بقلم: محمد بدوي

تابعت باهتمام خطاب قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو بولاية وسط دارفور عقب أحداث سوق مرين بزالنجي، المهم فيه أنه أستعرض سجل طويل من الأحداث أشار إليها بسياق ” شيطنة قوات الدعم السريع”، بدأ من فض الاعتصام، بورتسودان، كسلا، غرب كردفان، شرق نيالا، زالنجي، ثم كشفه عن جهات خططت لقلب نظام الحكم بدولة إفريقيا الوسطي انطلاقا من السودان، اضاف خطط لتلك القوات ارتداء زي قوات الدعم السريع، مضيفا إلي أن الزي يصنع داخل السودان وبعضها يستورد لقلة التكلفة، في تقديري أن الخطاب مثل حدثا مهما في بداية العام ٢٠٢٣ أهمية صدوره من دارفور يطرح سؤال هل قصد حميدتى القول بأن أحداث بليل وزالنجي جاءتا في توقيت زمني لصرف الانظار عن ما خطط لتنفيذه في أفريقيا الوسطي؟ ولاسيما أنه إضافة بان الحدث تزامن مع تواجد عدد قليل من قوات الدعم السريع، يمكن قراءة ذلك مع التصريحات التي كشفت نشر قوات اضافية بمنطقة ام دخن الحدودية مع افريقيا الوسطي واغلاق جزئي للحدود، كان قد سبق حميدتى الدكتور محمد عيسي عليو في تصريح نشره موقع الترا سودان عقب احداث بليل” بأن الكشف عن من وراء الاحداث قد يمثل تهديدا للأمن القومي” فهل يصب تصريح عليو في ذات سياق ما دفع به حميدتى وقصد تغييب الكشف عن الجهة/ الجهات التي تسعي الي شيطنة الدعم السريع ولماذا؟
أهمية الإجابة ايضا تنبع من ارتباط الاستقرار في افريقيا الوسطي بالسودان خلال الفترة الماضية ولا سيما أن مصادر موثوقة كشفت عن أن تنصيب الرئيس السابق لأفريقيا الوسطي في ٢٠١٣” ديجوجيه “, الذي كان قنصلا لبلاده بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور قد تم من داخل السودان بواسطة قوات حرس الحدود آنذاك بقيادة محمد عبدالله ” شرارة “التي حملته بعد ان تم نقله من حي الجير بنيالا للإقامة بأحد الفنادق بوسط نيالا حتى تمت حياكة البدل الرئاسية ثم ايصاله الي سدة الحكم في بلاده، لاحقا كشفت وسائل الإعلام بأن ” شرارة” قتل لاحقا في ٢٠١٤ بنيالا في مواجهة بين قواته وقوات جهاز الامن والمخابرات الوطني آنذاك، اضافت المصادر الي ان السبب الراجح للمواجهة هو رفض شرارة تسليم السلطات الحكومية سيارات مصفحة عاد بها من القصر الرئاسي لأفريقيا الوسطي، تظل أهمية الإجابة تتعاظم لارتباطها ايضا بحالة الامن الداخلية واستهداف المدنيين عقب سقوط نظام الحركة الاسلامية في ابريل ٢٠١٩ وحتى الراهن، بالإضافة الي انها ستختبر مصداقية ما اثير حول ” شيطنة الدعم السريع” وسيناريو ملاحقة للأحداث عقب وقوعها كما صورها التصريح حيث أن الرابط بين جميعها غياب العدالة ومصير بعض ضحاياها لا يزال معلقا مثل حالات الاختفاء القسري على سبيل المثال لا الحصر.

كشف حميدتى عن مهاتفات تمت بينه وبين اللواء على يعقوب جبريل قائد الدعم السريع ورئيس لجنة المصالحات، في تقديري أن ذلك لفت الانتباه للجنة المصالحات، وهنا يثور سؤال حول طبيعتها وعلاقتها بتحقيق العدالة، وهو ما يتطلب استعراض غير مخل لنشاطها منذ الإعلان عنها في نوفمبر ٢٠٢١ حيث بدا نشاطها على خلفية احداث جبل مون بين المسيرية جبل والعرب، الجنينة بين المساليت والعرب، الدمازين بين الفونج والهوسا، جميع الأحداث شهدت موجة ثانية نسفت اعلانات وقف العدائيات التي اشرفت عليه اللجنة، هاهو آخر نشاط لها في أحداث سوق مرين بزالنجي، قبل مناقشة عدم جدوي نشاط اللجنة جاءت الإجابة على لسان حميدتى بانه لابد من التحقيق الجاد في الاحداث والحرص على بلوغه نهايته، من ناحية ثانية اللجنة لا يمكن تصنيفها تحت لجان العدالة العرفية لأنها تخضع لاشراف جسم عسكري وهو ما بعدم العلاقة العرفية عضم ظهر القانون العرفي كما أن طبيعة الأحداث وتكرارها تتطلب العدالة الجنائية من اجل تحقق الانصاف والردع العام .

المراقب للأحداث يقف على سعي حميدتى منذ وقت مبكر لكسب ود الإدارة الاهلية، بلغ الأمر قضاءه عدة أشهر من يونيو ٢٠٢٢ بدارفور محاولا تجسير العلاقة، القي حميدتى بثقله تجاه الإدارة الاهلية التي اخضع غالبها خلال فترة سيطرة النظام السابق للهندسة الاجتماعية والايدلوجية، سواء عبر تعديل قانون الحكم المحلي أم نشاط وحدة أمن القبائل، فسار دون ان يدري ان تلك المغامرة محفوفة بالمخاطر، فالنظر الي سجل العلاقة بينها وبين المخلوع البشير لادرك بأن الإدارة الاهلية تعايشت مع التغيرات فاسقط البشير وهم باقون، كشفت وسائل الإعلام عن بذل حميدتى العناية والعطايا لبعض الإدارة الا انه و قبل فترة قصيرة اعلن عن زيارة للعديد من القادة الاهليين من دارفور للجد الطيب واعلان تأييدهم لمبادرته، بالمقابل هاهو الجد يكشف قبل ايام وفقا لوسائل الإعلام عن موقف مبادرته المناهض للتسوية الجارية التي اعلن حميدتى دعمه لها، اكثر من ذلك سرد حميدتى خلافه مع الإدارة الاهلية ثم اعتذارهم له على خلفية رفضه بدء زيارته بالذهاب الي مقر تواجد سلطان الداجو بجنوب دارفور لأنه لم يستقبله بالمطار، اضاف اخبرتهم بأنى ذاهب الي مكان الحريق ” القري المحروقة فاذا كان السلطان هناك فهو ذاهب الي المكان” الأمر الذي جعل الإدارة الاهلية تعتذر له واعقبت ذلك بإصدار بيان، ثم تطرق الي أن أحد افراد الإدارة الاهلية طلب منه اعتذارا بالمقابل، لكنه رفض ثم ذكر له انه يعلم انه من الفلول ,”اعضاء النظام السابق” اضاف،بأن الإدارة الاهلية المرتبط بأحزاب ستجبر على الانضمام لأحزابها وممارسة اجندتها تحت مظلتها، فهل أدرك حميدتى أن انقلاب ٢٥ اكتوبر٢٠٢١ لم ينبت وردا بل ” حسكنيت فلول أهلي ”

تظل تصريحات حميدتى عن محاولة الانقلاب في افريقيا الوسطي، وسجل الصراعات خلال الفترة الانتقالية والاتهام غير المعلن لجهه ما بالوقوف خلفه يثير السؤال عن مالات التسوية السياسية هل التوقيع النهائي سيحسم محاولات ” شيطنة الدعم السريع”؟ الأمر الثاني لم يكشف الدعم السريع حتى الآن عن موقفه من المبادرة المصرية التي بدأت اجتماعات وفدها ببعض المكونات السياسية بالخرطوم؟ الأمر الثالث والمهم هو صمت الخارجية السودانية على التصريحات حول المحاولة الانقلابية بأفريقيا الوسطي تثير الاستغراب والحيرة معا في وقت نشطت فيه وسائل التواصل الاجتماعي بكوميديا إعادة بعض الإدارة الاهلية للبكاسي فهل هي رسالة ثانية لحميدتى من الإدارة الاهلية لكن هذه المرة من مكان آخر بعيدا عن جنوب دارفور.

اخيرا: يبدو أن العام ٢٠٢٢ قبل أن ينقضي قرر ” عرض حال ” فشل انقلاب ٢٥ اكتوبر٢٠٢١، مشيرا أن ما تم أعاد الفلول عبر بوابة الإدارة الاهلية و” شيطنة الدعم السريع ” بمحاولة السلطة في افريقيا الوسطي فى راهن لا يزال الاتحاد الافريقي يجمد عضوية السودان منذ ٢٧ أكتوبر ٢٠٢١، إذن لابد من إسقاط الانقلاب قوة واقتدارا وان تطاول ليله.

✓ الحسكنيت : أشواك لنبته تلصق بالانسان والحيوان معا عند الاقتراب من النبته، عند محاولة إزالتها قد تلصق بالكف، وتستخدم فى المخاطبة كتابة عن الوقوع في الازمات او الورطات