الخرطوم سلاميديا
بقلم: محمد بدوي
المراقب للمشهد السياسي بالسودان ولا سيما ما حدث بالأمس بقاعة الصداقة بالخرطوم من إعلان لتحالف جديد لقوي الحرية والتغيير ، ما راج عن رغبة بعض أعضاء المجلس السيادي تجميد إنعقاده عليه أن يتحسس ضمير الخطر الذي يحيق بالتغيير ، فالأمر ليس تجمع لأجسام ليست ذات ثقل جماهيري لكن بعضها محصن بنسب مشاركة بموجب إتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ الذي منح في سخاء القوي الموقعة و عددها ١٣ حركة منها ٣ ليست لها قوات مسلحة ،نسبة ٢٥ ٪ من مقاعد المجلس التشريعي أو البرلمان ، وهو ما سياتي خصما من جملة النسب المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية ٢٠١٩ لقوي اعلان الحرية و التغيير ٦٧٪ لتصبح ٥٥٪ و القوي الأخري ٣٣٪ لتصبح ٢٠٪ ومشاركتها مشروطة بموافقة الحرية والتغيير و المجلس السيادي .إذن هل ترغب الحركات التى شكلت تحالف الأمس أن تشارك في المجلس التشريعي بمدخل الوثيقة الدستورية و اتفاق سلام السودان ( جوبا ) ؟
هذا السيناريو يعني كل حركة ستشكل خصما بمقعدين من نسبة الحرية والتغيير فيصبح الحال ٦ مقاعد خصما لتكون ٥٢ ٪ هي نسبة الحرية والتغيير في البرلمان مقابل نسبتى ٢٠٪ للقوي الاخري التي لم تحدد هويتها و شروطها ، و ٢٨٪ للحركات كنسبة جديدة من نتاج سيناريو الأمس (٢٥+٣) ، سيناريو آخر مستند علي موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة مالك عقار و تجمع قوي التحرير بقيادة الطاهر حجر و المجلس الانتقالى بقيادة الدكتور الهادي ادريس من تحالف قاعة الصداقة قد ينتج منه العكس أي بان تصبح نسبة ال ٣٪ في موقف الحياد خارج السياق او تنحاز للمكون المدني فيصير الحال نسبة ٥٨٪ مقابل ( ٢٢+ ٢٠) اي ٤٢٪ إذن المحصلة تكشف عن ما هو أبعد مرتبطا بفلسفة الأغلبية و الأقلية في البرلمان بقدر ما هو السيطرة على الحالة عبر مجموعات اخري .
ما تناقلته الوسائل الاعلامية حول احتمال تعليق لجلسات المجلس السيادي من طرف واحد ليسوا المدنيين فهو مؤشر لتعطيل الجهود المرتبطة بمسالة الجيش القومي و التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة عبدالعزيز آدم الحلو ، و هي رسالة في الإتجاه المعاكس للدعم الدولي للمكون العسكرى عقب المحاولة الإنقلابية ، لكن يمكن توقع عودة قريبة عقب منح التحالف الجديد فرصة اسبوعين لهيكلة أجسامه ، ومن ثم تتم احالة كافة القضايا والقرارات والملفات في أدراج المجلس السيادي للمجلس التشريعي الذي يتم العمل عبر نصوص سلام السودان ٢٠٢٠ المدمجة في الوثيقة الدستورية دون معالجة النصوص التي جاءت معدلة للوثيقة واعطاء السمو للاتفاقات ففي إتفاق مسار دارفور جاء نص بانه في حالة التعارض بينها والوثيقة تعدل الوثيقة لصالح اتفاق مسار دارفور ، التعارض الاخر في مسار المنطقتين الذي أعطي إتفاق المنطقتين حق إزالة التعارض بين الوثيقة والاتفاق بإعمال نص اتفاق المنطقتين في تعديل آخر ، هذا الخلل الدستوري الذي نبه له الكثيرين ليس في مصلحة الوضع الدستوري بالبلاد لأنه يجعله رهين لتغليب التحالفات و قد يقود الي تكوين حاضنة جديدة تتمتع بقدرة المناورة الدستورية في مساحة القرارات التي تحتاج الي اكتر من الاغلبية البسيطة حيث قد ينتج من ذلك تعطيل و تسويف لكافة القرارات بما قد يجعل الحالة ترتفع الي صراع مرتبط بالنصوص التشريعية و تحولها الي صراعات داخل قبة البرلمان قد تمنح منعطفاتها الفرصة بإعلان حالة الطواري و تجميد الصلاحيات .
الاخطر هو انه قد ينتج عنه دستور لا يتسق و فلسفة التغيير الحقيقي في البلاد.
التعهدات الإعلامية للمكون العسكري بالالتزام للقوى الدولية بتعزيز المرحلة الي الانتخابات لا تنفي أحتمال اللجوء للسيطرة على البرلمان الذي تدفع حسابات التراخي بان يتم الدفع بعض من جأروا بالاقصاء من القوي الموقعة علي إتفاق السلام نحو الإقتراب من رئاسته ، فالحال يختلط فيه الحابل بالنابل. هذا مع سيطرة السيناريوهات المعيقة التي قد تهدر فترة انعقاداته بالمحن على غرار ما مضي من عمر الفترة الانتقالية .
المخرج من التعنت الراهن رهين بتوحد الكتلة المدنية بالمجلس السيادي وهي الغالبة و الاقدام على خطوة تاريخية بالإنعقاد و دعوة أعضاء المجلس السيادي لإجتماع قادم للسير في أعمال المجلس ، و المحصلة في كل الأحوال إيجابية تصب في الحفاظ علي مسار الفترة الإنتقالية وهي مسنودة بالشارع المنحاز للتغيير و جهود الدول و المؤسسات الداعمة لتنفيذ الالتزمات بالوثيقة الدستورية .