بقلم: محمد بدوي
فى البدء لابد من الإشادة بالتعميم الصحفي للجنة التحقيق فى إختفاء الأشخاص الصادر ١٩سبتمبر ٢٠٢٢، و الذى جاء على خلفية إدراج اللجنة كعضو مراقب فى لجنة دفن الجثث بالمشارح فى نطاق ولاية الخرطوم، والذى كشف عن موقف لجنة التحقيق من اللجنة، وما ذهب إليه من التعارض بين تفويضها ولجنة دفن الجثامين، إضافة إلى حجتها القانونية القوية التى ساقتها فى تكوين اللجنة التى يواجه عدد من إعضاءها إجراءات قانونية أمام اللجنة على علاقة بذات الجثامين التى يهدف تشكيل اللجنة إلى تفريغ المشارح منها، من ناحية تانية تأثير الدفن على مسار عمل اللجنة وتحقيق العدالة، إضافة إلى أسانيد للدفن لعدد من الجثامين دون استيفاء إجراءات التعرف، على خلفية قرار صدر من النائب العام المكلف السابق مولانا مبارك، والتحديات التى ظهرت متمثلة أن الازمة ليست فى تحديد برتوكول الدفن بل الجهات والكيفية التى تتعامل مع تطبيق البرتوكول، ذهب التعميم إلى التحديات التى واجهتها من عدم التعاون، والعقبات التى أعاقت فريق الأنثروبولوجي والطب الشرعي الارجنتيني من انهاء مهامه أثناء زيارته للسودان لمعاونة تقنية للجنة التحقيق، وثم القرارات التى صدرت بتكليف جهات آخرى بأعمال من صميم إختصاص لجنة التحقيق، ثم افاضت اللجنة حول موقفها الداعم لدفن الجثامين لكن باستيفاء الطرق العلمية التى تساعد على حفظ كرامة الجثث وحقوق أسرهم فى التعرف ومساندة تفويض اللجنة بما يفضى إلى تحقيق يساهم فى تعزيز تحقيق اهدافها المرتبطة بالعدالة، إحاطة اللجنة بأن الجانب الفني المرتبط بالطب الشرعي يجدر أن يتكامل بالآخر القانوني لتكتمل عملية إفراغ المشارح بولاية الخرطوم بمنهج وطريقة لا تبرر المصلحة العامة مقابل إهدار الحقوق والعدالة، ولا سيما أن هنالك إقرارات قضائية مرتبطة بانتهاكات التعامل غير القانوني فى الأعضاء البشرية لبعض الجثث مجهولة الهوية المتواجدة داخل مشارح ولاية الخرطوم، يمكن تلخيص التعميم في.
لجنة دفن الجثث تشكل إعاقة لعمل لجنة التحقيق، فى صيغة ينتج عنها انعدام سبل الوصول إلى العدالة، وهو بعض الدفع الذى اعتمدت عليه مجلس الأمن الدولي فى إحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية والمتمثل فى أن النظام القانوني غير راغب وغير قادر فى تحقيق العدالة، مع الإختلاف بأن عنصر الرغبة هنا متوفر لدى لجنة التحقيق التى أنجزت الكثير و عملت على حل عنصر عدم القدرة بالإستعانة بالفريق الأرجنتيني، إذن جهود تذليل عنصري الرغبة والقدرة تواجه عقبات لكن تعتبره عقبات بما قد تجد سندا للوقوع تحت توصيف ” إعاقة النظام الوطنى فى جهد تحقيق العدالة”.
التعميم الصحفى للجنة التحقيق فى احترافيته أستطاع ان ينهض مستند رسمي صادر من لجنة تتمتع بصلاحيات تحت قانون الإجراءات الجنائية السودانى١٩٩١ وقانون النائب العام ٢٠١٧، إضافة إلى كونه حمل قوة قانونية كشفت لكافة الأطراف بما فى ذلك الجهه التى شكلت لجنة الدفن واعضاءها عن النتيجة الراجحة للدفن وإعاقة تحقيق العدالة فى قضايا إختفاء الأشخاص فى حادثة ٣ يونيو٢٠١٩ “الاعتداء على اعتصام القيادة السلمي” والحالات اللاحقة عقب ذلك، وتعارض عمل لجنة الدفن مع إختصاص اللجنة فى تفصيل استند على وقائع كشفت إلى جانب ذلك عن ادعاءات بانتهاكات أخري تعطل التحقيق فى بعضها لأسباب لم يكشف عنها، وهذا يقود مرة ثانية إلى سؤال النزاهة والاستقلالية.
ما كشفه تقرير الفريق الطبي الارجنتيني المشار إليه فى التعميم عن تقييم قطاع الطب العدلي السودانى يحمل قوة قانونية ايضا لكونه صدر من فريق دولي محترف زار السودان بناء على طلب رسمي عبر السلطات لذات الغرض.
ما اشرنا اليه اعلاه وفى حال بدء لجنة الدفن أي انشطة فإنه يعطى لجنة التحقيق الحق فى ممارسة سلطاتها والتحري مع الجهات المشاركة او التى على صلة على سند قانوني يدفع بالمسئولية الجنائية والمدنية معا، سواء من أصحاب المصلحة المباشرة والمصلحة العامة، لكن رغم ذلك قد تبقي تعقيدات تاريخية مرتبطة بحرمان أسر وذوي المفقودين التعرف عليهم أو اعاقة التعرف على مصيرهم لأي سبب الراجح منها ما يتعلق بسؤال البرتكولات المشار اليه ( من وكيف)؟
ساندت عده جهات مدنية بما شمل نقابة الصحفيين السودانيين ما حمله التعميم ولا سيما أن لجنة الدفن حددت بدء عملها اليوم ٢٥ اغسطس٢٠٢٢ لبدء عملها فأن سارت فى الامر سيمثل هذا التاريخ بدء دخول قضية الإختفاء القسري وإدعاءات التعامل فى الأعضاء البشرية مرحلة مختلفة إنسانيا وقانونيا.
اخيرا: إصلاح قطاع العدل الطبي سينعكس على تحقيق العدالة الذى يمثل احد الأجندة المهمة فى مسار التغيير، وهنا يثور سؤال عن الاثر الإيجابي لو هيأ الحال للفريق الطبي الأرجنتيني لأكمال مهمته فى يوليو٢٠٢١؟ الاجابة فى أحد جوانبها أنه من الراجح أن يعين نتاج ذلك الكثير من لجان التحقيقات فى إكمال أعمالها، فعلى سبيل المثال لا الحصر هاهو رئيس لجنة التحقيق قضية إعدام ال(٢٨) ضابطا فى ١٩٩١أصدر فى ١٤ سبتمبر ٢٠٢٢ امرا بإطلاق سراح مشروط للمتهمين بعد أن واجه رفض القاضى تجديد حبسهم لتطاوله.