بقلم : محمد بدوي

هاتفني أحد الأصدقاء مشفقا على ما آلت إليه الاوضاع في السودان متضامناً بالوصول إلى وقف عاجل للإقتتال ثم دفع بسؤال عن طبيعة ما يجري الآن؟ فكانت إجابتي، إنها حرب دوافعها تخص طرفيه أما الخاسر فيها الوطن، فمنذ اندلاعها في ١٥ أبريل٢٠٢٣ ظلت التصريحات تتري من قائدي الجيش والدعم السريع، بينما غاب عن المشهد وزير الدفاع الفريق يس إبراهيم.

إعلان فتح معبر القلابات بين السودان واثيوبيا يعيد صورة الحرب الاثيوبية بين أديس ابابا وجبهه التقراي، التي بسببها لجأ ما يزيد عن ٨٨ ألف لاجئ إلى السودان، ولكنها رغم ذلك لم يكن من مناص سوى اتفاق الأطراف على وقف اطلاق النار، والبحث عن حلول، فهاهو المعبر سيشهد أغرب حركة في التاريخ فارون يعبرون من حيث أتى الفارون الأخرون. فيا للعنة الحرب!

ما بدأ في ١٥ ابريل ٢٠٢٣ حفز سكان غرب دارفور للبحث عن سلم لأول مرة منذ ١٩٩٥، لكن اياد الحرب سبقت إعلان الاتفاق بساعات، فالمدنيين الذين حرمهم الاقتتال ارتداء ملابس جديدة في العيد، وجدوا من يحثهم على الحصول المجاني على اسلحة جديدة، ما يحدث سياق مختلف عن ما يحدث في الخرطوم الآن فهنالك من يود انزلاق الجميع في حرب اثنية، ابحثوا عن من يوزع السلاح ويخفي الدواء والكساء حينها سيقف الموت المجاني.

حرب الشوارع والقصف بالطائرات كلاهما جرم سيقود إلى دخول اطراف اخرى ايدلوجية، وعبثية، لا منتصر فيها بل فيها متكسبون من تجارة السلاح والمخدرات وتهريب الذهب.

خروج نزلاء السجون من الهدى، كوبر، سوبا، نيالا، وشالا،بداية قد تشمل معظم السجون فالأسباب متعددة لكن حصار الجوع والعطش في علاقة طردية مع استمرار الحرب .

مناظر الجثث المحترقة و إلى جانبها من يحاولون الحصول على قطع من السيارات العسكرية التي فر مقاتليها، نهب المصانع والمحال وتفكيكها، لا تخرج اسبابها من السوء الذي دفع اليه جنرالان وجها موارد الدولة لسابق التسليح ثم اندلاع الاشتباك في لحظة ظل الجميع يغالب الجوع بالصبر والرجاء .

 السودان دولة قديمة تاريخيا وفي حروبها الداخلية، نزوحها ولجوئها، انقلاباتها وسوء ادارة دولة ما بعد الاستقلال، لكن سوء كيزانها أقدم من كل هذا السجل لأن الوطن عندهم محمول ايدلوجي يدور حول السلطة و يغيب عنه الشعب والارض