تقرير وفاق التجاني
مع تسارع الاحداث بالسودان سطى على السطح مجددا جدل تسليم الرئيس المعزول عمر البشير ورفقائه من المتورطين في جرائم حرب بإقليم دارفور، للمحكمة الجنائية الدولية.
ويتساءل الشارع السوداني عن جدية الحكومة السودانية في التعاون مع مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، بعد توقيع مذكرة تفاهم بين لاهاي والخرطوم، بغرض توضيح شكل التعاون وتسهيل المهام وتذليل كافة العقبات التي يمكن ان تواجه مهام وفد المحكمة.
ووصل وفد رفيع من المحكمة الجنائية الدولية الى الخرطوم في ثالث زيارة من نوعها منذ عزل البشير وذلك بغرض التوصل لصيغة لمحاكمة مجرمي حرب دارفور.
وأعربت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، عن استعداد وزارة الخارجية للعمل على تسهيل مهام الوفد، وفقا لبنود مذكرة التفاهم لتحقيق الاهداف المشتركة، هو تأكيد جديد من السلطة الإنتقالية على جديتها محاكمة المتورطين في جرائم ابادة جماعية وضد الانسانية بدارفور.
وتداولت وسائل اعلامية اخبار مفادها أن احمد هارون احد المطلوبين لدى الجنائية قد بادر بطلب للقضاء السوداني أن يمثل امام الجنائية.
وأصدرت المحكمة، في 2007 و2009 و2010 و2012، مذكرات اعتقال بحق كل من البشير، وعبد الرحيم حسين، وزير الدفاع الأسبق، وأحمد محمد هارون، أحد مساعدي البشير ووزير الداخلية الأسبق، وكوشيب، بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.
وأعتبر مهتمون بالشأن السياسي وقانونيون أن طلب احمد هارون فيه نوع من “الاستهزاء” والتحدي للقضاء السوداني وحكومة الثورة التي اسقطت زعيم الأسلاميين بالسودان ١١ ابريل 2019 على الرغم من اتفاق كافة الحركات الموقعة على اتفاقية السلام بضرورة تسليمهم.
مشيرين أن المذكرة التي تم التوقيع عليها في بدايات العام الحالي، لكن الحكومة الانتقالية في السودان لم تخطو خطوات جادة نحو العدالة ومحاسبة المتورطين في جرائم دارفور ولم تبدي النية كذلك في تسليم المتورطين وأن مثول احمد هارون ورفاقه كان هو المطلب الذي باتت حركات الكفاح المسلح تنادي به مرارا وتكرارا، وهو الشيء الذي يحدث على اي حال ولا رجعه منه.
وقال عبد الباسط الحاج والذي تحدث “لسلاميديا” ” المحكمة استشعرت خطورة الوضع في السودان في حال غياب العدالة وتباطؤ الحكومة السودانية في اجراءات المثول والتسليم، وبالإضافة إلى عرقلة الحكومة الانتقالية في فترة من الفترات بعدم السماح لوفود المحكمة وفريق المحققين لدخول السودان والوصول إلى مناطق ارتكاب الجرائم بهدف الكشف عن المزيد من الادلة، لذلك كان يجب أن يتم وضع إطار قانوني يلزم الحكومة الانتقالية للتعامل مع المحكمة وتسهيل دخول وفود مكتب المدعي العام و فريق المحققين و كل ما يتطلب تحقيق العدالة خاصة بعد تسليم على كوشيب نفسه طوعا أمام المحكمة”.
وتابع “بناء على ذلك الاتفاق إلتزمت الحكومة بتسهيل مهام فرق المحققين الفنيين و توفير الحماية و التعامل معهم في مجال الاختصاص و السماح لهم بالوصول الي السجلات المتعلقة بالحوادث الإجرامية المحددة و اعتقد ان هنالك المزيد من التعاون يجب أن يتم خاصة وان موعد الجلسة الإجرائية المحددة لتأكيد التهم على المشتبه كوشيب في نهاية الشهر الجاري.
كما سيكون هنالك المزيد من التعاون في الفترة القادمة لتعدد المشتبه بهم في قضية دارفور بما انهم لازالو هاربين من العدالة او لم تفصل الحكومة السودانية الي الان بشكل حاسم في أمر تسليمهم إلى لاهاي”.
وقال “فيما يتعلق بموقف احمد هارون فإن المشتبه به قد وصل إلى نتيجة مفاده انه من الأفضل أن يواجه مصيره المحتوم و يقف أمام العدالة ليبرء نفسه إذا قُدر له ذلك، وقضية دارفور من الجرائم الخطيرة التي تهدد السلم و الأمن الدوليين، مشيرا أن الحكومة السودانية لم تكن ولازالت غير راغبه و غير قادرة على محاسبة المجرمين على تلك الجرائم”.
وأكد أن هارون مسجون داخل السودان على ذمة بلاغات داخلية لم يتم الفصل فيها الي الان فبالتالي امر مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية في يد السلطات السودانية.
ووصى الحكومة الانتقالية في السودان ان لا تتماطل في أمر تسليم المجرمين وعليها ان تتخلص من هذا العبء وأن تفتح مساحة للعدالة الدولية وأن تتخذ مسارها بدلا من المماطلة و التسويف و ضياع الوقت في ظل انتظار الضحايا في دارفور التي تتلخص في محاسبة المجرمين و هذا الأمر متصل تمام الاتصال بإستراد كرامتهم و المهانة بفعل الممارسات المشينة التي ارتكبتها حكومة الإنقاذ في حقهم.
اما المحلل السياسي النور سعيد، قد وصف موقف هارون بالمتحدي للحكومة الانتقالية، بعد أن وافقت على تسليمه للجنائة.
وقال ” لسلاميديا” أن طلب هارون لا جدوى منه لانه عاجلا ام اجلا سيسلم للجنائية بحسب اتفاقية جوبا، وهي محاولة منه للطعن في القضاء السوداني.
وعلى الرغم من ان اهالي للضحايا لا يثقون كثيرا في الانتقالية في تتفيذ برتكولات الاتفاقية كاملة الا أنهم يراهنون في تنفيذ ملف المطلوبين للجنائية، لان معظم اطراف السلام اصبحوا الان ضمن الحكومة.
وأضاف “الحركات الموقعة كانت ابرز مطالبهم تسليم المتورطين وكذلك غير الموقعة، وهذه فرصة نادرة للحكومة الانتقالية لتكسبهم عبر تسليمهم للجنائية” وكذلك فرصة للمكون العسكري يثبتو أنهم غير منحازين للإسلاميين..
واندلع في الإقليم، عام 2003، نزاع مسلح بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
وتبذل الحكومة السودانية جهود مقدرة، لإحقاق السلام على ارض الواقع، بتقليل حدة الصراع بالاقليم بعد تعيين مني اركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان حاكما للإقليم، ومعالجو الآلام التاريخية بالاستجابة لمطالب النازحين، والتي من بينها مثول متهمي جرائم الحرب والابادة الجماعية لدى الجنائية.