تقرير عبد الحميد هارون    

تتأهب ولاية شمال دارفور لإستقبال حاكمها الجديد الاستاذ نمر محمد عبدالرحمن في ظل تحديات جسام تواجه تنفيذ اتفاق سلام جوبا مع وجود تقاطعات سياسية وإجتماعية كبيرة.

وجد الكثير من الولاة الذين تعاقبوا على ولاية شمال دارفور صعوبة كبيرة في ادارة امر الولاية، كيف لا وهي عاصمة سلطان دارفور، كما ان انسان الولاية يطالب باستمرار بتقديم التنمية والخدمات، تحاول سلاميديا الوقوف على التحديات التي يمكن ان تواجه الوالي الجديد بعد أدائه القسم واليا لولاية شمال دارفور .

التحدي السياسي

يرى الباحث في دراسات السلام وفض النزاع  د.عباس التجاني أن هنالك تحديات تواجه الولاة الذين تم تعيينهم مؤخرا ومن بينهم والي ولاية شمال دارفور لكن هذه التحديات لا تنفصل عن التحديات التي تواجهها الفترة الإنتقالية في السودان، بإعتبار أن المشهد بشكل عام يشهد ضبابية وتعقيدات وعوامل عدة.                                                             

 و يضيف عباس بأن العامل الرئيسي هو الترهل السياسي داخل الحاضنة السياسية (الحرية والتغيير) على المستوى المركزي والولائي والذي بدوره ينعكس سلبا على اداء هذة الحكومات بجميع الولايات بما فيها شمال دارفور.                                                     

 كما يرى عضو سكرتارية تجمع المهنيين بولاية شمال دارفور، فيصل الطيب، بأن مكونات الحاضنة السياسية (الحرية والتغيير) لم تكن على ما يرام أو على ما عليها سابقا ويشير إلى أن قوى الثورة بالولاية تعاني تناقضات وهشاشة ويطالب الوالي الجديد بإطلاق مبادرة لتوحيد رؤى الحاضنة وتماسكها.                                            

بينما عضو تنسيقية لجان مقاومة الفاشر محمد عبد الرحمن من جانبه يذهب أبعد من ذلك ويقول  “كل الأجسام الثورية هنا في مدينة الفاشر تم تكسيرها وتهجينها من قبل الوالي السابق  (عربي)  قبل أن يتهمه علنا بشراء لجان المقاومة وتجمع المهنيين سواء كان بواسطة مبالغ مالية أو وظائف حكومية ،مما ساهم في تقليل فاعلية الحاضنة السياسية بالولاية بشكل عام”.        

من ناحية أخرى ينبه الدكتور عباس التجاني إلى تعقيدات تركيبة الحكومة الإقليمية نفسها، وذلك في أشارة إلي تغيير نظام الحكم وإعادته إلي نظام الحكم الإقليمي الفيدرالي، وكان د. عبد الله حمدوك قد أصدر قرارا في أوائل مايو المنصرم قضى بتعيين” رئيس حركة جيش تحرير السودان” مني مناوي حاكما لإقليم دارفور وذلك قبيل أعتماد نظام الحكم الإقليمي رسميا من قبل السلطة الانتقالية وتحديد اختصاصاته وصلاحياته وترسيم الحدود الجغرافية وفقاً للقانون.                                                                                  

وأشار عباس إلى أن هذا الوضع  يؤدي إلي خلق تقاطعات إدارية في اتخاذ القرارات بين حاكم الإقليم ووالي الولاية على المستوى الإداري والسياسي والأمني وبدوره سيفاقم المشهد.      

التحدي الأمني                                     

ينبه عضو سكرتارية تجمع المهنيين بولاية شمال دارفور فيصل الطيب إلى الاحتكاكات بين المزارعين والرعاة وهي واحدة من المشكلات الأمنية التي تلعب دورا سلبيا في تأجيج الصراعات بولاية شمال دارفور، بالتالي تفاديها مبكراً ربما يحد من نشوب الصراعات، وهذا لا يتأتى إلا باهتمام الحكومة الولائية بحماية الموسم الزراعي وترسيم المسارات وتحديد المراحيل.                                                                               

وكان مجلس السيادة قد أصدر قرارا يقضي بتشكيل قوة مشتركة من الجيش والشرطة والأمن (القوات النظامية) بالإضافة إلى قوات الدعم السريع وقوات الكفاح المسلح المندرجة تحت إتفاقية جوبا للسلام ، مهمة هذه القوات المشتركة هي إعادة هيبة الدولة وتحقيق استتباب الأمن والقضاء على ظاهرة التفلتات الأمنية بجميع مدن السودان.                                 

ويشكك عباس في حيادية هذه القوات وذلك في إشارة إلى الصراعات الأهلية التي اندلعت مؤخرا في مدينة الجنينة حاضرة  ولاية غرب دارفور، وهذا على خلفية اتهام القوات النظامية وقوات الدعم السريع بالانحياز إلى مجموعاتهم الإثنية في تلك الأحداث، ويحذر عباس من عدم تكرار التجربة وخاصة ولاية شمال دارفور التي تعاني من نزاعات تقليدية وخاصة المرتبطة بالموسم الزراعي و الناجمة عن الاحتكاكات مع الرعاة  وكذلك تفلتات بعض المجموعات شبه النظامية، هذا إلي جانب إنتشار السلاح و رؤوس الأموال المتحركة الآن في تجارة العربات الغير مقننة وظواهر سالبة أخرى مرتبطة بمجتمعات ما بعد النزاع من بينها الإدمان، كل هذه العوامل جديرة بتغذية الصراعات مجدداً وبطرق مختلفة من حين إلي آخر بولاية شمال دارفور.                                                                      

بنيوية الجبهة الثورية

  ويتهم بعض المراقبون الجبهة الثورية أو قوات الكفاح المسلح بأن بنيتها ذات طبيعة أثنية أو تكوين قبلي، وهذا بحد ذاته يعقد المشهد، ويشيروا إلى أن غالبية عضوية هذه الحركات على المستوى المحلي ومن بينها (موقعي سلام جوبا) منتمين لقبائل بعينها ،مما يسهم بدورها في تعقيد السلطة ( التنافس القبلي)  مما يفرز تمكين من نوع آخر بحسب المراقبين .           

  وعلى صعيد  متصل اتهم عضو تنسيقية لجان مقاومة الفاشر محمد عبد الرحمن، الوالي السابق بالضلوع في التمكين على المستوى الحزبي و المكون الاجتماعي الذي ينتمي إليه وذلك بتوظيف المئات في الخدمة المدنية ومؤسسات الحكومة من دون طرح هذه الوظائف عبر لجنة الاختيار للخدمة المدنية، ويطالب عبد الرحمن الوالي (نمر) بإعفاء جميع الطاقم الذي قام عربي بتعيينهم في مؤسسات الحكومة لضمان عدم انتقال الداء إلى الحكومة الجديدة.        

وفي سياق ذي صلة طالب حزب الأمة القومي بولاية شمال دارفور، في بيان نهاية الأسبوع المنصرم الوالي الجديد بالتحقيق في عدة ملفات متعلقة بفساد الوالي السابق من بينها توظيف (400) شخص.                                                                          

 وفي المجمل أن نجاح الوالي الجديد يتوقف على وضع حلول استراتيجية وخطط ناجعة للأزمات المزمنة التي ظل يكتوي بها مواطنو شمال دارفور، وذلك عن                   طريق توسيع دائرة المشاركة لكل مكونات الولاية السياسية والإجتماعية والمهنية والإستفادة من أوجه الضعف والسلبيات في الحكومة السابقة بالولاية، لدفع عجلة التغيير نحو تحقيق أهداف الثورة المنشودة.