بقلم : محمد بدوي

المقدمة

في البدء لابد من الإشارة إلى ان الورقة ( كتبت فى مايو 2021) وإستندت على جهد وزارة الثقافة و الإعلام السودانية  ( قبل إنقلاب اكتوبر2021 التى طرحت آنذاك  مسودات لقوانين الصحافة والمطبوعات والبث التلفزيوني  ومسودة الحق فى الحصول  على المعلومات 2021 للنقاش وابداء الآراء حولها، في ظل غياب المؤسسة التشريعية البرلمان  الذي كان بالضرورة بحكم تفويضه أن يقوم بالدور الرئيسي والهام في ترسيم الإصلاح القانوني في شمول يتسق و إعادة الإصلاح المؤسسي ، بالإضافة إلى تغييب المحكمة الدستورية هذا الغياب لمؤسسات تعبر عن إكتمال شكل الدولة و تشكل رقابة على الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية ، القضائية و التنفيذية ، يشكل خصماً على نهج الإصلاح القانوني من عدة نواحي حيث يحيل سلطات البرلمان إلى المجلسين السيادي و التنفيذي أي تفويض جهد 300 مقعد من البرلمان إلى حوالى 30 مقعد سيادي و تنفيذي مع واقع  الاختلاف النوعي و الكمي  الناتج عن  الخلفيات المهنية  والفئوية التي يوفرها البرلمان  مقابل رؤى سياسية جاء بعضها نتيجة الشراكة المدنية العسكرية و مشاركة الحركات المسلحة وكتل أخرى بموجب اتفاق سلام السودان 2020 .

 تأثر بنية المحكمة الدستورية السودانية في العهد السياسي السابق بالنفوذ  المرتبط بالتدخل السياسي في صناعة الدساتير و التسوية التي طالتها بموجب اقتسام سياسي مقاعدها على خلفية اتفاق السلام الشامل 2005 ، امتد الأثر في غياب دستورية القوانين في ارتباطها بما نص عليه دستور العام 2005 من التزام الدولة بالالتزامات و الاتفاقيات الإقليمية  و بنيتها المستندة على دستور 1998 الذي عرف سياسياً ب” دستور التوالي ” ، الأمر الذي يقود الراهن الإنتقالي إلي مواجهة بنية قوانيين مصدرها دستور التوالي ذو المرجعية الإيدلوجية و الأهداف المرتبط بالنهج السياسى للنظام السابق ، والتي يمكن تلخيصه في العداء لسيادة حكم القانون ، في صيغة إقصاء القانون من التنظيم إلى توظيفه للتجريم السياسي مع إتساع نطاق العقوبات القاسية و الحاطة للكرامة و السالبة للحرية في تعارض مع دور القانون والإصلاح .باختبار ذلك في مجال حرية التعبير نجد أن القوانيين المنظمة له والتي شرعت في العهد السابق كقانون جرائم المعلوماتية 2007 و قانون الصحافة والمطبوعات شكلا نموذجين لذلك ،  لكسر أطواق الأيدلوجيا التى سورت  تجرية التشريعات الوطنية لابد من الإستفادة القصوى من الفترة الإنتقالية فى عملية إصلاح شاملة  للمؤسسات ، التشريعات و رفع الوعى المعرفي للعاملين  بالمعاهدات الدولية و ثقافة حقوق الإنسان لمعالجة الإحلال لثقافة الفساد  الذي خلفه سياسات النظام السابق، هاهو الحال يدفع نحو ميلاد نقابة للصحفيين  الامر الذى شجع على نشر الورقة بعد أن قطع الإنقلاب على مقترحات المسودات ان تحظى بالنقاش و الخروج الى الواقع قوانيين

1-    الإطار القانوني للمنهج

بالنظر إلى المسودات المطروحة للتداول من الصحافة و المطبوعات والبث التلفزيوني  وقانون الوصول للمعلومات 2021، فقد جاءت تقتفي أثر نهج ممارسة النظام السابق  الذي ظل يفصل بين القطاعات المرتبطة بطبيعة مشتركة في الحقوق ليسهل عليها السيطرة السياسية وتنفيذ أفعال التجريم الممارسات المرتبطة بالحقوق للتضييق على ممارستها سواء في الفضاء العام أو الرقمي  بالإضافة إلى عدم رغبتها فى إتساع نطاق التمتع بالحقوق لكافة القطاعات المشتركة المشمولة بالحماية ، وهذا ما يفسر طرح ثلاثة مسودات دون النظر إلى الطبيعة المشتركة ، فالرجوع إلى مسودة قانون الصحافة والمطبوعات فإلى جانب الوثيقة الدستورية فقد نصت إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرية التعبير, وعدد من البروتوكولات بحماية الصحفيين  كإطار للالتزامات، بالنظر إلى حرية التعبير سنجد أنها لا تقتصر على الصحافة الورقية  والمطبوعات فقط بل تشمل  الصحافة الإلكترونية حيث يجدر الإنتباه إلى أن الإصلاح لا يعني نسخ أو التقيد بالإطار الذي اتبعه النظام السابق في الفصل  بين القطاعات بتشريعات مختلفة، ولعل عملية الإصلاح لابد لها من نهج إستراتيجي يجعل من مسالة حرية التعبير تقرأ في صورتها الكبيرة المرتبطة بمفهوم الإعلام  التشريعات والمرتبطة بمفهوم الإعلام، الفصل الإداري بين القطاعات قد يكون مفهوم بقصد التنظيم الإداري، لنجد أن ممارسة حرية التعبير المحمية بالتشريع الوطني الوثيقة الدستورية 2019،والمعاهدات والبروتوكولات تقود إلى مسودة قانون الإعلام 2021 التي يجدر أن تأتي لتنظيم الصحافة بشقيها الورقي و الإلكتروني ( وهنا يتخطى الأمر الصحف الإلكترونية إلى الأشكال الاخري بما تشمل  المواقع الالكترونية) والمطبوعات، البث الرقمي الذي لا يقتصر على التلفزيوني والإذاعي المرتبط بهيئات حكومية قومية إلى أشكال أخرى صارت متاحة وشائعة اختبرت قدرتها ومساهمتها في سياقات المساهمة الايجابية سواء في البث المرتبط بقضايا متخصصة أو رفع الوعي أو غيرها، التمتع بممارسة حرية التعبير تدفع إلى  الحق في الحصول على المعلومات والحق في الحصول على الإنترنت بما يتطلب الدفع بتشريع أو إدراجه بعد  تعديل قانون جرائم المعلوماتية 2007 الذي يتطلب الكثير من النظر من عنوانه الذي قد يبدو غير متسق لغوياً حيث أن القانون يعمل على مكافحة الأفعال التي تشكل جرائم ، هذا بالإضافة إلى نصوصه ولا سيما التي تمثل تكرار في القانون الجنائي السوداني 1991 مثل اشانة السمعة حيث أن إحكام الضبط قد يشمل الفعل سواء بالنشر الورقي أو الالكتروني بما يقلل تعدد الإختصاص والخضوع  لأكثر من تجريم في فعل واحد تعددت وسائل نشره ،إرتباط الأمر بتحقق العدالة وتكلفة اقتصادها يدعو لتعزيز من شمول النظر والتفكير في تشريعات حرية التعبير في وثيقة قانونية تحت مسودة قانون الإعلام لنمضي نحو بناء قانونى ونقابي وإداري  فاعلين .

2-    : الإصلاح تحت نهج الإطار القانوني

استناد عملية الإصلاح تحت مفهوم الإعلام تعززه التطورات حيث أن مسودة  قانون الصحافة والمطبوعات تشمل الصحف والمطبوعات الورقية فقط ، بينما أن الممارسة دلت على أن الصحف تنشر ورقيا والكترونيا، وان  المخطوطات صارت تصدر في شكل المطبوعات ورقية والكترونية نسخ PDF و مسموعة كصوت ، و تحوي ذات المواقع الصحفية على سبيل المثال قنوات لبث الفيديوهات أو الصوت ، بما جعلها تضيف ميزة البث الرقمي، تعتمد على الحصول أو توفر  الإنترنت والمعلومات بما يجعل جميع الحقوق المرتبة تظهر في نشاط واحد بدأ ورقياً أو الكترونياً ،هذا يحيل إلى أن أهداف مسودات القوانين المطروحة وغيرها فى نطاق الحالة تتحول إلى علاقة تكامل حيث يمكن الإشارة إلي أنها يمكن أن تقرأ في تحول الصحف  فعليا إلى مؤسسات اعلامية بحكم الواقع رغم الترخيص كصحف ، بما يدفع إلي تعزيز الحالة بالدفع نحو مؤسسات إعلامية يمكنها ممارسة كل أو بعض الانشطة المرتبطة بحرية التعبير المرتبطة بمفهوم الإعلام ( صحف ومطبوعات ورقية والكترونية وبث رقمي  ……) ، في السياق المرتبط بالمواءمة  ، يجدر الإنتباه إلى  استجابة المسودات  للتطورات  المرتبطة  بشروط الاستخدام المنصوص عليها في المواقع ونوافذ النشر للاستفادة منها بما يتسق والتزامات السودان والوثيقة الدستورية 2019 حيث يجرم حجب أو الوصول إلى المواقع أو الصحف دون أمر قضائي ،  وتعزيز الحماية الايجابية في نص يجرم الصدور أو  النشر أو البث لمواد تمييز على أساس ديني أو جغرافي أو عرقي وثقافي أو صدور أو نشر أو بث يتعارض مع مفهوم المواطنة وفقا للوثيقة الدستورية أو يحط من التنوع بالدولة.

3-    أهداف مسودات أو مسودة القانون /  القوانين :-

  • تعزيز ممارسة حرية التعبير ( وفق التخصص ) وفقاً للدستور والالتزامات الإقليمية والدولية .
  • سيادة أحكام القضاء علي الأفعال المرتبطة  بنشاط الاعلاميين / المؤسسات الاعلامية  ( لا حاجة للنص على غياب الرقابة في ظل وجود 1 و2 ).
  • ممارسة فاعلة لحرية التعبير بما يعزز المساهمة الايجابية في الفترة الإنتقالية .

4-    الحماية  و أشكالها :

  • الحماية القانونية للإعلاميين عبر الحصانات الشكلية التي توجب إذن النقابة في حالة القبض من قبل سلطة مختصة
  • الحماية المرتبطة بالغير : تشمل الحماية القانونية للمصادر ، وحقوق الغير المرتبطة
  • الحماية من المخاطر مع تعزيز حرية الحركة دون الحاجة لإذن مسبق 

5-    : الدور النقابي

الفصل بين الدور النقابي و إخراجه من ثوب مجلس الصحافة السابق إلى نقابة الإعلاميين  على إمكانية أن تكون هنالك تصنيفات فرعية للقطاعات ،  صحفيين …. على النحو المقترح التالي :

  • الحق في منح الترخيص المؤقت والدائم هذه النقطة تنقل إلى تعريف الصحفي و الاعلامي تحت سند قيد النقابة
  • بالإضافة إلى ذلك قيام النقابة بشؤون منح الصفة
  • ميثاق الشرف ورعايته وصياغته وغيرها من صميم اختصاص النقابة الاختياري وهو يخرج مسالة شرف المهنة التي لم يتم التوافق عليه بعد أو الذي قد ينتج مسعود بنفوذ سياسي كما تم في ٢٠١٨ من صلب مقترح القانون وقوته إلى الارادة الأخلاقية وليست القانونية لأنه يصعب قياس الجزاء المترتب و لا سيما أن هنالك أفعال ينظمها القانون و اخري القاضي فيها ضمير الجماعة و المجتمع وإلا نكون قد أسقطنا فكرة التجريم والإباحة على خلفية من السلوك و الالتزامات لم تحدد بعد أو قد تأتي معارضة لروح القانون او القوانين  المقترحة.

6-    : مجلس الصحافة أم مجلس الإعلام

هنا يمكن النظر إلى تكوين مجلس الإعلام بدلا من مجلس الصحافة والمطبوعات  بمهام فنية تنحصر فى :

  • تنظيم امتحان مزاولة المهن المرتبطة بالقطاعات ان كانت هنالك حوجة
  • ممارسة اختصاصات تحديد عدد صفحات الحد الأدنى الصحف مع ملاحظة ان الصدور في ٨ صفحات لا تتناسب وفكرة التطوير المرتبطة بالمؤسسات الصحفية و راكمت الفترة السابقة لأسباب عديدة أثرت سلبا منها القيود الجمركية علي المدخلات و غيرها وكلها كانت تصب في انهاك الصحف و ابقاءها في إصدارات من عدد محدود من الصفحات قد لا تتناسب ومساهمة الصحافة و الإعلام في المرحلة الراهنة
  • اضف الى ذلك قد تتمتع الإدارة الجديدة بممارسة الرقابة على بيئة العمل التي تشمل الصحافة الرقمية ايضا من كل ناحية بما يمكن اعطائها سلطات التفتيش الاداري الى جانب إشرافها على الأمور الفنية المتعلقة بالحد الادني للعاملين في الصحيفة أو المؤسسة و الشروط الفنية الأخرى ذات الصلة

7-    : إدارة  الإعلام  بوزارة  الثقافة والإعلام

إداريا التطوير الفني و تعزيز سيادة حكم القانون على قطاع الإعلام :-

  • ضمان ومراقبة الوصول للأنترنت
  • لتولي بقية اختصاصات كانت للمجلس الصحافة والمطبوعات أو مستحدثة وفقا للحوجة طالما ان الوزارة هي المظلة الرئيسية وهذا يجعل القرارات الصادرة من الإدارة  قابلة للطعن الإداري لدى المحكمة الإدارية و هذه النقطة تنقل المؤسسة الصحفية و الصحيفة والمؤسسة الاعلامية الي مظلة الإدارة  المقترحة تحت ولاية الوزارة و تبعد تعقيد العلاقة بين تبعية المجلس الى مجلس الوزراء كما أن كان المجلس بذات الطبيعة في قانون ٢٠٠٩ و تحويلها إلى  مسودة القانون أو القوانين  الجديدة
  • إسناد وظيفة المفوض الواردة في مسودة قانون الوصول إلى المعلومات إلى إدارة  الإعلام وإحالة سلطاته إليها