سلاميديا

منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، شن سلاح الجو التابع للجيش هجمات على قواعد للدعم السريع وأهداف مدنية بالعاصمة الخرطوم. وبعد مرور 140 يوماً، وبتاريخ الثالث من سبتمبر 2023م، شنت الطائرات الحربية التابعة لسلاح الجو السوداني أول غارة جوية على مدينة نيالا ــــــــ ولاية جنوب دارفور وفق سودان تريبيون. وبحسب مصادر إعلامية متعددة تسببت الغارات الجوية المتتالية والبالغ عددها 42 غارة شُنت على مدن وقرى ولايات دارفور الخمس؛ حيث خلفّت عدداً من القتلى والجرحى، بينهم أطفال ونساء وعجزة، اضافة إلى نفوق رؤوس من الماشية. وأحدثت الغارات المتتالية أضراراً في البنى التحتية شملت المستشفيات والمدارس والأسواق وأهم جسر يربط شمال مدينة نيالا بجنوبها. هذا بجانب تدمير مئات المنازل. وقد سُجلت آخر غارتين جويتين على مدينتي نيالا والجنينة في 14 يوليو2024م.

ونشير إلى أن المعلومات الواردة في هذا التقرير حصل عليها فريق سلاميديا من خلال عمليات جمع، رصد، تحليل والتحقق من عدد من المصادر .

 

 الخريطة أدناه توضح مواقع الغارات الجوية والأضرار.

 

توقيت الغارات الجوية:

لاحظت سلاميديا أن مواقيت الغارات الجوية على مدن الإقليم متباينة بين الفترة الصباحية والظهيرة ومنتصف الليل؛ لكنها كانت أكثر حدة خلال الفترات المسائية. وقد بلغت خلال فترة الأول من سبتمبر 2023م وحتى 15 يوليو 2024م حوالي ست غارات صباحاً، 11 منها نهاراً و14 غارة ليلاً وثلاثة غارات فجراً وثمانية غارات لم تحدد وسائل الإعلام مواقيتها. وشهدت مدينة الفاشر وحدها ما لا يقل عن 12 غارة ليلية وتسع غارات نهاراً وست غارات في الفترة الصباحية. بينما شهدت نيالا غارتين في الصباح وأخرتين في النهار وغارة ليلاً. أما مدينة الجنينة فقد قُصفت مرة واحدة في الصباح وواحدة في الليل. ولم ترد إحصائيات عن توقيت القصف في مدينة الضعين.

 الشكل أدناه يوضح عدد الغارات الجوية ومواقيتها.

 

الغارات الجوية على مدينة نيالا:

خلال فترة الثالث من سبتمبر 2023م وحتى 14 يوليو 2024م شنت طائرات الجيش أكثر من 15غارة جوية في أوقات متفرقة؛ بلغت ذروتها في الأشهر الثلاثة الاولى من العام الجاري. وقد تم رصد ثمانِ غارات كانت أعنفها بتاريخ 29 ديسمبر2023م، وبحسب صحيفة دارفور24 نقلاً عن شهود عيان، إن أغلب الغارات على المدينة تمت في منتصف الليل.

الغارات الجوية على مدينة الفاشر:

وكان لولاية شمال دارفور الحظ الأوفر من الغارات الجوية، حيث تعرضت لــــ 31 غارة، تركز أغلبها في مدينة الفاشر لتمتد بعدها إلى مدن “مليط، كبكابية، كتم، دونكي البعاشيم، الزُرُق والكومة حسبما ما ورد في صحيفة دارفور ٢٤ بتاريخ ٢٥، ٢٦ مارس ٢٠٢٤م.

 

 

الغارات الجوية على الجنينة والضعين:

شهدت ولايتي غرب وشرق دارفور غارات جوية أقل مقارنة بولايتي جنوب وشمال دارفور، حيث شن طيران الجيش ثلاث غارات على مدينة الضعين مخلفة 44 قتيلاً و 62 جريحاً. بينما شهدت مدينة الجنينة غارتين مخلفة قتيلة و ستة جرحى حسب صحيفة دارفور24.

 

 

نيالا الأكثر عدداً في ضحايا الغارات الجوية:

من خلال بحث سلاميديا في قضية الغارات الجوية التي شنها طيران الجيش على إقليم دارفور، تلاحظ ان القصف اشتد على مدينة نيالا وبلغ ذروته بعد انسحاب القوات المسلحة من المدينة وسيطرة قوات الدعم السريع عليها؛ الأمر الذي أسهم في زيادة أعداد الضحايا وسط المدنيين، خلافاً لما يحدث في ولاية شمال دارفور، فقد تركزت الغارات الجوية على الفاشر ولا زالت المعارك تجري بين أطراف الحرب التي تعددت بعد انضمام بعض حركات الكفاح المسلح للقتال في صفوف الجيش.

استهداف المرافق المدنية:

أ

أدت الغارات الجوية التي شنها طيران الجيش في الفترة من سبتمبر 2023 وحتى يوليو 2024 الى تدمير أعداد كبيرة من المرافق المدنية بإقليم دارفور خاصة المستشفيات، المدارس، الأحياء السكنية، المباني الحكومية، محطات توليد وتوزيع الكهرباء، الأسواق، آبار المياه والمساجد.

أنواع الطائرات المستخدمة في الغارات الجوية:

بحسب افادات شهود العيان الذين تحدثوا لوسائل الإعلام صحيفة دارفور24 وراديو تمازج فقد أشار أغلبهم إلى أن الطائرات التي ظلت تشن غارات على مدن الإقليم من طراز ميج المقاتلة، وقاذفات القنابل من طراز الانتنوف الروسية الصنع، فالأولى تلقي بالقذائف الصاروخية والثانية بالبراميل المتفجرة. وبالمقابل أفاد مواطنون من مدينة نيالا أن قوات الدعم السريع استخدمت الطائرات المسيرة لمهاجمة مواقع ارتكازات القوات المسلحة وسط المدينة خلال فترة اشتداد حدة المعارك بينهما.

التحقق من الصور ومقاطع الفيديو:

تحقق فريق سلاميديا من الصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بقصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني لمدن وقرى إقليم دارفور، والتي بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة من سبتمبر 2023م إلى يوليو 2024م ووجدت سلاميديا أن المواد المنشورة سليمة ولم يتم التلاعب بها، وأظهرت حجم الدمار الذي ألحقه القصف على الأعيان المدنية ونفوق الماشية.

 

مرفق نماذج لروابط فيديو توضح آثار بعض الغارات الجوية في كل من نيالا، الفاشر، الزُرُق، مليط، كبكابية، الضعين والجنينة.

 

رابط فيديو الغارة الجوية على مدينة مليط:

 https://x.com/dvs2030/status/1783865845074034753

رابط فيديو الغارة الجوية على مدينة نيالا:

 https://www.facebook.com/tarig.mackie/videos/266179969575632/?__tn__=%2CO

رابط الغارة على مدينة الجنية: https://www.facebook.com/AlGnenaNews/videos/1531649207437778/?__tn__=%2CO

رابط فيديو الغارة الجوية على مدينة الضعين:

https://www.facebook.com/AJA.Sudan/videos/411295604802252/?__tn__=%2CO

رابط فيديو الغارة الجوية على منطقة الزرق:

https://www.facebook.com/AJA.Sudan/videos/1032707684459925/?__tn__=%2CO

رابط فيديو الغارة الجوية على مدينة كبكابية:

https://youtu.be/H5TCIb1jOdY?feature=shared

 

سلاح الجو مقابل المسيرات: 

 

استخدم سلاح الجو التابع للجيش السوداني في عمليات القصف عدداً من الطائرات الحربية، منها طائرات سوخوي المقاتلة وقاذفات القنابل من طراز الأنتنوف، وفقاً لشهود عيان من ولايات إقليم دارفور. في ذات السياق أظهرت مقاطع منشورة على وسائل التواصل الإجتماعي إستخدام الدعم السريع لطائرات مسيرة.  قامت سلاميديا بتتبع سلاح الجو السوداني والطائرات التي يمتلكها بجانب المطارات الحربية التي يستخدمها، وبحسب موقع Scramble فأن الجيش السوداني يمتلك 14 قاعدة جوية في السودان موزعة بين أقاليمه المختلفة، وبعد نشوب الحرب سيطرت قوات الدعم السريع على عدد من هذه القواعد وبعضها في حالة نزاع بين الطرفين كما يظهر في الخريطة أدناه.

المصدر/ موقع  Scramble

منذ اندلاع القتال في أبريل 2023م أعلنت قوات الدعم السريع عن إسقاط عدداً من الطائرات المقاتلة التابعة للجيش السوداني، وبالمقابل فإن الجيش وعبر منصات إعلامية ذكر إنه اسقط مسيرات تتبع للدعم السريع الجزيرة، ٢٠ يوليو ٢٠٢٣م، ومن خلال البحث في المنصات الرسمية للدعم السريع والجيش، فأن الدعم السريع ذكر أنه أسقط طائرتين تتبعان للجيش السوداني، في ولاية شمال دارفور موقع قوات الدعم السريع على منصة أكس، التاسع من أكتوبر ٢٠٢٣م، وبولاية جنوب دارفور في ١٣ يونيو ٢٠٢٤م صفحة قوات الدعم السريع علي منصة أكس، ١٣ يونيو ٢٠٢٤م، وهو ما أكدته لاحقاً مقاطع فيديو تُظهر حطام الطائرة التي تم إسقاطها في الحدود بين ولايتي جنوب وشرق دارفور.

 

 وبحسب موقع  قناة الجزيرة  أنه في سبتمبر 2023م قصفت قوات الدعم السريع مقر فرقة الجيش في نيالا بالمسيرات. وأظهرت مقاطع فيديو بثتها حسابات مناصرة للدعم السريع على منصة إكس قصف تم عبر المسيرات في ولاية شمال دارفور، ما أكدته مقاطع فيديو أخرى نشرتها حسابات مناصرة للجيش السوداني تُظهر عملية إسقاط مسيرة من قبل قوات الحركات المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش. وبحسب الفيديو؛ فإن تلك المسيرة تعود للدعم السريع. وقد تحقق فريق سلاميديا من مقاطع الفيديو المتداولة، وتبين أنها سليمة ولم يتم التلاعب بها، كما تزامن نشر  الفيديو مع المعارك الجارية على الأرض.

 

 

ردود الفعل الداخلية:

في يوم 26 مايو 2024م أصدرت مجموعة محامي الطوارئ الحقوقية بياناً طالبت فيه بإجراء تحقيق شفاف لكشف ملابسات القصف العشوائي المتكرر لطيران الجيش السوداني وتقديم مسؤوليه للعدالة. وقد أعربت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في بيان بتاريخ 26ابريل 2023م استنكارها لعمليات القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين، وقالت إن سلاح الطيران التابع للقوات المسلحة قد شن عمليات قصف جوي في ولاية شمال دارفور بمدن كبكابية وكتم، حيث أوقعت عدداً كبيراً من القتلى والجرحى في أوساط المدنيين العُزل. وأعربت تقدم عن استنكارها الشديد للقصف الجوي الذي يستهدف المدنيين بشكل متواصل منذ اندلاع الحرب، وطالبت بالتوقف فوراً عن استهداف المدنيين بالغارات الجوية والقصف المدفعي.

 

وفي ذات السياق ذكر حزب المؤتمر السوداني في بيان صحفي له نشر بموقع صحيفة الراكوبة الإلكترونية إن الجيش السوداني ارتكب جريمة حرب جديدة في شمال دارفور ضمن سلسلة جرائم طرفي حرب 15 أبريل، وأن سلاح الطيران شن يوم الجمعة 26 أبريل 2024م غارات جوية على مدينة مليط بشمال دارفور، مما أدى لمقتل العديد من المدنيات والمدنيين الأبرياء، بالإضافة لنفوق أعداد كبيرة من الماشية. وأدان البيان ما وصفه بــــــــ “الجريمة المريعة التي تمثل تجسيد حقيقي لعدم اكتراث طرفي الحرب بقيمة حياة وممتلكات المدنيات والمدنيين، ولا بقيمة الوطن”.

 

ردود الفعل الخارجية:

في أبريل الماضي تزامناً مع مؤتمر باريس للقضايا الإنسانية في السودان، ذكر مفوّض الاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي على صفحة الإتحاد الأوروبي بالسودان على الفيس بوك،  أن “ثمة جهات خارجية تعمل على تأجيج القتال من خلال التزويد بالنقود والأسلحة، ويقوم متدخلون مثل إيران بتسليم الأسلحة إلى القوات المسلحة السودانية، بما في ذلك طائرات بدون طيار”.

 

وفي ذات السياق ذكرت السيدة، مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة في إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام، ذكرت للسفراء بمجلس الأمن أن الحالة في مدينة الفاشر تبعث على القلق وهي تتعرض لقصف بلا هوادة، بهجمات جوية وفظائع ضد المدنيين على أسس عرقية موقع أخبار الأمم المتحدة، ١٨ يونيو ٢٠٢٤م.

 

أيضاً ذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقريرها السنوي للعام 2024م إن طرفي النزاع في السودان إرتكبا جرائم في حق المدنيين خاصة في إقليم دارفور، و قالت المنظمة إن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم في ولاية غرب دارفور – الجنينة، وأن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني شن غارات جوية على كل مدن الإقليم، وفي سبتمبر 2023 لقي 40 شخصاً حتفهم في ولاية جنوب دارفور – نيالا نتيجة لذلك القصف.

 

وفي وقت سابق دعا آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، إلى إجراءات فورية في السودان تشمل فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة موقع سبوتنيك، ١٠ يوليو ٢٠٢٣م. من جانبها نقلت قناة الجزيرة القطرية، عن آبي أحمد قوله، إن قمة إيغاد دعت لإجراءات فورية في السودان تشمل فرض منطقة حظر للطيران ونزع المدفعية الثقيلة.

 

في يوليو ٢٠٢٤م اعتمد مجلس الاتحاد الاوروبي إجراءات تقييدية ضد ستة أفراد مسؤولين عن أنشطة تقوض الاستقرار والانتقال السياسي في السودان، من بينهم اللواء، الطاهر محمد العوض، قائد سلاح الطيران السوداني، لمسؤوليته عن القصف الجوي للمناطق السكنية المكتظة بالسكان منذ بداية النزاع مجلس الإتحاد الأوروبي، ٢٤ يونيو ٢٠٢٤م.