تصاعد القتال بين القوات المسلحة والقوة المشتركة ضد قوات الدعم السريع بعد إعلان الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية وسويسرا رفع مفاوضات جنيف في 23 أغسطس 2024م، حدث التصعيد رغم ضغوط المجتمع الدولي على الطرفين لوقف القتال في مدينة الفاشر. جراء ذلك يواجه المدنيين في إقليم دارفور اوضاعاً إنسانية قاسية بسبب المعارك التي تدور بالمدينة والغارات الجوية المستمرة التي يشنها الطيران الحربي التابع للقوات المسلحة.

في هذا التقرير يرصد فريق سلاميديا، المعارك التي دارت في مدينة الفاشر عقب تعليق مفاوضات جنيف، وأثر ذلك على حياة المدنيين بدارفور، وجدوى الضغوط الدولية على الواقع بالفاشر.

 

الهجمات المتبادلة

ظلت قوات الدعم السريع تشن هجمات متتالية للسيطرة على مدينة الفاشر منذ مايو 2024م، الى أن بلغت الهجمات أكثر من 137 هجمة؛ إلا أن القوات المسلحة والقوة المشتركة قالوا إنهم تصدوا لجميع تلك الهجمات. في ذات الحين نشرت عناصر من قوات الدعم السريع فيديوهات تؤكد توغلها داخل المدينة، وذلك ما أكده تحقق راديو دبنقا، حول الفيديوهات المنشورة. علماً أن قوات الدعم السريع تحاصر الفاشر من جميع الاتجاهات منذ مايو 2024م؛ وهي الفترة التي دخلت فيها القوة المشتركة في القتال، ما أعطى ابعاداً ودوافعاً اثنية للمعركة جعل المخاوف تتصاعد من تحولها إلى حرب أهلية؛ بناء على تنبيه انتونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، “إن أي تصعيد آخر سيهدد بنشر النزاع بين المجتمعات في دارفور”.

ازدادت وتيرة الغارات الجوية على الإقليم مع ارتفاع حدة المعارك في مدينة الفاشر، حيث بلغت أكثر من 50 غارة في الفترة ما بين الأول من أغسطس إلى السادس من سبتمبر 2024م، مقارنة بعدد ثلاث غارات جوية فقط خلال الأسابيع الخمسة السابقة لشهر أغسطس، وفقاً لتقرير المركز الأمريكي لبيانات النزاعات المسلحة (أكلد). واشار ان كل تلك الغارات مرتبطة بالمعارك الجارية في مدينة الفاشر. ورجح التقرير أن يكون تصعيد الغارات الجوية على الإقليم في هذه الفترة مرتبطًا باستلام القوات المسلحة 15 طائرة مقاتلة جديدة؛ وهو ما يظهر من خلال رصد فريق سلاميديا لعدد 12 غارة جوية اضافية في الفترة ما بين التاسع إلى 27 سبتمبر 2024م، حيث تركز القصف على مدن نيالا، الفاشر، الضعين ومليط، كورما وسرف عمرة.

القتلي والجرحى

خلفت المعارك في مدينة الفاشر والغارات الجوية التي يشنها الطيران التابع للقوات المسلحة على إقليم دارفور، العديد من القتلى والجرحى خلال الفترة التي أعقبت مفاوضات جنيف. وقالت لجان مقاومة الفاشر في صفحتها على فيسبوك إن 13 شخصاً بينهم نساء وأطفال قتلوا جراء سقوط قذيفة مدفعية في سوق الفاشر بالقرب من مدرسة الفاشر الأهلية، كما سجلت اسماء قتيلتين، وأربعة جريحات وجريح آخر جراء قصف مدفعي استهدف مركز الإيواء بمدرسة زين العابدين، بحي كفوت بالفاشر، إضافة الى قتيلين وعدد من الجرحى جراء سقوط قذيفة مدفعية في مدرستي الإتحاد الثانوية وابن سيناء وبعض المنازل المجاورة لهما. وأشارت لجان مقاومة الفاشر الى مقتل 20 شخص واصابة 32 آخرين جراء القصف الذي تعرض له سوق وميدان داخل معسكر ابو شوك للنازحين.

ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فقد خلفت المعارك في يومي 20 و21 سبتمبر، ما لا يقل عن 20 قتيلاً من المدنيين؛ وتم تدمير العديد من المحلات التجارية بسبب القصف المدفعي بالقرب من السوق الرئيسي. كما وثقت المفوضية حالات إعدامات ميدانية وعنف جنسي قائم على النوع الاجتماعي، فضلاً عن تقارير عن اختطاف ما لا يقل عن خمس نساء وعدة شباب في الفاشر.

 

آثار الحصار على الأسواق

أدى إستمرار الحصار المضروب على مدينة الفاشر الى شح في المواد الغذائية والبترولية والدواء والماء وارتفاع في الأسعار، مع وجود تباين في البيع بالنقد وعبر التطبيقات البنكية، حسب ما ورد في القائمة التي نشرتها لجان مقاومة الفاشر. وفي محاولة لإحكام الحصار على الفاشر ذكر أحد قادة المجتمع المحلي وعدد من التجار بمحلية السلام جنوب الفاشر، أن قوات الدعم السريع قررت منع دخول وخروج السلع التجارية من وإلى المدينة، مشيرين الى أن هذا القرار سيكون له آثار على الوضع المعيشي للسكان المحليين.

النزوح

أجبرت المعارك التي تدور في مدينة الفاشر منذ مايو الماضي آلاف الأسر على النزوح بحثاً عن مناطق أكثر أماناً. حيث أشارت مصفوفة تتبع النزوح والهجرة الدولية- بحسب دارفور24– الى نزوح اكثر من 150 أسرة إلى مخيم زمزم يوم الخميس 12 سبتمبر 2024م. إلا قلة  الطرق الآمنة للخروج من المدينة، والتكاليف الباهظة للمغادرة؛ أدت إلى محاصرة العديد من المدنيين في المدينة.

بحسب تقارير المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام ، أن هناك محاولات متعددة لتنظيم رحلات لإجلاء المدنيين من الفاشر، ولكنها للأسف تواجه بعض التحديات بما في ذلك الموارد الغير الكافية؛ وربما يكون ذلك ممكنا بالحصول على دعم من منظمات حقوق الإنسان لإجلاء المدنيين. ذكر أحد المدافعين عن حقوق الإنسان للمركز الافريقي “إن الوضع الإنساني في الفاشر مزرٍ، والقيود المفروضة على الحركة لم تؤد إلا إلى تفاقم الوضع، حيث أصبح المدنيون غير قادرين على طلب أو تلقي المساعدات”. ويقدر العدد الإجمالي للمدنيين في الفاشر حالياً بنحو ،344,648؛ علاوة على فتح أبواب مخيم زمزم للنازحين الذي يستضيف حوالي 295,000 نازح لإستضافة حوالى 142,595 نازحاً جديداً بعد اندلاع الحرب. وقال مواطن آخر “إن الفرصة الوحيدة للهروب من مخيم زمزم إلى منطقة طويلة هي بمساعدة السيد عبد الواحد نور الذي ينظم رحلات لإجلاء النازحين من مخيم زمزم إلى طويلة كل يوم جمعة. وقد تمكن آخرون من الفرار عبر خزان جديد إلى ليبيا أو ولاية شرق السودان”