تقرير سلاميديا
أصدرت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان تقريرها بعد سبعة أشهر من البحث وجمع المعلومات حول الحقائق والظروف والأسباب الجذرية للانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والجرائم ذات الصلة التي ارتكبها طرفا الحرب والقوات المساندة لهما. إلا أنه فور صدور التقرير أعلنت الحكومة رفضها لما جاء فيه جملة وتفصيلاً؛ متهمة إياها بعدم المهنية والاستقلالية. بينما وصفت قوات الدعم السريع نتائج التقرير بغير المتوازنة، وقالت في بياناً لها أن البعثة لم تزر المناطق تحت سيطرتها، ومع ذلك دعت إلى تمديد ولاية البعثة.
منهجية عمل البعثة
تواصلت البعثة مع كل من جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، مصر، إثيوبيا، كينيا، جنوب السودان وأوغندا؛ بغرض الحصول على تعاونها ومنحها حق الوصول إلى السودانيين المتواجدين في أراضيها لجمع المعلومات، مع العلم أنها لم تتحصل على استجابة الحكومة السودانية عند طلبها لزيارة السودان. واتبعت البعثة منهجية المقابلات المباشرة وعبر الانترنت مع السودانيين من قادة المجتمع، منظمات المجتمع المدني، الضحايا والناجين في كل من (تشاد، أوغندا، كينيا، وسويسرا).
نتائج التحقيقات
توصلت البعثة في تقريرها الى ان طرفي الحرب في السودان ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما يعد انتهاكا للقانون الدولي الإنساني والميثاق الدولي لحقوق الإنسان.
توصيات البعثة
أوصت البعثة في تقريرها بنشر قوة مستقلة ومحايدة مكلفة بحماية المدنيين، وتوسيع نطاق حظر السلاح ليشمل كل السودان، وإلزام الفاعلين الدوليين و الإقليميين بالقرار 1556 الصادر من مجلس الأمن الدولي والخاص بحظر السلاح في دارفور والقرارات اللاحقة له. كما أوصت مجلس الأمن بتوسيع نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل كامل أراضي السودان؛ والنظر على وجه السرعة في إنشاء آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنبا ًإلى جنب مع المحكمة الجنائية الدولية، واستكشاف مسارات أخرى للعدالة لضمان مساءلة الجناة على جميع المستويات.
ردود الفعل الداخلية
أطلقت ما يزيد عن 60 من الكيانات الحقوقية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني السودانية، حملة تطالب بتمديد ولاية البعثة ــ الذي سينتهي وفقاً لقرار تشكيلها ــ بمجرد تقديم تقريرها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 12 سبتمبر 2024م. وأرسلت الكيانات خطابات الى 46 من الدول الأعضاء الدائمين والمراقبين في مجلس حقوق الإنسان؛ تضمنت مطالب بضرورة تصويت هذه الدول لصالح تمديد ولاية البعثة لعام آخر. كما أرسلت رسالة مفتوحة الى سكرتارية مجلس حقوق الإنسان، تدعو فيها هيئة المجلس للإجماع على التصويت لإبقاء البعثة وتمديد ولايتها. وأعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، دعمها لتمديد عمل البعثة لاستكمال تحقيقاتها وكشف الانتهاكات التي لحقت بالمدنيين جراء الصراع.
طرفا الصراع
رفضت حكومة السودان ما جاء في التقرير جملة وتفصيلاً وفق بيان أصدرته وزارة خارجيتها؛ قالت فيه أن البعثة تفتقد للمهنية والاستقلالية زاعمة أنها هيئة سياسية وليست قانونية. ويجئ رفض حكومة السودان للتقرير تعضيداً لموقفها الرافض للبعثة منذ تشكيلها.
بينما ادعت قوات الدعم السريع في بيان، أنها أول من طالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وأنها أبدت استعدادها لدعم تلك اللجنة؛ معربة عن استعدادها للقاء أعضاء البعثة وتنسيق تبادل المعلومات ومعالجة ادعاءات محددة وردت في التقرير. علماً بأن البعثة لم تقم بزيارة المناطق تحت سيطرة قوات الدعم السريع لإجراء التحقيق على الأرض.
ردود الفعل الخارجية
جاءت ردود الفعل الخارجية مرحبة بالتقرير، حيث أصدر الاتحاد الاوروبي بياناً أشاد فيه بعمل البعثة، وشدد على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم وعدم الإفلات من العقاب. إلى ذلك، أكد توم بيرللو، المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، دعمهم لعمل بعثة تقصي الحقائق في لقاء له على (SBC)، وصفاً تقريرالبعثة بالوثيقة المهمة. وذكر أن صوت السودانيين المطالب بتدخل قوات لحفظ السلام أصبح عالياً، لكنه استبعد نشر قوة دولية، مشيراً الى وجود خيار لارسال قوة من الاتحاد الأفريقي.
تنفيذ توصيات البعثة
رغم تباين ردود الفعل الداخلية والخارجية حول تقرير بعثة تقصي الحقائق والتوقعات حول اعتماد مجلس الأمن الدولي للتوصيات الواردة في تقرير البعثة؛ إلا أنه في جلسته الأخيرة، اقتصر الأمر في قرار بالإجماع يقضي بتمديد قراراته السابقة حول حظر السلاح على دارفور وتجديد العقوبات الفردية حتى 12 سبتمبر 2025م.
بقراءة ما ورد في التقرير، ومقاربته مع ردود الأفعال الداخلية والخارجية وقرار مجلس الأمن الأخير نجد أن مجلس الأمن لم يعتمد توصيات تقرير البعثة، وإنما قام بتمديد قراره السابق بشأن حظر الاسلحة في دارفور وفرض عقوبات فردية. على الرغم من مطالبة بعض ردود الأفعال بتنفيذ توصيات البعثة وتمديد ولايتها.