بقلم: الطيب كنونة

يعد التخطيط الحقيقي، مؤشرا ناجحا ودافعا لأي تنمية تسهم في رقي وتقدم البشرية، إذ تقلل من مخاطر الازمات والكوارث، والتي يمكن تداركها وان حدثت تكون بأقل الخسائر، لعل إسهامات الدراسات المتعددة من متخصصين وذوي خبرات من شأنه ان يدفع بعمليات التنمية المستدامة لمرافئ الأهداف المقصودة والمطلوبة، في العديد من المناحي، تأتى الأرض والمياه والعمران المخطط والخضرة والنشاطات الاقتصادية ضمن تلك المساهمات الهامة في عملية الحماية للإنسان وماحوله، والتي لا مناص منها، رعاية وتحسين من وقت لآخر، لما لها من أهمية.

يتنادى لها العالم بأثره سنويا، مراجعة ورصدا، كتخطيط سليم وآمن لحياة خالية من الأمراض، إذا نظرنا لواقعنا في السودان، نجد العديد من الممارسات التي أضرت بقيمة الأرض وما حولها، والحزام الأخضر جنوب الخرطوم نموذجا، والذي تم إستزارعه في ستنيات القرن الماضي علي مساحة7 ألف فدان زرع باشجار ذات خصوصية عالية وبداخله مزارع للاسماك..ونشاطات صغرى، والهدف الرئيسى منه حماية الخرطوم وماحولها من التصحر والأتربة، وتلطيف الجو صيفا، وفوائد متعدده ذات قيم عالية تعنى بحياة الإنسان، تم ازالته دون دراسة او تخطيط، ليس هذا فحسب بل وتم انشاء اكبر حوض من مخلفات الإنسان وقامت حوله مدن و احياء سكنية لمعالجة مناطق كانت وسط و جنوب الخرطوم لتصبح مخططات استثمارية لمن يمتلك المال الوفير والنفوذ، وتوسعت في مساحة الحزام الأخضر والذي كان يعتبر محمية طبيعية العديد من المصانع والشركات.الخ.

لن ينسى سكان جنوب الحزام وشماله وسكان ابو ادم وما حولها تلك الليلة القاسية والمرعبة من قصف لمصنع اليرموك في23اكتوبر/2012، ذلك الهجوم المباغت والتي قامت به دولة العدو الصهيوني وحلفائها، ولولا لطف الله بعباده وحمايته لهم لحدث انفجار هائل في مستودعات البترول وأخريات، ولسجل التاريخ مأساة اخرى لا تقل كارثة عن هيروشيما ونجازاكي في اغسطس1945 في نهايات الحرب العالمية الثانية.

والخطر الماثل الآن وفي كل مدن السودان الأخرى وجود بعض المؤسسات العسكرية والمصانع وغيرها والتي أصبحت تحيط بالمساكن، وهي خطر محدق مالم يتم ترحليها حماية للإنسان والبئية، كما أن للشركات والمصانع..الخ واجب ان تؤديه في حماية الإنسان والبيئة كمسئولية إجتماعية، وضريبة واجب سدادها، بإنشاء محميات التحوطات اللازمة من الأدخنة ومخلفات لتلك المصانع ومكبات للنفايات في تلك الأحياء وتأثيرها المباشر علي الانسان والحيوان والمياه، ومساحات خصصت كمتنفسات أصبحت مشاريع متعدده لأفراد وشركات، لا يهمها إلا التكسب المالي والعائد السريع دون النظر لتلك المخاطر، وقد أدت عمليات الخصخصة المقصودة في عهد الإنقاذ لعديد من المصالح الحكومية والمؤسسات والتي كانت تعنى بالبيئه كالنقل المكانيكي، والذي يحرم استيراد اي عربات دون المواصفات التي تلائم بيئة السودان وأيضا التشييد والأشغال العامة والتي كانت الطرق من ضمن مسئولياتها ومانراه الآن من شركات ليست لها خبرة تستورد الآليات وتشيد المعابر والجسور مما يؤثر علي أموال يمكن ان تسهم في معالجة ضروريات أخرى، تفعل كما شاء لها دون حسيب او رقيب.

ويمثل القطع المتعمد علي الغطاء النباتي وتحويله لأهداف متنوعة اخطارا عديدة أسهمت في تردي البئية، ومخاطر أخرى غير مرئية تنتظر أجيال قادمة، والريف الذي أصبح طاردا للسكان، وفق سياسة مقصودة لذاتها، بعد أن جففت الخدمات الضرورية للإنسان فيه أصبح طاردا وصارت المدن مكانا وملاذا آمنا له كحق طبيعي لحياة كريمة، وبالتالي تم ترييف المدن، والذي تم عن قصد له وما عليه من السوالب والتي ترمي بظلاها الأمنية والتنموية ..الخ علي البيئة ويعكس هذا مدى التخبط في عدم إدراك أهمية التخطيط العمراني و التنموي.

حتما ستدفع الأجيال القادمة والحالية فاتورة تلك الأخطاء وتكلفتها و المتوقع حدوثها، إذا لم ننظر للبيئة وماحولها من مؤثرات وتكاليف، وباعتبارها صمام الأمان لحياة خالية من التلوث الذي يتم بفعل الإنسان ونشاطه،  وسوء التخطيط، لتلافي كل تلك الأخطار لابد من ان تضمن البئية ومايحيطها من إشكاليات راهنه ولاحقة لتصبح مادة دراسية إلزامية في كل مراحل التعليم يحفز الطلاب علي دراستها وممارستها ، ،ترصد لها الجوائز والمشجعات الأخرى، ويؤدي الإعلام بكل منصاته المتنوعة أدوار ذات أهمية فعالة في الرقابه والتوجية وكشف المستور، وإصلاح الإعوجاج .بعيدا عن المخاطر ،قريبا من السلامة واستدامة الأمان البيئي لغد مشرق يحمل في أحشائه جنين إنسان معافي من العلل والأمراض.غدا تخضر الأرض اليباب.
الي ان نلتقي..يبقي الود بيننا