الجميل الفاضل يكتب:
بدا لافتا قبل نحو عقدين من السنوات، ان أبحاثا اجراها عالم الوراثة الإيطالي لويجي لوكا كافللي سفورزا، نشر خلاصتها في كتاب صدر في العام (٢٠٠١) بعنوان “الإنسان في الشتات.. تاريخ التنوع الوراثي، والهجرات البشرية الكبري”، كانت قد توصلت ذات الأبحاث تقريبا الي ذات نتائج معهد “Big Data” بجامعة اوكسفورد البريطانية، التي اعتبرت ان أقدم السلالات البشرية قد عاشت في السودان قبل نحو مليون سنة.
فيما أكد العالم الايطالي: أن أهمية الخريطة الجينية للسودانيين بالنسبة لبقية سكان العالم أجمع، تنبع من حقيقة أن أسلاف السودانيين يرجع إليهم، من ناحية جينية، كل البشر في عالم اليوم، وأن عنصري القِدَمْ، والتواصل المستمر، هما اكثر ما يميز الخريطة الجينية للسودانيين.
حيث أثبتت أبحاث البروفيسور لويجي: أن تسعين بالمائة من النساء السودانيات يحملن “مورثات” متصلة دون انقطاع منذ بداية نشوء النوع البشري على وجه الأرض والي يومنا هذا.
ورجح سفورزا أن أصل الإنسان وفق آراء معظم العلماء يعود إلى منطقة جزيرة “صاي” في شمال السودان الحالي، التي عثر فيها العلماء على أقدم الجينات البشرية، وتحديداً بمنطقة ” كرمة .”
وكان عالم الوراثة الايطالي، قد قطع بأنّ أي إنسان على وجه الأرض، لابد أن ترجع أصوله الجينية إلى هذه المنطقة من السودان.
واضاف بأن الأصل لا يمكن أن يصنف، لعدم وجود ما يمكن ان يقارن به، مردفا بأنه إذا أردنا الوصول إلى فهم أدق وصحيح للجنس البشري، فلا بد لنا من دراسة “جينوم” السودانيين. وكشف كتاب “تاريخ التنوع الوراثي، والهجرات البشرية الكبري” ان عددا من العلماء صدر عنهم ما يفيد بأنّ السودانيين لا يمكن تصنيفهم عرقياً كغيرهم من الأجناس حسب جيناتهم باعتبار أن السودانيين هم الأصل.
وفي ذات السياق أكد عالم الآثار السويسري شارلي بونيه أنّ الحضارة النوبية هي أول حضارة قامت على وجه الأرض، وبالتالي فانها تعتبر أعرق حضارة شهدها التاريخ.
مشيرا الي أن مدينة ” كرمة ” في شمال السودان تعد اول عاصمة لمملكة في العالم علي الاطلاق.
ولعل من ابرز الشواهد أيضا التي تعزز فرضية أن السودان هو اصل البشرية في اوجه ومناحي الحياة المختلفة، ما أكده الباحث السوداني الدكتور جعفر ميرغني، الذي اكد أن اللغة المروية تعتبر أول لغة تم كتابتها بحروف ابجدية في العالم، اذ قال في احدي محاضرته: إن الحرف المروي هو اساس الحروف الاخري، بما في ذلك الخط الحبشي القديم، والحميري، والعربي، والاغريقي، واشار الي ان المؤرخ “هيرودوتس” اورد في كتاباته ان المرويين كانوا أول من كتب الأبجدية، وعلمها للعالم، رغم ان اللغة المروية للمفارقة ظلت الي الآن لغزا طلسميا استعصي علي الناس فك شفرته.
– ونواصل –