بقلم : محمد بدوي
شهد الاسبوع الاول من سبتمبر ٢٠٢٢ نشر على الوسائط الإعلامية لمستند حمل عنوان / مسودة الدستور الانتقالي ٢٠٢٢ مع إضافة مرجعية المسودة بصدورها من اللجنة التسيرية المحاميين السودانيين، ثم عقب ذلك بحوالي الأسبوع نشرت نسخة آخري حملت ختم نقابة المحاميين السودانيين مضاف اليها عبارة” نسخة معتمدة”، لا أود في هذا الحيز مناقشة المحتوي لفعل ذلك سابقا تحت عنوان ” قراءة لمسودة دستور اللجنة التسيرية المحاميين السودانيين ٢٠٢٢” حملت تعليقات في “١٣” فقرة .
يهتم هذا المقال بالنظر إلي الجدل الذي يسود وسائل الإعلام بما فيها التواصل الاجتماعي حول الجهة التي أعدت المسودة، هل هي اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين السودانيين أم جهات آخري وماهي؟ قبل الاستفاضة حول الأمر أود التعرض لعملية صناعة أو صياغة الدساتير الخاصة بالدول التي خرجت من نزاعات وتمثل في
1- انتخاب لجنة لوضع/ صياغة الدستور
2- في حالة تعذر تحقيق الشرط الأول يتم اختيار شفاف للجنة تطلع بالمهمة .
لعل القصد هو تحقيق الشفافية التي تمهد للوصول لمسودة تتناسب وتعزيز الحالة ولا سيما أن دول ما بعد النزاعات يحتشد واقعها بقضايا متعددة تتطلب أطر دستورية تساعد للخروج من مرحلة الطوارئ إلى الاستقرار سواء خلال فترة انتقالية أو فترة بناء تسبق مرحلة الاستدامة التي في الغالب تشهد حالة تداول سلمي للسلطة ” انتخابات” .
طريقة اختيار الجنة المكلفة بالدستور تعبيرعن ممارسة المشاركة والشفافية معا، لأهميتها كخطوة أولي في نجاح تحول المسودة إلى دستور والمشاركة والشفافية تساهمان في تحقيق التزام بما تم الوصول إليه، ويجب أن يتم ممارستهما بشكل ممنهج بما يشمل القدر الموضوعي عن خلفيات ومؤهلات من يسند إليهم العمل بغية في اقتران الانجاز بالاحترافية .
التزام الشفافية يعين إيجابا في فتح المجال لمبدا المشاركة عبر استصحاب والاستفادة من المساهمات بالمكتبة الوطنية سواء جاءت كجهد فردي أو مؤسسي ولا سيما أن الواقع السوداني ذاخر بالعديد منها في سياق جهد ظل دؤوبا خلال فترة ما قبل سقوط نظام المؤتمر الوطني المحلول.
بالرغم من أن المسودة صدرت تحت مظلة اللجنة التسيرية المحاميين إلا أن بعض وسائل الإعلام كشفت عن تصريحات للبعض أعضاء اللجنة التنفيذية التسيرية نفت علمها بالعلاقة بينها والمسودة وهو ما يضعها ابتداء أمام سؤال الشفافية في عدة مستويات أمام بعض عضويتها داخل التنفيذية، وكذلك في مواجهة عضويتها من المحاميين الذين ينوب عنهم وكلاء للتنفيذية في ولايات السودانية المختلفة، ليس الأمر بالعسير لأن تبني اللجنة التسيرية لأية قرارات يسهل الرجوع إليها عبر مضابط اجتماعاتها، مع ذلك ظل هنالك صمت يصعب تفسيره مهنيا حول الأمر من قبل اللجنة التنفيذية للتسيرية .
في السياق المهني والطبيعي البديهي هو أن تستفيد التسيرية من جهد عضويتها مقرونة بخلفياتهم المهنية في أية مبادرة حول صياغة مسودة دستورية وهو حق ينهض من تبنيها واقتران اسمها به، وذلك يعزز ممارسة الحق في المشاركة، ولا يتطلب الأمر سوي الاعلان عن الأمر عبر قنواتها الرسمية التي تتمثل في وكلائها بالولايات وموقعها الإلكتروني المنصة الرسمية، مع بيان أو تصريح صحفي العامة داخليا وخارجيا حول ما تود الإقدام ، لكن غاب ذلك في كل المراحل غيب دون سبب ظاهر الشفافية و ما ترتب عليه من الحرمان من المشاركة والحق في الحصول على المعلومات للمحاميين حول أمر هام في السياق الانتقالي و أجندة القضايا الوطنية والإطار الفلسفي المرتبط بفكرة السيادة.
مرة آخري يمكن القول بأن غياب الشفافية غيب “العلم العام ” الجمهور من معرفة المعلومات الرئيسية بطريقة رسمية من قبل التسيرية فتح الباب أمام الجدل حول الجهات التي وضعت المسودة سواء الصياغة أو الدور الاستشاري، في ظل صمت متواصل، بما دفع إلى تصريحات من بعض من شاركوا في المسودة سواء الصياغة أو الدور الاستشاري للتصريحات والكشف ن مشاركاتهم، من حيث التوقيت جاءت التصريحات كردود على تصريحات أخري أشارت إلى صياغة المسودة من قبل جهات ومؤسسات أجنبية، فحوي أغلبها حمل تأكيد مشاركة سودانيين/أت في المسودة، استنكر تقليل الجهد الوطني، دون التعرض إلى كيف تم الاختيار للجنة التي انجزت المسودة بل أكثر من ذلك ماذا تم عقب ذلك من تعديلات وما هو منهجها.
من ناحية ثانية لا اجد ما يمنع من مشاركة جهات أجنبية في الأمر فقد ساهم فقهاء قانونيون سودانيون في مسودات دساتير على مستوي القرن الإفريقي على الأقل لكن هذا ليس مربط الفرس، فالتعرض للأمر جاء مرتبط بالسياسي وليس قدحا في من شاركوا في المسودة لسبب بسيط وهو غياب أعلانا رسمي عن من هم سواء كجهات أو اسماء ؟
يظل الأمر برمته مرتبط بالسياق السياسي المرتبط بالتحالفات أو الكتل السياسية ومواقفها من طرق أسقاط انقلاب ٢٥ اكتوبر وللتدليل على ذلك ما كشفته وسائل الإعلام عن وصول المسودة منضدة التفاوض السياسي بين بعض المكونات السياسية والعسكرية في السلطة هذا اذا اصطحبنا أن التفاوض محاط بمسهلين من هيئات دولية ودول لوضع التصريح حول الجهات الأجنبية في سياق إعرابه ولكفي عناء وصم التصريحات بأوصاف مجافية للحقيقة ” الكذب”، حيث يصعب الفصل بين مبادرة المسودة والمبادرات السياسية في مقصد النهايات، يظل ” مربط العجيل ” رهين بالنظر للصورة الكلية ومحركها من دور اللجنة التسيرية، وعلاقة ذلك بالحرمان من الكشف عن المعلومات ثم ما ترتب على ذلك في تقديري فإن لم تكن شفاف وتلتزم الصمت عن الحاجة إلى إبانه، فليس من اليسير وصم الآخر بمجافاة الحقيقية التي تمتلك دون سواك المعلومات الخاصة بها .
ختاما : الأمر ليس معركة شخصية فالحق في المبادرات مشروع، و تستمر المشروعية في ارتباطها الحقيقي بها كمبادر مستقل مع ذلك تظل التسيرية مطالبة بخروج يكشف الأمر بتفاصيله المختلفة لأنه من ناحية تانية يمثل الأمر جزء من التاريخ الذي سيدون وهو ما لا يحتمل التأخير أكثر ولتضع الجمهور أمام الحقائق
من ناحية ثانية مراحل صياغة الدساتير/ صناعتها لاتقف في الصياغة والتعديلات بل اقتران بداية العملية بما يحقق قبولا مرتبط بقدرته على النهوض والاقناع لكونه أحاط معرفيا وإجرائيا بما هو منوط به.
من ناحية ثالثة غياب الشفافية تقلل من القيمة المعنوية لمسودة/ الدستور ولغيره مثل مسودة/ قانون الحق في الحصول على المعلومة إذا تغيبت الشفافية من سياق صناعة الدستور.