سلاميديا-وفاق التجاني. 

 

درج مصطلح “جنى جيش” في السودان للتعبير عن الاطفال كقوة مساندة لاي تنظيم عسكري، وكان الوسم يطلق لوصف اي طفل حامل للسلاح. وابتكر اللفظ منذ حرب الجنوب بقيادة الحركة الشعبية، مرورا بجيوش الحركات المسلحة، ويبدو ان حرب السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ستعيد إحياء الوسم من جديد. 

 

واقع جديد ترسمه الحرب الدائرة في السودان، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي بدأت في ١٥ ابريل، بعد ظهور أكثر من فيديو وتقارير صحفية تؤكد تجنيد عدد من الاطفال لصالح طرفي النزاع.

 

وتناولت مواقع التواصل الاجتماعي عدد من الفيديوهات تظهر تعبئة قوات الدعم السريع لأطفال في اقليم دارفور، ويتضمن الفيديو خطاب كراهية بشكل واضح داعين فيه الاطفال لمواصلة مسيرة قياداتهم في حال دعت الضرورة. 

 

كما تناولت تقارير صحفية لمجلة “أثر” ان معسكرات التجنيد بالولاية الشمالية تحتوي عددا من المستنفرات دون سن 18 عاما، وذكر التقرير ان رغبتهن لحمل السلاح هو فقط لحماية أنفسهن في حال تعرضن لهجوم من قبل قوات الدعم السريع، فيما اظهرت صور أخري لمستنفرين يحملون السلاح يبدو أنهم دون السن القانونية.

 

جريمة حرب 

 

لكن بشكل مباشر او غير مباشر نجد ان القوتيين العسكريتين متورطتين بجريمة حرب، حيث حظرت الاتفاقيات الدولية تجنيد الأطفال واستعمالهم في العمليات العدائية سواء تلك المتعلقة بالمنظومة القانونية للقانون الدولي الإنساني، أو تلك المتعلقة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.

 

وقال د. محمد تيراب استاذ جامعي ومتخصص بالعلاقات الدولية وادارة النزاعات، ان هناك مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية الملزمة للأطراف بحماية حقوق الاطفال. 

 

وأضاف تيراب على وجه الخصوص ما يلي شان التجنيد، وتعتبر قواعد قانونية له:

اتفاقية حقوق الطفل ” المادة 38,39

البروتكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشراك الأطفال في المنازعات المسلحة، مادتي 4 و5 

الاتفاقية بشأن أسوأ أشكال عمل الاطفال والاشكال الفورية للقضاء عليها: المادة 3 

نظام روما الاساسي لميثاق المحكمة الجنائية الدولية: المادة 8- البند 26

 

واكد تيراب ان السودان موقع ومصادق على اتفاقية حقوق الطفل

والاتفاقية بشأن أسوأ أشكال عمل الاطفال والاشكال الفورية للقضاء عليها

وموقع على نظام روما الاساسي لميثاق المحكمة الجنائية الدولية لكن دون المصادقة عليه ما يعني انه ” غير ملزم به في حالة عدم المصادقة” 

ولكن السودان غير موقع للبروتكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشراك الاطفال في المنازعات المسلحة، مؤكدا ان تجنيد الاطفال في كل الحالات يعتبر جريمة حرب ومن الجرائم ضد الانسانية.

 

وللسودان تاريخ طويل في عسكرة الاطفال ابتداء من حرب الجنوب التي بدأت في الثمانينات، مرورا بالمعارك والمنازعات بين جيوش الحركات المسلحة وانتهاء بحرب 15 ابريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. 

 

وخاض السودان وجنوب السودان حروبا متعددة دارت بين الجيش السوداني والحركة الشعبية، استمرت عشرات السنين انتهت باستفتاء شعبي في العام 2011 افضى انفصال جنوب السودان. 

 

وقال الامين العام لمنظمة عدم الافلات من العقاب عثمان علي جامع، في حديثه عن تجنيد الاطفال والزج بهم في الصراعات ان معظم الجيوش في السودان استخدمت الاطفال وجندتهم عسكريا، وأكد ان هناك تقارير دولية تثبت تورطهم في هذه الجريمة. 

 

ونفى جامع تجنيد الاطفال في السودان بشكل قانوني، مشيرا انه يمكن التحايل على القانون بتزوير شهادات الميلاد، مؤكدا ان الجيوش دائما تعتمد على التعبئة القبلية والحماس وغسل الدماغ، للاحتفاظ بالأطفال كقوة مساندة.

 

وتخوف جامع من افلات المتورطين في تجنيد الاطفال من العقاب بسبب قوانين الدولة الشمولية، وقال ان السودان دولة ذات حكم شمولي، والقوانيين فيها شكلية فقط، واشار ان السودان في قوانينه يجرم تجنيد الاطفال وهو مصادق وموقع على عدد من الاتفاقيات الدولية بهذا الصدد، وأكد ان المنظمات الدولية تدين عسكرة الاطفال وقال “مع ذلك لا نضمن عدم الافلات من العقاب للمتورطين بهذه الجريمة”. 

انتهاك لحقوق الاطفال

 

ولتجنيد الاطفال اثار اجتماعية سيئة قد تفاقم ازمات خطابات الكراهية والعنصرية لفترات طويلة وتدخل السودان في دورة لا نهاية لها من العنف القبلي.

 

وقالت الباحثة الاجتماعية ثريا ابراهيم انه لا يوجد مبرر لتجنيد وعسكرة الاطفال مشيرة ان ما يحدث الان يعتبر انتهاك لحقوق الاطفال، بإمكانه ان يدخل السودان في دوامة عنف قبلي. 

 

وأضافت ثريا ان أثر الحرب النفسي على الجنود – حتى البالغين منهم – قوي جدا ناهيك عن الاطفال، مؤكدة ان الجنود في جميع المعسكرات ربما يواجهون الموت، والاغتصاب، والعنف الجنسي وجميعها تترك اثار نفسية سيئة للأشخاص الذين يتعرضون لها او حتى الذين يشاهدونها. 

ولفتت ثريا ان هناك عدة اسباب تدفع الاسر لسماح أبناءهم بالتجنيد لصالح أحد الطرفين، من بينها الدفاع عن النفس والاهل والممتلكات وأحيانا الفقر، واشارت ان هناك اطفال يتم تجنيدهم قسريا.