بقلم : محمود الشين
لا شأن لي بالجنرال حميدتي كقائد لقوات الدعم السريع فتلك مؤسسة لها من يدافع عنها ويعرف طبيعة عملها. ولا بحميدتي الطموح الذي يسعى لتشكيل حاضنته السياسية الخاصة به أو بصدد أن يكون ضمن خارطة تحالفات جديدة في المستقبل المنظور . ولن اتحدث عن مجموعته العرقية فهي منظومة قائمة ولها طريقتها في التعبير عن ذاتها.. لا هذا ولا ذاك.
ما لفت انتباهي حقآ كلمات وردت على لسان حميدتي في خطاباته التي ألقاها في مناسبات مختلفة مثل قوله (الشلانقي ما خلى عميان) أو (المدارس ستفتح في الدرت) و(الناس ديل زي الدربان) ولا غيرها من المفردات التي أصبحت عند البعض غريبة بعض الشيء وسخرت منها فئة وادهشت فئة أخرى وسخرت بعض الجمهور المتلقي هنا وهناك.
إن حميدتي كسائر عرب دارفور الذين دخلوا لهذا الإقليم في وبعد القرن الخامس عشر عبر مداخل تشاد ، صحراء ليبيا وحتى البحر الأحمر ولهم في ذلك عاداتهم وتقاليدهم التي أضافت للسكان الأصليين ميزة نسبية ، فكان تحالف المفردة (دار + فور) وهذا لا يلغي وجود مجموعات أخرى لها عراقة ، حضارة وتاريخ.
حميدتي رجل سليقي يتحدث بسجيته بلا رتوش أو بالأحرى يتحدث بعقله الباطني ولا يداري مواقفه على طريقة السياسيين المحترفين حين يتحدثون بأكثر من عباءة سواء اعبروا عن احزابهم كاطر مؤسسية أو تواروا خلف كياناتهم القبلية أو عن آرائهم الشخصية. فمشكلة الرجل أن لسانه واحد ، حتى إذا ما سبب له المتاعب والأزمات.
ما كان لأحد أن يلتفت لعبارات حميدتي لو انه بقى هناك وديان دارفور وصحاريها ، لكنه تقلد منصب الرجل الثاني في المؤسسة السيادية الكبري ، ويبدو أن لشاغل تلك الوظيفة على مدى ستة عقود لغة ، زي ، منهج وطريقة عمل مغايرة للحكام الجدد في أرض النيلين.
يبدو أن حميدتي لم يخطط لهذا الظهور الباذخ بقدر ما هو نتائج لثورة ديسمبر التي أسست لعقد إجتماعي جديد توجه الثوار بصراحة داوية (كل البلد دارفور) ربما ذلك بالإضافة إلى تقاطع مصالح اللجنة الأمنية للرئيس المعزول قد دعته إن ينحاز إلى صفوف الثوار في مرحلة مفصلية لم يفسد ودها إلا إتهامات فض إعتصام القيادة الذي يجري التحقيق بشأنه مع مجموعة أطراف.
ما بين أقدار الثورة ولعنة المناطقية – يعش الجنرال حميدتي متاهة المفردة الثقافية في القاموس السياسي ، ولو انه متصالح مع خصوصيته الثقافية ومصر على تسويق المزيد من المنتج الفني والثقافي على طريقته.
إذا أردنا التعايش مع مفردات الجنرال حميدتي فإننا أمام ثلاثة خيارات لا رابع لها ، هي أن نسترجع نموذج حركة العام 1924م (اللواء الأبيض) أو هياكل سلطنة الفور التي إستوعبت التنوع في عهد السلطان على دينار أو أن نضخ الروح في جمهورية أعالي النفق على أيام الإعتصام بساحة القيادة ويومها إنتفت المناطقية وسمت سودانويتنا السمحاء بلا عقد أو مشكلات.