الخرطوم سلاميديا

تقرير عبدالحميد هارون

في خطوة وصفها مراقبون بإنها مواصلة لسياسية الهروب إلي الأمام ، أصدر محمد حمدان دقلو (حميدتي) عضو مجلس السيادة السوداني قائد قوات الدعم السريع، قرارا بتشكيل قوة مشتركة تضم افرادا من قواته والجيش والحركات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن والمخابرات، لحسم الإنفلات الأمني وفرض هيبة الدولة في العاصمة الخرطوم وبقية المدن الأخرى.     

ويشمل القرار تحديد مهام واختصاصات القوات المشتركة، القوات والجهات المشاركة، ونص على أن تباشر القوات المشتركة المنشأة في العاصمة والولايات بموجب هذا القرار أعمالها فورا ،على أن ترفع تقارير أعمالها إلي اللجنة الوطنية.                                       

و وجد القرار إنتقادات واسعة في  الشارع السوداني ،حيث أعتبره البعض  خطرا على الأمن وفي نفس الوقت  تشكيك في دور الشرطة ومهنيتها، كما عد البعض القرار استباق وهروب من مطالب الشارع التي تنادي بضرورة تكوين جيش قومي.                                                      

وأكد الفريق زين سليمان مصطفي رئيس هيئة التوجيه والخدمات في وزارة الداخلية أن الشرطة السودانية تتمتع بمهنية وقدرة عالية على حفظ الأمن واداء مهامها المنصوص عليها وفقا للقانون، معتبرا أن أي  محاولة  تشكيك في قدرات ومهنية الشرطة تنطلق من أهداف وأغراض غير مدروسة، مضيفاً أن قدرة الشرطة على حفظ الأمن ليست محل تشكيك بدليل استعانة عدد من الدول العربية والأفريقية بخدماتها واسهامها الكبير في تأسيس الخدمات الشرطية الأكاديمية في بلدن عربية عدة.                                                                    

وفي منحى متصل شدد الخبير الإستراتيجي الأمني سامي نوري في تصريحات صحفية على ضرورة إبعاد أمن البلاد عن المزايدات السياسية وتركيز الأهتمام بدعم الشرطة ومساعدتها على اداء مهامها القانونية لحفظ أمن المدن والمناطق الحضرية.                                           

واشار نوري إلي أن قرار إسناد مهمة حفظ الأمن داخل المدن لقوة تشارك فيها قوات الدعم السريع والحركات المسلحة تهميش بل وصفه بالكارثة الكبيرة.                                                                  

ورأى نوري أن “أخطر ما في القرار الأخير هو إشراك قوات وميليشيات غير منضبطة، وليست لديها عقيدة مهنية ووطنية ولم تخضع للتدريب اللازم الذي يؤهلها لممارسة عمل الشرطة في أوساط المدنيين بالعاصمة والمدن الأخرى، وفقا للأسس القانونية والمهنية المطلوبة.                         

 بينما حمّل الحزب الشيوعي السوداني من جانبه الحكومة الانتقالية، مسؤولية أي انتهاكات قد تحدث لحقوق وحريات الشعب. وأكد أن الحق في التظاهر والاحتجاج، والحق في استخدام كافة أدوات ووسائل النضال السلمي لا نكوص عنه، ولا تراجع ولا ينتظر الموافقة من أحد، معلناً رفضه للقرار القاضي بتكوين قوة مشتركة لفرض الأمن في العاصمة والولايات.         

وطالب المكتب السياسي للحزب، في تصريح صحفي، الإثنين، السلطة الانتقالية بالشروع فوراً في إخلاء أي معتقلات خارج حراسات الشرطة، ومنع الأفراد والمجموعات من غير الذين يخولهم القانون سلطة القبض من ممارسة الأعمال التي وصفها بالإجرامية، وقال إن حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم من واجبات جهاز الشرطة، وهو جهاز مدني يتبع لمجلس الوزراء حسب وثيقة الانتقال والقانون القائم.                                

  فيما حذرت هيومن رايتس ووتش من خطوة تشكيل قوة أمنية مشتركة في السودان مهمتها ضمان سيادة القانون ومكافحة التهديدات الأمنية، معتبرة أنها مليئة بالمشاكل ولدى بعض مكوناتها سجل حقوقي سئ.             

واعتبرت “هيومن رايتس” أن تشكيل هذه القوة المشتركة بتفويض واسع لمكافحة التهديدات الأمنية “ليس له أي أساس قانوني لا بموجب الدستور، ولا بموجب اتفاقية جوبا للسلام  الموقعة في أكتوبر 2020، والتي أنهت الأعمال العدائية بين الحكومة والعديد من الجماعات المتمردة.            

وشددت المنظمة على أن “السودان لم يُظهر أي علامة على المضي قدما في إصلاح قطاع الأمن الذي تشتد الحاجة إليه”، مشيرة إلى أن “نشر قوات ذات السجلات الحقوقية السيئة، وغير المدربة وغير المجهزة لإجراء تحقيق سيادة القانون يخلق بيئة مهيأة للانتهاكات.                              

 وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، قد حذر من التشظي داخل مؤسسات البلاد العسكرية، واصفاً ذلك بأنه «أمر مقلق جداً»، داعياً إلى تضييق مساحة الخلافات السياسية بين المدنيين والعسكريين ،وجاء ذلك  في الموتمر الصحفي  الذي اطلق فيه مبادرة وطنية؛ للخروج من الأزمة السياسية التي وصفها بأنها تضع البلاد في مفترق طرق تستهدف وجودها؛ بحيث تكون أو لا تكون. وقال: إن كل ما تعانيه البلاد من أزمات يعد من مظاهرها الأزمة السياسية، مشيراً إلى أن الأزمة أعمق من ذلك بكثير.