بقلم: الواثق كمير
في الخامسِ من ديسمبر الجاري، تم الإعلان عن التوقيع على ’الاتفاق الإطاري” بين بعضٍ من قوى الحريةوالتغيير- المجلس المركزي إضافة إلى مجموعات سياسية أخرى، من جِهةٍ، والقائد العام للجيش وقائد الدعم السربع، من جِهةٍ أخرى. ومنذ ذلك الحين، ظل يثور جدلٌ كثيفٌ حول مضمون وثيقة الاتفاق والمنهج الذي اتبعته هذه القوى في التوصل لهذا الاتفاق. جمعت معارضة الاتفاق قوى متباينة الأهداف والرؤى السياسية لفترة الانتقال (ضمت للمفارقة *الجذريين* بكافة تشكيلاتهم، والكتلة الديمقراطية، والاسلاميين وحلفائهم). ويتساءل الرافضون للاتفاق الإطاري عن ما إذا كانت النسخةُ التى تمت تِلاوتها في حفلِ التوقيعِ هي نفس النسخة الموقعُ عليها؟ أم هناك وثيقة لم يُفصح عنها؟ ولماذا لا يُكشّف عن، ويُنشّر النص الموقع عليه، والممهور بتوقيعاتِ كل أطرافه؟
بغرضِ تنويرِ الرأي العام في هذا الشأن، والإجابة على هذه التساؤلات، نظمت اللجنة الإعلامية لقوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي ندوة صحفية، في 20 ديسمبر الجاري. وفي معرض كلمته حول حيثيات التوقيع على الاتفاق الإطاري، ميَّز السيد صديق الصادق الاتفاق عن الاتفاقات السابقة كونه لم يوقعّ بين طرفين (عسكرى ومدني)، لكل منهما مصلحته الخاصة، ونوه إلى أنّ نصوص الاتفاق، بحدِ تعبيرهِ: *من الألف للياء ما فيها كلمة “الحرية والتغيير” مذكورة*. صحيح، أن إسم قوى الحرية والتغيير ك *تحالف* لم يظهر ضِمن قائمة الموقعين إثرِ قرار سابق للتحالف بأن توقع القوى السياسية فرادى بشخصياتها الاعتبارية وليس بواسطة الكتل أو التحالفات (الجدير ذكره أن هذا هو موقف قديم للحزب الشيوعي اشترطه على أطراف ذات المجلس المركزي لقوى الحريةوالتغيير).
وكذلك، في كلمته التي تلت مباشرة افتتاحية الأستاذ صديق الصادق، تعرض الأستاذ خالد عمر لتفنيد ما سارت به الركبانُ بأن نسخة الاتفاق الموقعة ليست هي نفس النسخة التي ذاع خبرها وعم قرى وحضر الأسافير، بل أشار ووجه إلى الكاميرا أسماء التنظيمات وتوقيعاتها.
المفارقة، أن الأستاذ خالد أشار إلى الخانات الشاغرة للكيانات غير الموقعةِ على الاتفاق، والتي بحدِ قوله هي *أطراف متفق عليها والتى سنظل نسعى باستمرار بأن تكون جزءاً من المرحلة الثانية وجزءاً من الاتفاق النهائي*. تشمل هذه القوى “المتفق عليها” تحديدا: حزب البعث العربي الاشتراكي، حركة تحرير السودان/القائد مناوي، وحركة العدل والمساواة/د. جبريل. أفهم واتفهم جيداً منطق ومسعى قوى الحرية والتغيير لضم هذه القوى *المتفق عليها* إلى قائمة الموقعين على الاتفاق الإطاري. ومع ذلك، في رأيي أن هذا المنهج قد لا يقود إلى نتائجه المنطقية في خلق أكبر قدر من التوافق السياسي الذي تستدعيه ظروف وشروط الانتقال نحو التحول الديمقراطي السلمي.
خلاصة الأمر، ما أعلمه أن أي وثيقةٍ سياسيةٍ، مهما كان موضوعها، يتم عرضها ونشرها مع الموقِّعين عليها فقط، دون ترك خانات شاغرة لمن هم من المتوقع أن يوقعوا عليها! (ربما باستثناء بعض اتفاقيات السلام بين نظام الانقاذ والحركات المسلحة بغرض الإغراء وزرع الشقاق، أو الحالات التي تقتضيها دواعي أمنية). أظُن أنّ المؤتمر الصحفي لقوى الحرية والتغيير كان سيبدو أكثر تعبيراً عن صلابةِ ومصداقيةِ موقف هذه القوى إذا أشركت معها، ولو بعض، ممن شاركوا في التوقيع على الاتفاق، بدلاً عن انتظارِ *المُتوقّعين* حتى يِقبلوا على التوقيع!