نيالا سلاميدديا
تقرير عبدالرحمن ابراهيم عمر
تعد قضية الصراع حول الحواكير في دارفور من أخطر النزاعات المتجددة بالاقليم خاصة في الآونة الاخيرة، وما ان تحل مشكلة حتى تنفجر مرة أخرى و تاخذ منحنى اخر يدل على تطور شكل الصراع، لتدخل أطراف اخرى بشكل مباشر أو غير في دائرة الصراع .
الصراعات الأخيرة التي شهدتها مناطق “قصة انجمت” اواخر شهر أبريل الماضي هي واحدة من نماذج النزاعات الخفية حول الأرض، ويتضح ذلك جليا من خلال البيانات الصادرة من أطراف الأزمة بالمنطقة.
فمنطقة “قصة انجمت” الواقعة بمنطقة “البلال” بمحلية السلام في ولاية جنوب دارفور تسكنها اثنية “الفور” إلا أنها تقع تحت إدارة قبيلة الترجم التي تدعي ملكيتها للأرض كمان أن الفور يدعون ملكيتهم لها وباعتبارها واحدة من مناطق نفوذهم القديمة وهي رئاسة مقدومية القبيلة بالولاية.
واعتبر ادم ابراهيم احمد، أحد أعيان المنطقة ان ما يجري بمنطقة “قصة انجمت” إنكار واضح ومعتمد من قبل قيادات قبيلة الترجم على الحقوق التاريخية لقبيلة الفور.
وقال ” تصريحات ناظر الترجم محمد يعقوب التي أدلى بها لوسائل الإعلام حول ملكيته للارض بمجرد ان رأى بعض الحركات اختارت منطقة “قصة انجمت” كموقع لتجميع جنودها من أجل الترتيبات الأمنية بان المنطقة وما حولها الى حدود مدينة كأس تخص قبيلة الترجم فقط وليس هناك وجود لأي قبيلة أخرى وهذا يتنافي مع الحقيقة، والتصريح غير موفق و تسبب في الأحداث الاخيرة التي راح ضحيتها عدد من المواطنين وحرق عدد من القري .
وعزا ادم الصراع الأخير الى المشاحنات التي زرعها النظام البائد في عهده وبعد الحرب في دارفور التي أدت الى نزوح اعداد كبيرة من مناطقهم، تم إيفاد مجموعات أخرى وتوطينها في مناطق النازحين وما حدث بمنطقة “قصة انجمت” هو نتاج لذلك وعندما عاد مواطني المنطقة بعد الحرب وجدت مجموعات كبيرة من قبيلة الترجم تم إيفادهم من مناطق بغرب دارفور والحدود مع تشاد للسكن بمناطق “قصة انجمت” التي تعتبر رئاسة مقدومية الفور .
وقال “منذ عودة النازحين بالمنطقة ليس هناك اي انسجام بينهم والترجم وهناك تنافس كبير في مسالة الارض وظلت هذه المجموعة القبلية ساكنة بحكم ان تاريخ المنطقة معروفة إلى ان جاءت الحركة التي اتخذت منها موقعا لتجميع قواتها للترتيبات الامنية .
ونفى ادم اي علاقة للمواطنين بالحركات ولم يقدموا لهم الدعوة بل ان الحركة هي من اختارت المنطقة مثلها مثل الحركات الأخرى التي اختارت مناطق مختلفة لتجميع قواتها في دارفور وقال آدم ما يدعيه ناظر الترجم من حديث تجاه الحركة وعلاقتها بالمواطنين هي قوات مشتركة من كل الحركات ربما يكون هناك من أبناء الترجم بهذه القوات .
وابدى استغرابه في التحول المفاجئ لناظر الترجم وتغيير مواقفه تجاه إدارة المقدومية للمنطقة تاريخا، بيد انه عاد وقال ان النزاع الذي حدث بإقليم دارفور أدى الى اختلاط الحابل بالنابل.
وبحسب عباس الدومة وكيل ناظر الترجم أن ما يجري بالمنطقة هو من صنع المركز لانه حدد ان تكون ولاية جنوب دارفور هي ملك لثلاثة قبائل (الهبانية، البني هلبة،والتعايشة) التي لها الحق في تعيين الوالي منها وان ينالوا نصيب الأسد في الوزارات والمحليات وبقية مكونات الولاية ليس لهم ذات الحق.
وتابع اكثر من ذلك ان مناطق الترجم بها عدد من الخريجين والعلماء والكوادر لم يحظوا بتلك الدرجات بذلك هم متواجدين على طول الطريق ينظرون الى التنمية تذهب لمناطق حكام الولاية دون الآخرين، متسائلاً ” أليس هذا ما يولد الغبن ويؤدي إلى الاحتجاجات.
وذكر بان هناك ظلم وتهميش واقع على القبائل الصغيرة مثل ما يعتقد الاخرون انها صغيرة بغرض خلق الفتن بين مجموعات دارفور والمركز ضالع فيها بصورة كبيرة
تصفية قيادات أهلية
وتعرض الكثير من مناطق “قصة انجمت” وخاصة التي يسكنها الفور وفق قيادات وأعيان الفور الذين تحدثوا لـ(سلاميديا) ان المنطقة تعرضت إلى تصفية قياداتها من قبل حكومة النظام البائد وتم حرق ونهب وطرد جميع سكان القرى التابعة لدار المقدومية التي رئاستها منطقة النزاع ليتم ايفاد بعض المجموعات من الترجم لتوطينهم في المنطقة وقال المقدوم صلاح محمد الفضل رجال ان المبدأ العام من توزيع الأراضي من قبل السلطان وقتها الغرض منه الانتفاع للجميع وليس حكرا لمجموعة محددة.
وقال مافي قبيلة عندها حاكورة لوحدها ولكنها للجميع والتوزيع كان للقبائل وزعماء الدين والعلماء وفقا للأعراف والتقاليد السائدة بالمنطقة وقال الادعاءات التي يطلقها الكثيرون بملكيتهم للأرض يعود إلى طبيعة النفس البشرية الطماعة و التي ترغب في ان تحوز وتمتلك كل شي وقال كل الذين يدعون الآن ملكية حواكير او اراضي ليست لديهم وثائق وصكوك صادرة من السلطان وتحمل ختمه وهذه كلها ادعاءات دافعها الطمع و يعود لضعف الحكومة وعدم قدرتها لايقاف القبائل في حدودها المعروفة بين الحواكير لأن الحدود بين القبائل معروفة وتاريخ دارفور معروف للجميع.
ومنطقة “قصة انجمت” التى تبعد 35 كيلومترا غرب مدينة نيالا، تمثل رئاسة منطقة دار ديما التي تتبع لمقدومية الفور في السابق قبل ان تحول رئاسة المنطقة الى مدينة كأس من قبل المستعمر وقتها ومن ثم إلى مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور الحالية، وهي منطقة تقع في الشريط الغربي من نيالا قبالة وادى بلبل الواقع في طريق نيالا كاس زالنجي و تتمتع المنطقة بخصوبة أراضيها ووفرة المياه بها.
وفي المقابل تعتبر من اغني المناطق الرعوية و الزراعية بمناطق غرب نيالا حيث تمثل الزراعة و الرعي حرفتان أساسيتان بالمنطقة و تعتبر المورد الأول لتغذية مدينة نيالا بكافة المنتجات الحيوانية والخضروات. وعلى الرغم من مواردها إلا أنها تنقصها الكثير من الخدمات الأساسية للحياة من مرافق صحية وتعليمية
وتفشي الامية وسط كبار السن، والفقر بسبب الحروب، وتهميش المنطقة وعدم الاهتمام بها من قبل الحكومة خلال الـ(٣٠) عام كان مقصودا.