بقلم : محمد بدوي

استباقا لنهاية منافسات كأس العالم التي تستضيفها دولة قطر، يأتي هذا المقال لمناقشة دور قطر المرتبط بالشأن السوداني انطلاقا من علاقتها بنظام الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني المحلول ، لابد من الإشارة الي أن ملف كاس العالم والتحضير الأمر الذي جعلها تقف بعيدة نسبيا مقارنة بعلاقتها السابقة بالخرطوم ، وهنا يطل السؤال حول ماهي السيناريوهات المتوقعة عقب انقضاء المنافسة مع استصحاب أن العالم لم يعد كما كان  قبل جائحة كورونا وكذلك لن تعود قطر  كما كانت قبل انطلاق صافرة المباراة الافتتاحية، هذا عطفا على سجل تغلبها على ترسانة العقبات من أجل استضافة المنافسة.
فيما ارتبط بالسودان فقد قادت استراتيجية ترتيب الأولويات إلى أن باعدت بين الدوحة و استضافة  قادة الإسلاميين السودانيين عقب اسقاطهم   في الخرطوم، كما  برزت ملامح  من التحول يمكن رصدها في  سياسة قناة الجزيرة الإخبارية من التعامل  الأحداث في السودان إلى أن وصل الأمر إلى إغلاق مكتبها بالخرطوم في وقت سابق عقب انقلاب اكتوبر٢٠٢١،بينما كانت الدوحة مركزا شهد ففي السابق أبرز تصريحات عراب الإسلاميين الدكتور حسن عبدالله الترابي حول الهندسة الايدلوجية التي استهدفوا بها الواقع في السودان،الى جانب السياق السياسي الأبرز و المتمثل في اتفاق وثيقة الدوحة ٢٠١١ الذي انتهي  في وقت مبكر بالفشل محمولا على طبيعته ومتأثرا بالعلاقة بين الخرطوم والدوحة .
استضافتها وتميزها في تنظيم المسابقة الكروية الأهم عالميا حتى الآن يفرض بالضرورة واقعا جديدا في كافة الجوانب الاقتصادية، الثقافية الدبلوماسية والضرورة السياسية التي ستفرص واقع جديد يتطلب  استراتيجية  لإدارة وأدوات تتسق معه، المشهد الأولي يكشف إلى أن هنالك ثمة تحضير للتعامل عطفا على  الاختراقات التي  تحققت ومن ابسط مظاهرها الارتداء الواسع  للزي القطري وسط  الجماهير بشكل عكس العمق الثقافي للمونديال وهو ما لا يمكن النظر إليه بمعزل من تفاصيل زخم احتفال الافتتاح الذي حمل رسائل إنسانية رفيعة جعلت الرياضة تلتحم بقيم المساواة والتعدد والكونية.
قراءة المشهد السوداني  في ظل تركيز قطر على هدفها، يشير إلى تعدد المحاور التي تدخلت في الشأن السوداني خلال الفترة الانتقالية، لكن ماهي النتائج؟
إذا نظرنا لإسرائيل فإنها راهنت على الاقتراب من المكون العسكري بهدف تكتيكي واستراتيجية هما دعم الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو لكن لأن سلك الطريق غير المعبد فكان نصيبه السقوط لأنه لم يتمكن من إنجاز صفقة إعادة اللاجئين السودانيين في إسرائيل ثم الاستراتيجي وهو  التطبيع مع الخرطوم والذي لحق سابقه فهي إلى جانب أهميتها كانت قد تسهل الطريق نحو مقديشو بعد تحقق التطبيع مع نواكشط،  مصر العربية التي حققت  تاني اكبر عائدات من  التجارة الخارجية من السوق السودانية خلال ٢٠٢٠/٢٠٢١ في الفترة الحرجة المرتبطة بجائحة كورونا لم تكسب من اقترابها من المكون العسكري في ملف سد النهضة بل انتهزت اثيوبيا الفرصة ليس وقوفا مع الشارع لكن تطابق في الموقف بمسارعتها لتجميد عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي في ٢٧ اكتوبر ٢٠٢١ فتمكنت من الوصول للملا الثالث للسد خلال فترة سريان الانقلاب الإمارات العربية هي الأخرى تعثرت بوقوفها مع المكون العسكري فلم تنال السيطرة على ميناء بورتسودان لتكمل مثلث السيطرة بعد مينائي باربرا بأرض الصومال وعصب بأريتريا، حتى صفقة استئجار الفشقة تراجعت بعد أن قطع الانقلاب ما كان يدور بشأنه، المملكة العربية السعودية التي لعبت ادوار محورية منذ ٢٠١٥ بإنهاء تحالف الخرطوم مع إيران ثم ملف رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية في ٢٠١٧، برزت ردود الفعل من زاوية مختلفة جدا وهى الحملة الإعلامية الرافضة لزيارة الوفد الاستثماري لبعض رجال الأعمال إلى نيرتتي بوسط دارفور، فكان مؤشر لجرد الحساب المرتبط بالصورة في ذاكرة الشارع ، روسيا ناورت كثيرا بخصوص القاعدة البحرية لكن شغلتها الحرب مع أوكرانيا وكذلك الصراعات داخل المكون العسكري والحيلولة بينها وموطئ قدم يعزز اتفاق ٢٠١٧ مع الخرطوم على ساحل البحر الاحمر.
باستعراض السجل أعلاه يثور السؤال حول سياسة قطر تجاه السودان عقب انقضاء المنافسات هل ستركن للدخول في السباق ام ستسعي لدور مختلف تحت تأثير التغيرات الإيجابية للمونديال، يجعلها اقرب لمناصرة التحول المدني للشارع السوداني من موقف اصيل عبر بوابة الشعب أو حكومته المدنية واستصحاب الإجابة على سؤال الصورة Image التي يجدر تركها في ذاكرة العلاقات الدولية

كما أشرت فقد نجحت قطر في استضافة المونديال في توقيت ظل العالم أحوج إلى كسر نمط اثار الجائحة، ليكون أمامها اقتناص، اللحظة التاريخية التي أشرعت أبوابها  من أجل الصعود كقوة دولية محصنة باحترام إرادة الشعوب والعلاقات الصديقة .