سوسن سعيد شندي التي حرصت كل الحرص على تعيينهم قضاة خبرات على نفقة المعهد مخاطبة رئيس القضاء الاسبق حيدر دفع الله ليوافق على هذا التعيين، وانتهت هذه الضجة بإنهاء عقوداتهم فقط دون محاسبة القائمين على هذا التجاوز.
لقد حظيت عميدة المعهد دوما بمكانة خاصة عند رئيسة القضاء جعلتها تتغاضى عن تجاوزاتها وتزيد من تمكينها في المعهد لتبطش بالموظفين الذين يعانون أقسى انواع الارهاب الوظيفي من تحقيقات ومجالس محاسبة وتنقلات إدارية وحرمانهم من حقوقهم المالية من حوافز وبدلات مستحقة ومصدقة من العام الماضي ، واقصائهم عن العمل لقرابة العام متحججة بالجائحة الأخيرة التي المت بالبلاد دون تطبيق نسبة ال٥٠ بالمئة بالتناوب والتبادل بين الموظفين كبقية المؤسسات الحكومية.
وعندما نظم العاملون بالمعهد وقفة احتجاجية أمام مباني السلطة القضائية في محاولة منهم لفت الانتباه لمطالبهم ووقف العبث الذي يحدث بالمعهد من فساد إداري ومالي والتحقيق في صندوق خدمات العاملين الذي يستقطع من رواتبهم بغرض التكافل الاجتماعي فقد قامت الإدارة المالية للمعهد وبدون تفويض من لجنة الصندوق بالتصرف في أمواله بدون اي وجه حق وفي بنود لا تخص العاملين
وكعادة رئيسة القضاء وبالرغم من تسلمها مذكرة تتلخص فيها مطالب العاملين وباعتبارها رئيس مجلس إدارة المعهد لم تحقق في صحة هذه الادعاءات ولم تلتفت لتنفيذ هذه المطالب، بل تفكر جديا في تمديد فترة عميد المعهد في منصبها في سعي الأخيرة بخطى حثيثة لفصل العاملين الذين نظموا الوقفة الاحتياجية وشاركوا بها بحجة تخفيض العمالة.
كل ماحدث ويحدث يضع السؤال الأهم، متى سيتم تطبيق العدالة في مؤسسات العدالة والتي يعد المعهد اهمها للدور الكبير الذي يلعبه في تأهيل وتطوير منسوبي الاجهزة العدلية من قضاة وشرطة ووكلاء نيابة ومستشارين بوزارة العدل ليضطلعوا بدورهم المأمول في تأسيس دولة القانون.